المبعوث الأميركي يطالب جنوب السودان بالتوقف عن انتهاك حقوق الإنسان

قلق أوروبي من استهداف نشطاء المجتمع المدني في البلاد

TT

أعلن برينستون ليمان المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان وجنوب السودان أول من أمس أنه يتعين على جنوب السودان مكافحة القمع المتزايد لحرية التعبير وإجراء تحقيق في عملية «الاغتيال» الأخيرة التي استهدفت صحافيا معروفا بانتقاداته للحكومة، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.

وصرح ليمان أن «أمثلة الترهيب ومضايقة الصحافيين والاغتيال المأساوي لإيزايا أبراهام الصحافي الذي قتل مؤخرا، تثير (قلقا كبيرا)».

وجنوب السودان الذي نال استقلاله في يوليو (تموز) 2011 بعد سنوات من النزاع مع حكومة الخرطوم، يواجه تحديات كبيرة في تصديه للاضطراب الأمني وتحويل عناصر الميليشيات إلى قوات أمنية حقيقية.

وقال ليمان الذي سيغادر منصبه قريبا: «نعرف أنه لهذا السبب خاض سكان جنوب السودان نضالهم من أجل التحرر»، وأضاف الدبلوماسي الأميركي: «سنشهد مأساة وتراجعا رهيبين إذا انحرفت البلاد (عن هذه الأهداف) وباتت أسيرة الذين يمارسون الترهيب ولا يؤمنون بحرية الصحافة ويؤمنون بالمضايقة».

وأوضح أن رئيس جنوب السودان سلفا كير وافق على اقتراح الولايات المتحدة بتقديم مساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في التحقيق حول مقتل دينق تشان أوول الذي كان يكتب باسم إيزايا أبراهام وينتقد الحكومة بقسوة.

وقال المقربون منه إن أوول اغتيل خصوصا لأنه دعا جنوب السودان صراحة إلى تحسين علاقاته مع الخرطوم عدوه السابق، وتلقى تهديدات بالقتل من أشخاص كانوا يأمرونه بالتوقف عن الكتابة.

وذكرت صحيفة «سودان تريبيون» التي كان يعمل لديها أبراهام أن أجهزة الأمن القومي قد استدعت الصحافي قبل أسابيع من مقتله لاستجوابه حول مقال يدعو إلى استقالة الرئيس كير.

وقال ليمان: «من الضروري جدا أن تراقب الحكومة جميع عناصر» قوات الأمن «الذين يضايقون الصحافة».

وأضاف أن من الضروري أن يجرى التحقيق أيضا في أعمال قمع أخرى قامت بها قوات الأمن، بما في ذلك قتل عدد من المتظاهرين مؤخرا وقتل مدنيين من قبل جيش جنوب السودان في ولاية جونقلي (شرق).

وكانت الولايات المتحدة واحدة من أبرز الدول التي دعمت اتفاق السلام في عام 2005 الذي أنهى الحرب الأهلية السودانية وفتح الطريق لاستفتاء حول انفصال جنوب السودان.

وحذر ليمان من أن «جنوب السودان يمر بمرحلة بالغة الحساسية فعلا»، وقال: «إذا لم تتمكنوا من السيطرة على الأمور وتثبيت الأنظمة، فإنكم ستخسرون الثقافة والمؤسسات (التي تحمي) حقوق الإنسان والشعب».

إلى ذلك، أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه المتزايد إزاء تخويف نشطاء المجتمع المدني في جنوب السودان، وقالت كاثرين آشتون منسقة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إنها تشعر بالقلق إزاء الحوادث الأخيرة المتعلقة بحقوق الإنسان والتقارير المستمرة عن التحرش وتخويف مدنيين على أيدي قوات الأمن في جنوب السودان. وقال مايكل مان المتحدث باسم آشتون في بيان إن الأخيرة «شعرت بانزعاج عميق لمقتل المعلق السياسي والناشط في مجال حقوق الإنسان دينق تشان أوول خارج منزله في جوبا في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي». كما عبرت آشتون أيضا عن قلقها إزاء تقارير عن تهديدات جدية لصحافيين آخرين ونشطاء المجتمع المدني، وأدانت قتل المتظاهرين العزل من قبل قوات الأمن في 8 و9 ديسمبر في منطقة «واو» غرب محافظة بحر الغزال.

وشدد البيان على أن «احترام حقوق الإنسان أمر أساسي لبروز جنوب السودان بأنها دولة سلمية ومزدهرة وديمقراطية». ويأتي ذلك بعد يومين فقط من صدور بيان أوروبي جاء فيه أنه نظرا لتدهور الوضع الإنساني بشكل سريع في كل من السودان وجنوب السودان، فقد قرر الاتحاد الأوروبي تخصيص مبالغ إضافية بقيمة 30 مليون يورو مساعدات إنسانية للبلدين. وأضاف البيان الصادر عن المفوضية الأوروبية ببروكسل أن مصدر القلق الأوروبي هو العدد المتزايد من اللاجئين الفارين من مناطق الصراع في جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال البيان إن الصراع تسبب حتى الآن في تحويل 210 آلاف شخص إلى لاجئين على المناطق الحدودية، وهناك 850 ألفا مشردين داخليا، وإن هذه الأرقام ترتفع مع مرور الوقت، «وهناك تداعيات وخيمة تتمثل في عدم توفر الغذاء لنصف السكان في المنطقة نتيجة للفيضانات وتلف المحصول والحروب، ولا بد من التحرك قبل فوات الأوان، خاصة أن التقارير الواردة من هذه المناطق تثير القلق، ولا يمكن تقبل أي أعذار لعدم السماح بوصول المساعدات إلى المحتاجين»، حسب ما ذكرت كريستالينا جورجيفا مفوضة شؤون المساعدات الإنسانية بالاتحاد الأوروبي من خلال البيان الذي أشار إلى تزايد أعداد الذين يصلوا إلى مخيمات اللاجئين في جنوب السودان الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية ويواجهون خطر انتشار الكوليرا وأمراض أخرى. وإلى أن هناك ما يقرب من خمسة ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

يذكر أن الاتحاد الأوروبي يعمل منذ عام 1990 على تقديم مساعدات إنسانية للسودانيين، وقام فريق من الخبراء الأوروبيين برصد الحالة وتقييم الاحتياجات، ويتعاون مع المنظمات المتخصصة في هذا المجال لتقديم المساعدة. ويصل إجمالي ما قدمته المفوضية الأوروبية من مساعدات إنسانية للسودان وجنوب السودان خلال العام الحالي إلى 285 مليون يورو.