وزير الداخلية الليبي لـ : مهمتي صعبة لكنها ليست مستحيلة

عاشور شوايل تعهد بفرض الأمن في طرابلس خلال 6 أشهر بالتعاون مع الجيش

عاشور شوايل وزير الداخلية الليبي
TT

قال عاشور شوايل، وزير الداخلية الليبي الجديد لـ«الشرق الأوسط» إنه متفائل بقدرة قوات الأمن والشرطة على استعادة الأمن والاستقرار المفقودين في البلاد منذ انهيار نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وأوضح شوايل، المعين حديثا، في حديثه مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس، أنه سيكون هناك تعاون كبير بين وزارتي الداخلية والدفاع لبسط الأمن والسيطرة على كامل الأراضي الليبية، مشيرا إلى علاقته الوثيقة والشخصية بوزير الدفاع الحالي ورئيس هيئة أركان الجيش الليبي وعدد كبير من ضباطه.

وأكد شوايل أن لديه رؤية متكاملة تستهدف تطوير جهاز الشرطة وتحديثه بالإضافة إلى ضم اللجان الأمنية المتعددة والموجودة على الأرض بطريقة منهجية تضمن حقوق منتسبيها وعناصرها.

ولفت إلى أن هذه الرؤية تشمل أيضا تجميع السلاح وإخلاء المدن من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والمتفجرات وتعديل قوانين الشرطة والمرور وتطوير كل إدارات وزارة الداخلية وجهاز الشرطة، كاشفا النقاب عن أن خطته تحتاج إلى ستة أشهر كاملة لكي تصبح طرابلس آمنة بشكل كبير، مشيرا إلى أنه يحتاج لكي ينجح إلى مساعدة الرأي العام ومؤسسات المجتمع المدني وكل الشرفاء الغيورين على أمن واستقرار البلاد.

وقال شوايل إنه يتوقع وجود خلايا نائمة أو بقايا من نظام القذافي السابق في الداخل، لكنه أكد في المقابل أنه ليس بإمكان أي جهة تهديد أمن ليبيا، كما لفت إلى الجولة الخارجية التي يقوم بها حاليا رئيس الوزراء الليبي الانتقالي الدكتور علي زيدان لدول الجوار الجغرافي بشأن «ملف أزلام النظام السابق الموجودين على أراضي هذه الدول».

واستمعت «الشرق الأوسط» خلال حوارها الهاتفي مع شوايل إلى صوت إطلاق رصاص تكرر مرتين، قبل أن يقول شوايل: «هذا فرح، لا تخافوا، الشعب لا يريد شيئا الآن غير الأمن والأمان».

وكان شوايل قد عرض برنامجه على المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بعد إنهاء الجدل حول انضمامه للحكومة الانتقالية التي يترأسها الدكتور زيدان، حيث أدى اليمين الدستورية ليصبح آخر الوزراء المنضمين إلى الحكومة الجديدة.

وقالت الهيئة الوطنية لتطبيق معايير النزاهة والوطنية إن معاييرها لا تنطبق على شوايل، الذي ثبت لاحقا انضمامه إلى الثورة الشعبية العام الماضي ضد نظام القذافي بعد وقت قصير من اندلاعها.

وألغت محكمة استئناف طرابلس قرار الهيئة التي تعتبر أعلى جهاز في الدولة مختص يحدد معايير الوطنية، كما اضطر المؤتمر الوطني إلى تعديل قانون الهيئة لتمكين شوايل من تولي منصبه وزيرا للداخلية خلفا للوزير السابق فوزي عبد العال. وعمل شوايل الحاصل على دكتوراه في مجال الحقوق، بهيئة الشرطة لمدة 35 عاما، شغل خلالها عدة مناصب أمنية مختلفة.وفيما يلي نص الحديث:

* ما رؤيتك وخططك بشأن ملف الأمن في ليبيا؟

- لدينا رؤية متكاملة عرضت على المؤتمر الوطني بالكامل، وسوف تستهدف جانبين: الأول، هو تطوير جهاز الشرطة وتحديثه وتقييمه، وأيضا دمج وضم اللجان الأمنية (الجسم الموازي للشرطة) بطريقة منهجية تضمن حقوق منتسبيها وتدريبهم وتأهيلهم، ومن خلال التدريب، فإن من ستنطبق عليه شروط قانون الشرطة سينضم بصفته ضابط صف أو فردا، وهذا لمن لديه الرغبة، ومن لم تكن لديه الرغبة، فسوف يتم تأمين وظائف مجانية لهم.

أما الجانب الثاني، فيتعلق بتجميع السلاح، وإخلاء المدن من الأسلحة الثقيلة ومن المتفجرات والأسلحة المتوسطة وغيرها، وكذلك دعم جهاز الشرطة وتعديل قانون الشرطة، وتعديل قانون المرور، وتعديل لوائح المرور وإدارة الجوازات، وإعادة تقييم وتطوير العديد من إداراتها.. إلى آخره.

وعلى هذا، يمكنني أن أقول لكم إننا في الفترة المقبلة نحتاج إلى الخطاب الإعلامي والخطاب الديني، ونحتاج أيضا إلى مساعدة ومساهمة مؤسسات المجتمع المدني، والقبائل باعتبار أن جزءا كبيرا من المجتمع الليبي مرتبط بها فهي مظلة اجتماعية ولها دورها، وكذلك الحكماء والعقلاء، فكل هذا من أهدافنا، ونتمنى من الله أن يوفقنا فيها، وكذلك ضبط الحدود والمنافذ البرية والجوية.

