ملايين المصريين يقترعون على الدستور الجديد وسط حراسة الجيش بزيه الجديد

استمرار الاستقطاب بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه.. ورصد خروقات للاستفتاء

مصريون في انتظار دورهم للإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور (أ.ف.ب)
TT

رصدت لجان حقوقية خروقات للاستفتاء على مشروع الدستور الجديد الذي جرت مرحلته الأولى أمس، وشارك فيه ملايين الناخبين المصريين، وسط حالة من الاستقطاب بين الإسلاميين المؤيدين للرئيس محمد مرسي ومعارضيهم الليبراليين الذين يقولون إن مشروع الدستور الجديد يعمق الانقسامات السياسية في البلاد. ويتهم ائتلاف من اليساريين والاشتراكيين والمسيحيين والمسلمين الليبراليين مرسي بطرح دستور لا يمثل كل المصريين على الشعب.

ويجري التصويت على مرحلتين كل منهما تغطي محافظات مختلفة.. فالمرحلة الأولى تغطي محافظات القاهرة والإسكندرية والدقهلية والغربية والشرقية وأسيوط وسوهاج وأسوان وشمال سيناء وجنوبها. ويبلغ عدد من يحق لهم المشاركة في الاستفتاء في المرحلة الأولى التي تشمل عشر محافظات نحو 26 مليونا من إجمالي 51 مليون شخص يحق لهم الإدلاء بأصواتهم. وسوف تجري الجولة الثانية يوم السبت المقبل بسبب عدم موافقة عدد كاف من القضاة على الإشراف على الاستفتاء.

وأدلى الرئيس مرسي بصوته في مدرسة مصر الجديدة النموذجية، وهي نفس المدرسة التي كان الرئيس السابق حسني مبارك يدلي بصوته فيها. وقال بيان لرئاسة الجمهورية إن مرسي تابع أمس سير عملية الاستفتاء على مدار اليوم مع المسؤولين في الجهاز الإداري للدولة للاطمئنان على نزاهة وتأمين الاستفتاء.

وأشرف الجيش المصري بالتعاون مع رجال الشرطة على تأمين لجان الاقتراع بعد احتجاجات عنيفة شهدتها البلاد بعد أن أصدر مرسي الشهر الماضي إعلانا دستوريا يوسع من سلطاته. ووفقا للمصادر فإن نحو 120 ألف جندي و6 آلاف دبابة وعربة مصفحة شاركوا في تأمين عملية الاقتراع وتأمين مبان حكومية أخرى.

وقال الفريق صدقي صبحي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، إن الجيش المصري سيظل دائما جيش الشعب، وتجلى ذلك بوضوح خلال ثورة 25 يناير، عندما تولى مسؤولية تأمين وحماية البلاد خلال فترة حرجة من تاريخ الأمة. وأوضح صدقي في تصريحات صحافية خلال تفقده إحدى لجان الاستفتاء على الدستور، أن الشعب دائما يحرص على المشاركة في إبداء الرأي، بأي عملية من شأنها دعم الديمقراطية، مؤكدا أن دور القوات المسلحة وجهاز الشرطة المدنية يتوقف عند حد حماية اللجان من الخارج، وتأمين المنشآت الحيوية والناخبين، حتى يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم، وسط أجواء آمنة ومستقرة.

وارتدى رجال القوات المسلحة الذين تولوا عملية تأمين اللجان الانتخابية مع الشرطة المدنية، زيا جديدا له نقوش مختلفة عن الزي المعتاد للقوات المسلحة، بينما قال مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الزي «هو الزي الجديد لرجال القوات المسلحة الذي أعلن عنه منذ فترة»، لكن بدأ ارتداؤه منذ أمس.

وتفقد الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء مقار عدد من اللجان الانتخابية للاطمئنان على سير العملية منها لجان نادي السكة الحديد بمدينة نصر ومدرسة العقاد التجريبية للغات ومدرسة الخلفاء الإعدادية بشارع الخليفة المأمون ومدرسة الطبري الإعدادية بنين. وقال قنديل إن الحكومة حرصت على توفير جميع الإمكانات لخروج عملية الاستفتاء بسهولة ويسر وانتظام. وناشد كل مصري ومصرية أن يشاركوا في الاستفتاء بـ«نعم» أو «لا» من أجل بناء مصر الجديدة التي يجد فيها كل مواطن مصري مكانا له. وطمأن الدكتور قنديل الشعب المصري على تأمين عملية الاستفتاء واللجان، مؤكدا الإشراف الكامل للقضاء في هذه اللجان.

