قصف إعلامي بين فرقاء السياسة في مصر قبيل بدء الاستفتاء على الدستور

البرادعي لـ«مرسي»: «اتق الله في مصر».. و«التأسيسية» تدافع عن مشروعها

TT

تبادل فرقاء المشهد السياسي في مصر أمس قصفا إعلاميا قبل ساعات من بدء التصويت في الاستفتاء على دستور مثير للجدل، بحسب مراقبين، وضعته جمعية تأسيسية مطعون في قانونيتها، وبينما دعا الدكتور محمد البرادعي، الذي يتزعم جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، الرئيس محمد مرسي، لتأجيل الاستفتاء على الدستور، قائلا: «يا دكتور مرسي اتق الله في مصر، وأجلوا الاستفتاء لأنه سيؤدي لعدم الاستقرار»، محذرا من نشوب مصادمات بسببه، عقد مجموعة من القيادات المشاركة في وضع الدستور مؤتمرا صحافيا للدفاع عن مشروع الدستور.

ودخلت مؤسسة الرئاسة على خط الترويج للاستفتاء على الدستور، وأصدرت مساء أول من أمس بيانا وجهته للإعلام الغربي شرحت فيه سياسات الرئيس مرسي، وخارطة طريقه في الحكم وأوضحت أهدافه في كل ما اتخذه من قرارات ومبررات تلك القرارات.

وصدر البيان باللغة الإنجليزية عن مكتب الدكتور عصام الحداد، مساعد الرئيس للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، وحمل عنوان «بيان حول خريطة طريق الرئيس مرسي إلى ديمقراطية تمثيلية وشاملة».

وقال البيان إنه تم التوصل إلى «اتفاق بالإجماع على مواد الدستور التي يمكن تعديلها، إذا تم التوصل إلى اتفاق بالإجماع حول تلك المواد، سيدعو الرئيس كل الأحزاب السياسية لديباجة اتفاق بالتعديلات المقدمة على الدستور فور اجتماع البرلمان الجديد».

ونظمت قيادات في حزب جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوسط (الإسلامي)، ممن شاركوا في وضع دستور البلاد الجديد، مؤتمرا صحافيا للرد على ما وصفوه «حملة الأكاذيب» التي طالت مواد الدستور.

وقال أبو العلا ماضي، عضو التأسيسية، إنه خلال «الأيام الماضية لاحظنا كما كبيرا من الأكاذيب ودعوات تثير الفتنة بشأن مشروع الدستور»، مشيرا إلى أن كل الإجراءات الخاصة بالجمعية سليمة، وأن الدستور تمت صياغته بالتوافق.

وكانت القوى السياسية المدنية وممثلو عدة نقابات وممثلو الكنائس المصرية المشاركون في الجمعية التأسيسية قد أعلنوا قبل نحو شهر انسحابهم من التأسيسية اعتراضا على فرض القوى الإسلامية رؤيتها على الدستور الجديد.

وسعى الرئيس مرسي إلى تحصين الجمعية التأسيسية بإعلان دستوري، تم إلغاؤه تحت الضغط الشعبي، فيما سارعت الجمعية في الانتهاء من مشروع الدستور عشية نظر المحكمة الدستورية العليا دعوى بطلانها، وحاصر أعضاء جماعة الإخوان المسلمين مقر المحكمة، وقال قضاتها إنهم منعوا من دخول مقرهم، وعلقوا العمل بالمحكمة.

وتابع ماضي الذي بدت عليه العصبية «نضع كل تاريخنا ومصداقيتنا بين أيديكم، نحن الذين عشنا عيشكم في الحواري والأزقة نقول إن هذا الدستور هو أفضل دستور عرفته مصر، ومن يقول غير ذلك فهو كاذب، ونحن تعلمنا أن لعنة الله على الكاذبين».

في المقابل، قال البرادعي في كلمة تلفزيونية، مساء الخميس: «مرسي خالف وعده بما يخص الدستور ولجنته، الحكم أمانة وصدق، والرسول عليه الصلاة والسلام كان الصادق الأمين».

