معارك عنيفة جنوب دمشق.. وأحمد جبريل يغادر مخيم اليرموك بعد 12 يوما من الاشتباكات

الجيش الحر يسيطر على مدرسة المشاة في حلب.. ويعلن انشقاق ضباط كبار

سوريون يحملون امرأة مصابة بعد قصف شنته قوات الأسد على مدينة حلب (أ.ب)
TT

خاض عناصر الجيش السوري الحر أمس معارك عنيفة مع قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في أحياء جنوب دمشق التي حاولت تعزيز قدراتها لاقتحام بلدة داريا القريبة المحاصرة منذ شهر. وبينما تجددت الاشتباكات في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، جنوب العاصمة، بين مقاتلي المعارضة من جهة، وجنود النظام ومقاتلين فلسطينيين من جهة أخرى، أفادت تقارير بأن أحمد جبريل زعيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة (مقرها دمشق) المؤيدة للأسد، غادر المخيم بعد 12 يوما من الاشتباكات. وفي حلب أعلن الجيش الحر إحكام السيطرة على كافة أقسام مدرسة المشاة التي كانت القوات النظامية الموالية للنظام تتمركز فيها. وجاءت هذه التطورات بينما وصل عدد قتلى أمس إلى 60 قتيلا، بحسب الحصيلة الأولية التي أعلنت عنها لجان التنسيق المحلية.

وجدد نظام الرئيس السوري بشار الأسد أمس قصف الأحياء الجنوبية للمدينة، لا سيما حي العسالي الذي تعرض لدمار كبير، في محاولة لوقف تقدم عناصر الجيش الحر.

وفقدت قوات النظام السيطرة على معظم الأراضي السورية، بينها الغوطة الشرقية وعدة مناطق في أحياء جنوب العاصمة، حيث أعلنت كتائب «جند الله» التابعة للجيش الحر سيطرتها على حيي الزين والتقدم في مخيم اليرموك، ومحاصرة مقاتلين تابعين للقيادة العامة التابعة لأحمد جبريل في حي العروبة بالإضافة إلى «انشقاق 150 مقاتلا من القيادة العام التابعة لأحمد جبريل وانضمامهم إلى صفوف الجيش الحر».

وكشف معارضون سوريون ومصادر فلسطينية عن أن جبريل غادر منطقة اليرموك بعد 12 يوما من الاشتباكات. وأضافوا أن جبريل غادر اليرموك مع ابنه متوجها إلى مدينة طرطوس على البحر المتوسط، وهي معقل للأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد.

وقال ناشطون إن الاشتباكات بين كتائب الجيش الحر ومقاتلي القيادة العامة (اللجان الشعبية الفلسطينية) تواصلت أمس في حي العروبة، وإن مقاتلي الجيش الحر كانوا يحاصرون عناصر تلك اللجان في منازلهم ويطالبونهم بتسليم أنفسهم.

إلا أن وكالة الأنباء الرسمية (سانا) نقلت عمن سمتهم «اللجان الشعبية الفلسطينية» نفيها القاطع للمعلومات المتعلقة بـ«سيطرة إرهابيين على مخيم اليرموك».

وبدوره، أكد إسماعيل الديراني، عضو مجلس قيادة الثورة في دمشق وريفها، لـ«الشرق الأوسط» أن الاشتباكات بين عناصر الجبهة الشعبية و«كتائب جند الله» التي تتمركز في مخيم اليرموك لا تتوقف، واصفا المعركة بينهما بأنها انتقلت إلى مرحلة جديدة، ونجح عناصر الكتائب بضرب مقرات الجبهة بالـ«هاون».

وعن معركة داريا أو ما يمكن تسميتها بالمحور الجنوبي التي تشمل اليرموك والحجر الأسود والتضامن والقدم وداريا والمعضمية، والمستمرة منذ أكثر من 34 يوما، أشار الديراني إلى أن الجيش الحر دمر خلالها نحو 100 آلية عسكرية وقتل 1500 ضابط وإسقاط طائرتين، واحدة «ميغ» وأخرى «مروحية»، مؤكدا أن المعارضة تحرز يوميا تقدما ملحوظا على الأرض فيما يعجز النظام عن تحقيق أي هدف، الأمر الذي يجعل قوات النظام تشكك بقادة المعركة لديه، بحسب ما نقل عن أحد ضباطه، معتبرين أن الأمر إما نتيجة خيانة أو فشل في الإدارة العسكرية.

وأفاد المرصد بأن اشتباكات عنيفة دارت بين القوات النظامية والجيش الحر في مدينة داريا التي تعتبر معقلا لجماعة «جبهة النصرة»، حيث يحاول النظام تعزيز قواته لاقتحام المدينة، مقدما تعزيزات عسكرية تم نشرها على أطراف المدينة.

وأشار رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أن «داريا هي الأقرب لمطار المزة العسكري، الذي يشكل حاليا المنشأة الوحيدة التي يستخدمها مسؤولو النظام والقوات للخروج من العاصمة ودخولها».

كما تعرضت مدن وبلدات حرستا وعربين ويبرود وكفربطنا ويلدا والمليحة ومديرا للقصف من القوات المتمركزة في مبنى إدارة المركبات بين مدينتي حرستا وعربين.