وفي تصريحات له عقب الإدلاء بصوته في مدرسة البرهانية بشارع بورسعيد بالسيدة زينب، قال ممتاز السعيد وزير المالية المصري إنه بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، فإن الأهم هو استمرار مشاركة الشعب في العملية الديمقراطية. وطالب جميع القوى السياسية باحترام نتائج الاستفتاء أيا كانت، والعمل على إنهاء حالة الانقسام والاحتقان التي تؤثر بالسلب على الوضع الاقتصادي.

وتركزت الشكاوى الرئيسية للناخبين على بطء عملية التصويت إذ امتدت الطوابير خارج اللجان لنحو كيلومتر كامل في بعض لجان مدينة نصر (شرق القاهرة)، كما تأخر بدء الاقتراع لمدد تراوحت بين عشر دقائق وساعة في بعض اللجان لتأخر وصول بعض الموظفين، إضافة إلى وجود بعض اللجان في الأدوار العليا مما شكل صعوبة في الوصول إليها خاصة بالنسبة لكبار السن، وفي بعض اللجان في دائرة قصر النيل لم تكن أوراق الاقتراع مختومة فوقع عليها القضاة المشرفون على الانتخابات.

وتفقدت السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون لجان الاستفتاء بمدرسة التوفيقية الثانوية بنين بمنطقة روض الفرج من الخارج شمال القاهرة، حيث رفضت النزول من سيارتها واكتفت بالتطلع إلى طابور الناخبين، وغادرت المكان. كما قامت باترسون بجولة أخرى في بعض لجان التصويت في محافظة القاهرة، منها لجنة كلية البنات ببولاق أبو العلا، التي تضم 6 لجان، وشهدت اللجنة إقبالا متوسطا من جانب الناخبين، كما لوحظ زيادة في إقبال أعداد النساء اللاتي حضرن بصورة أكبر من الرجال.

وأمام الإقبال الشديد من الناخبين اضطرت اللجنة القضائية العليا المشرفة على الانتخابات إلى مد فترة التصويت للحادية عشرة مساء بدلا من السابعة مساء.

وقرر المستشار أحمد الزند رئيس نادي القضاة تشكيل غرفة عمليات بالنادي وذلك لتلقي شكاوى المواطنين ضد أي خروقات تتعرض لها عملية الاستفتاء، وشكلت أغلب القوى السياسية غرف عمليات مماثلة.

وقالت تقارير المراقبة إنها رصدت مئات المخالفات في عملية التصويت. وقال تقرير «الثورة تراقب» التابع لـ«الجبهة الحرة للتغيير السلمي» إن الحركة رصدت مئات المخالفات والتجاوزات أبرزها «تأخر فتح باب التصويت ومنع المراقبين من أداء عملهم والدعاية الانتخابية» وغير ذلك من المخالفات التي قد تؤثر على سير عملية الاستفتاء. وأوضحت تقارير المراقبة التابعة لجبهة الإنقاذ الوطني أن مجموعة قامت بتوزيع بطاقات موقع عليها سلفا بـ«نعم» للدستور وتوزيعها على الناخبين في ما يعرف باسم «البطاقة الدوارة»، مشيرة إلى أن الواقعة كانت في لجنة الوادي الغربي الابتدائية رقم «48» بمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية.

ورصدت منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان في تقرير لها الانتهاكات الخاصة بالعملية الانتخابية في الاستفتاء على مسودة الدستور، منها وجود قاض واحد على أربعة صناديق في مدرسة الطبري النموذجية بمصر الجديدة، وفي مدرسة كلية البنات تبين عدم وجود أسماء الكثير من السيدات في كشوف الانتخابات رغم تأكدهن من اللجنة العليا للانتخابات بأن أسماءهن موجودة بهذه اللجنة.