مساجد مصر تحولت إلى منابر سياسية في امتحان الدستور

رغم تعليمات وزارة الأوقاف بمنع خطبائها من التحدث في السياسة

TT

خيمت أجواء استفتاء 19 مارس (آذار) 2011 بتعديلاته التسعة الشهيرة في أعقاب ثورة 25 يناير على منابر المساجد المصرية، والتي بدت وكأنها بمثابة صناديق مفتوحة للاقتراع، أو ماراثون مفتوح بين من سيفوزون بالجنة ومن سيدخلون النار في امتحان الدستور. خاصة في القرى والنجوع والميادين بصعيد مصر، وذلك لتحذير البسطاء من التصويت على الدستور الجديد بـ«لا»، وخداع الشعب مرة جديدة بأن التصويت على الدستور بـ«نعم» فيه مرضاة للمولى عز وجل وسبب في استقرار للبلاد ونهضتها.

ورغم التعليمات الصريحة من قبل وزارة الأوقاف بمنع خطباء المساجد من التحدث في الأمور السياسية، إلا أن كثيرا من الخطباء والأئمة أعموا أبصارهم عن تلك التحذيرات وأصروا على تحويل المساجد إلى منابر سياسية، حيث دارت معظم الخطب في المساجد المصرية حول الاستفتاء على الدستور الجديد، وضرورة التصويت بـ«نعم»، إرضاء لرب العباد وحفاظا على الهوية الإسلامية وأملا في استقرار البلاد والقضاء على الفوضى.

ولم يتورع بعض الخطباء عن إذكاء روح الفتنة بالإشارة إلى أن الكنائس المصرية حشدت رعاياها للتصويت على الاستفتاء بـ«لا» لإجهاض المشروع الإسلامي، وحث المصلين على مواجهة هذا الخطر بالتصويت بـ«نعم»، حتى يعرف كل فصيل حجمه الحقيقي في هذا البلد.

وكان من أبرز الخطب التي أثارت جدلا واسعا بين المصلين، خطبة ألقاها الشيخ علاء مفتاح، إمام مسجد الكلالسة، التي دعا فيها إلى تدخل جهاز الأمن الوطني، ودعاه إلى اليقظة لأن هناك مؤامرات تحاك وتدبر لزعزعة استقرار البلاد.

وفى مدينة نجع حمادي شهدت ساحة مسجد الأوقاف اشتباكات بالأيدي بين مؤيدي ومعارضي الدستور عقب صلاة الجمعة، إلا أنها لم تسفر عن أي إصابات من الجانبين، وتمكن عدد من المواطنين من فض الاشتباك بين الطرفين، حيث أصر أعضاء القوى المدنية والإسلامية على التجمع أمام المسجد للتأكيد على موقفهم من الاستفتاء على الدستور وحث أنصارهم على تبني وجهات نظرهم، وهتفوا ضد رموز المعارضة «البرادعي باطل.. الصباحي باطل».

وبالتزامن مع ذلك تجمع أمام المسجد نفسه العشرات من أعضاء القوى السياسية الممثلة في حزب الدستور والحزب الناصري وحزب الكرامة وحزب المؤتمر وجبهة الإنقاذ الوطني، للتأكيد على رفضهم للدستور المشوه والمقيد للحريات، على حد وصفهم.

ولم يقتصر هذا المناخ على الصعيد وحده بل عمت النغمة الترهيبية كثيرا من المساجد في القاهرة والإسكندرية ومدن وسط الدلتا. ففي مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية لم يتمكن الشيخ أحمد المحلاوي، إمام وخطيب مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، من استكمال الدرس الذي يلقيه على المصلين عقب انتهاء صلاة الجمعة أمس بعد أن فقد المصلون والمستمعون للدرس أعصابهم وقاموا بحصار المسجد وطالبوا بنزوله من على المنبر متهمين إياه بأنه يستغل منبر المسجد الأكبر في محافظة الإسكندرية للدعاية لجماعة الإخوان المسلمين والرئيس مرسي، وأنه يدعو المصلين للتصويت بـ«نعم» على الدستور.

ولم يتحمل المئات من المصلين والمستمعين للدرس ما يقوله الشيخ حيث انبرى عدد منهم مطالبا بنزوله من على المنبر لأنه يستخدمه في الدعاية السياسية، وهذا مخالف للقانون مما دعا عددا من الشباب للتصدي للمعترضين، وقاموا باحتجاز ثلاثة منهم وأوسعوهم ضربا وأدخلوهم المسجد عنوة وأغلقوا الأبواب عليهم وهو ما أدى لاندلاع اشتباكات عنيفة بين العشرات من أفراد جماعة الإخوان الذين قاموا بغلق أبواب المسجد على المحلاوي والمحتجزين الثلاثة داخل المسجد فيما حاول المصلون خارجه الدخول محاولة منهم لفك أسر زملائهم.