وأفادت لجان التنسيق بأن منطقة المعضمية في ريف دمشق، شهدت بدورها اشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي، بالتزامن مع قصف عنيف براجمات الصواريخ والطيران الحربي والمدفعيات من الفرقة الرابعة ومطار المزة العسكري والفوج 100.

وفي حلب، أعلن الجيش السوري الحر إحكام السيطرة على كافة أقسام مدرسة المشاة التي كانت القوات النظامية الموالية للنظام تتمركز فيها.

وقال لواء التوحيد، أحد أكبر التشكيلات العسكرية المقاتلة في مدينة حلب: «إنه وبمشاركة من لواء أحرار سوريا، وكتيبة الأقصى وأبو العلمين والحركة الإسلامية، تم تحرير كلية المشاة العسكرية بالكامل». وأضاف في بيان نشر على موقع اللواء على الإنترنت: «إن الجيش الحر قتل أكثر من 70 عسكريا، وأسر 50 رفضوا الانشقاق، وحرر 25 آخرين اعتقلتهم قوات النظام على الحواجز». وفي شريط فيديو تم بثه في صفحات المعارضة على «فيس بوك» أظهر لواء التوحيد اغتنامه العشرات من الآليات العسكرية وصناديق الذخيرة من داخل الكلية.

وأشار ناشط إعلامي تابع للجيش السوري الحر إلى «أن معركة مدرسة المشاة التي أطلقنا عليها معركة (ثوار الخنادق) كان من المقرر أن تنتهي منذ أيام فقط، تم اقتحام المدرسة والبدء بتحريرها بالكامل صباح يوم الأربعاء الماضي».

وحول تأخر «تحرير» المدرسة قال الناشط لـ«الشرق الأوسط» إن عمليات الجيش الحر توقفت بعد شن الطيران الحربي غارة مكثفة على محيط المدرسة، ما أدى إلى وقوع 14 إصابة بين عناصر الجيش الحر، غير أن ذلك لم يوقف تقدمه في ساعات الصباح الأولى من اليوم التالي.

وتتحدث المعلومات عن أن عددا من الجنود والضباط قد أعلنوا انشقاقهم قبل اقتحام المدرسة، حيث قام الجيش الحر بمحاصرة آخر المباني التي يتمترس فيها عدد من الجنود والضباط، وتم وضع مكبرات صوت تدعوهم للتسلم أو الانشقاق.

وشهد اليوم الأول لعملية الاقتحام وفقا للناشطين عمليات استسلام فردية وانشقاقات كبيرة وصلت منذ بدء المعركة إلى 130 جنديا منشقا، بينهم طبيبان مجندان، وثلاثة عقداء، ومقدم ركن، ورائد، ونقيبان اثنان، وثلاثة ملازمين، والباقي جنود، إضافة إلى انشقاق 25 عسكريا معظمهم ضباط ملازمون، ونائب مدير المدرسة وطلاب في مدرسة المشاة.

وتعتبر كلية المشاة العسكرية في حلب من أهم المواقع العسكرية التابعة للنظام السوري في المنطقة الشمالية، حيث كانت تتمركز فيها مجموعات الجيش النظامي المولجة بالدفاع عن النظام في حلب. كما كانت تضم سجنا ومقرا لتعذيب المعتقلين.

وتعد السيطرة عليه من قبل الثوار ضربة توازي تلك التي تلقاها بخسارته للفوج 46 الذي يضم كتيبة دفاع جوي ومستودعات ذخيرة ضخمة. ويبلغ قوامه وفق معلومات من أحد الضباط المنشقين 2650 عسكريا بين ضباط وصف ضباط ومجندين.

ويكشف أحد المقربين من ضباط في الجيش السوري الحر عن «أن تحرير مدرسة المشاة العسكرية والسيطرة على الفوج 46 بكامل ذخيرته الثقيلة سيسرع من عملية حسم المعركة في مدينة حلب (شمال سوريا) لصالح المعارضة السورية المسلحة».

في موازاة ذلك، واصل الجيش الحر حصار مطار منغ العسكري في حلب التابع لقوات النظام، بحسب الهيئة العامة للثورة السورية، بينما أكد أبو فراس الحلبي عزم الجيش الحر على مواصلة معاركه حتى إسقاط النظام. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن اشتباكات دارت بين القوات النظامية والجيش الحر في محيط فرع المخابرات الجوية في حي الزهراء بمدينة حلب، كما تعرضت بلدات وقرى عندان وكفرحمرة والقبر الإنجليزي والمنصورة بريف حلب للقصف من قبل القوات النظامية.

وفي مدينة حمص، قالت مصادر في المعارضة السورية إن القصف تجدد منذ الصباح على حي باب دريب، ورافق ذلك انتشار لقوات الأمن في حيي جب الجندلي وباب تدمر.

وفي ريف حمص، تحدثت لجان التنسيق المحلية عن «سقوط عشرات الجرحى بينهم عائلة كاملة» إثر إلقاء الطيران التابع للجيش الحكومي «براميل متفجرة وقنابل عنقودية» على قرية الرستن.

وأفاد المرصد بتعرض بلدة قلعة الحصن وقرية غرناطة بريف حمص للقصف من قبل القوات النظامية، كما سقطت عدة قذائف على أحياء حي باب دريب في مدينة حمص، فيما استهدف قصف عنيف بالهاون قرية الحلموز التي نزح عدد كبير من سكانها.