وأضاف البرادعي، رئيس حزب الدستور المنضوي تحت مظلة جبهة الإنقاذ: «الاستفتاء باطل، ومشروع الدستور أيضا، وسنعمل طيلة الوقت بكل الوسائل السلمية والديمقراطية على إسقاطه، فالدستور يكرر نموذج (الرئيس السابق) حسني مبارك مرة أخرى».

وتابع: «الدستور لا صلة له بالشريعة أو الدين، وهو باطل وكلنا مع الشريعة سواء المسلم أو المسيحي، فالمسودة ضد الشريعة، وتهدر حقوق المرأة وتجبر الطفل على العمل وتهدر حقوق الإنسان ومحاكمة المدني أمام القضاء العسكري وتصنع رئيسا ديكتاتورا، وتضيع حقوق الفقراء وحلم الثورة».

وأشاد البرادعي بموقف القضاة الذين أعلنوا مقاطعة الإشراف على الاستفتاء، قائلا: «القضاة رفضوا الاستفتاء لأنهم يعلمون أنه باطل، وسيخلق (مبارك) جديدا، وهو لا يمثل الثورة ولا يحمي الفقراء ولا العدالة الاجتماعية».

وأضاف البرادعي: «تصورنا بعد الثورة أنه سيكون هناك مشاركة، وليس مغالبة وهو عكس ما يحدث، ولم يصدق الإخوان، وهم لم يحاولوا التواصل مع الشعب، وهم كفصيل واحد يحاول فرض إرادته على الشعب المصري، ونحن مصريون ولنا الحق في المشاركة في إدارة بلدنا».

وعلى الصعيد نفسه، أعلن الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، والذي لعب دورا توافقيا قبل انسحابه من تأسيسية الدستور، أن موقف الحزب من الاستفتاء على الدستور هو رفض المقاطعة والذهاب بالتصويت بـ«لا» عليه.

كما أعلنت هيئة مكتب حزب مصر برئاسة الدكتور عمرو خالد، المشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد مع التصويت بلا، وذلك بعد استطلاع رأي قيادات الحزب وقواعده الشبابية. وأرجع بيان أصدره الحزب الليلة قبل الماضية هذا الموقف إلى عدم وجود توافق وطني على مشروع الدستور الجديد.

إلى ذلك، شكلت جبهة الإنقاذ الوطني غرف عمليات في مختلف المحافظات، استعدادا لمراقبة الإشراف على الاستفتاء، حيث ضمت الغرفة عناصر ممثلة عن الأحزاب والحركات الشبابية المتحالفة تحت مظلة الجبهة. وجددت قيادات الجبهة الوطنية للإنقاذ في مؤتمر صحافي بمقر حزب المصريين الأحرار، أمس، دعوتها لجماهير الشعب المصري للمشاركة في الاستفتاء والتصويت بـ«لا»، مؤكدة ثقتها في أن المصريين قادرون على إسقاط الدستور الذي وصفته بـ«الباطل».

وحذرت الجبهة من تزوير الانتخابات. وقال نقيب المحامين سامح عاشور إن الجبهة رصدت سعي حزب الإخوان إلى انتداب أساتذة جامعيين في أسيوط للإشراف على الانتخابات في حال تغيب عدد من القضاة في ظل مقاطعة معظم القضاة الإشراف على استفتاء وصفوه بـ«غير الشرعي».

وفي خطوة من شأنها التأثير على مصداقية الاستفتاء، أعلن مركز «كارتر» عن عدم قيامه بإرسال متابعين لمراقبة عملية الاستفتاء على مشروع الدستور المصري، قائلا في بيان له أمس إن «النشر المتأخر للقواعد المتعلقة باعتماد المتابعين لم يدع للمركز مجالا للقيام بتقييم شامل لكافة عناصر عملية الاستفتاء، وفقا لمنهجيته المهنية لمتابعة الانتخابات». وأشار مركز كارتر إلى قيام فريق الخبراء الفنيين العاملين به بإصدار المزيد من البيانات الخاصة بعملية الاستفتاء في وقت لاحق.