* ماذا عن طبيعة العلاقة المستقبلية بين اللجنة الأمنية العليا المؤقتة ووزارة الداخلية؟ وهل تتلقى هذه اللجنة تعليماتها من الوزارة؟

- أكيد، ضمهم سيكون مرحليا؛ «أي على مراحل»، لأن الاندماج سيكون كأفراد، وسوف يتم تدريبهم تدريب شرطة، وتحويلهم من إطار مدني إلى إطار عسكري، ومن ثم سيتم تأهيلهم؛ فجزء سيكون تحت التدريب، وجزء سيكون مساهما مع الأمن في فرض النظام، وخلال فترة معينة سوف يتلقون تعليماتهم من وزارة الداخلية.

* تعني أنه بعد حدوث هذا الدمج سيتم حل هذه اللجنة؟

- الاندماج يعني الانصهار بالكامل داخل الأجهزة الأمنية ومن خلال التدريب، فنحن نبحث عن حلين؛ الأول: دمجهم وضمهم، والثاني: على أساس التطوير وضخ دماء جديدة وذلك من الموجودين، ومن تنطبق عليه الشروط؛ «لا سوابق له، ولائق صحيا، وليبي الجنسية» فسوف يتم ضمه ويخضع لدورة تدريبية مكثفة ثم يتم تعيينه.

* كم من الوقت تحتاج العاصمة طرابلس لتصبح آمنة بالكامل؟

- طموحنا أن تبدأ ملامح الخطة في الوضوح والظهور خلال ستة أشهر، وستمضي الخطة بالتدريج وبمساعدة الناس جميعهم الذين يجب أن يتكاتفوا من أجل بناء دولة ليبيا الجديدة، لأن ليبيا دولة مميزة وغنية.. دولة لديها من الإمكانات ما يجعلها من الدول الرائدة بالمنطقة.

* يروج بين الليبيين أن كتائب الإسناد التابعة للجنة الأمنية العليا عاثت فسادا مما أضر بسمعة الداخلية التي أضفت عليها الشرعية، فعلى أي أساس منحت الشرعية لهذه الكتائب التي تمارس عملها على أنها جهة أمنية رسمية الآن؟

- هذه قرارات سابقة وصادرة من وزير الداخلية السابق، ونحن نقدرها ونحترمها، ونحن الآن بصدد معالجة كل شيء.

* أنت مقبل على النظر في ملفات كثيرة، هل يمكن القول إن كل نظام القذافي وخلاياه النائمة في ليبيا ماتت وانتهت؟

- قد تكون هناك بقايا ولكنها غير مؤثرة، فالشعب الليبي الآن أصبح لديه وعي كبير وحيطة وحذر، فمن الصعب على أي شخص أو أي جهة أن تهدد أمن ليبيا.

* هل تتوقع أن تكون مهمتك وزيرا للداخلية لمدة الـ15 شهرا المقبلة، مهمة سهلة؟

- من المتوقع أن تكون المهمة صعبة، ولكن لدي العزيمة والإصرار على أن أفعل أي شيء من أجل وطني وبلدي.

* الرأي العام في ليبيا كان يتمناك وزيرا للداخلية على الرغم من الاعتراض عليك من هيئة الوطنية والنزاهة.. فكيف تنظر إلى ذلك؟

- شعب ليبيا يعرف كل شيء، فليس لدي علاقات في الشمال أو الجنوب أو الغرب أو أقصى الجبل، ولكن كل ما يحدث يدل على أن المواطن الليبي البسيط والمثقف أصبح يعي ويعرف مصلحته.. «متى وأين وكيف؟» فهناك العديد من القضايا لا داعي لذكرها الآن.

* ما الرسالة التي توجهها للمواطن الليبي الذي يعول كثيرا عليك في هذه المرحلة؟

- أن يتفقوا وأن يتحدوا وأن لا ينظر المواطن الليبي إلى الخلف وإنما إلى الأمام من أجل بناء هذه الدولة التي تحتاج لنا جميعا؛ من البيت للشارع للمدرسة للجامعة للإعلام لرجال الدين.. يجب أن نتحد حتى نصل لبر الأمان.

*ما خطتك لجمع السلاح من الشارع، وهي مهمة صعبة وتكاد تكون مستحيلة؟

- الاستحالة ليست مطروحة، ولكن قد تكون فيها صعوبة ولكن نتفاءل خيرا، ففي بنغازي وبعض المناطق هناك خط ما أو نقطة ما عندما يشعر فيها المواطن بالخطر ينتفض على الفور لصالح الأمن، فلا توجد إرادة أقوى من إرادة الشعب.

* من يقف وراء عمليات التفجير التي حدثت مؤخرا ببنغازي؟

- هذه مسألة معقدة فيها عدة اتجاهات؛ فهناك من يتهم المرتبطين بالنظام السابق، وهناك من يقول إن أناسا من خارج ليبيا هم المنفذون.

* عفوا أنا أسمع صوت رصاص خلال المكالمة؟

- (ضاحكا) نعم.. لا تقلق.. لا تخف.. إنه مجرد فرح قريب من المكان الذي أتحدث إليكم منه.

* لكن يبدو أن إطلاق الرصاص في الشوارع أصبح ظاهرة عامة في ليبيا؟

- نعم، لكن، وكما تعلم، فالبداية يجب أن تكون بالتدريج وبخطوات سريعة، ونتمنى من الله التوفيق في ذلك.

* كيف ستكون المنظومة الأمنية لليبيا التي خاضت الحرب ضد نظام القذافي؟

- لدى ثقة في رجال الشرطة؛ فعدد كبير منهم على مستوى الحدث.

* هل نتحدث هنا عن إعادة الثقة بين المواطن ورجل الشرطة؟

- الثقة موجودة، فالأمن أصبح الهدف الرئيسي والأساسي للمواطن في الشارع عكس ما كان في السابق، لأن كل الناس تبحث عن الأمن والأمان ولا تريد غيره بداية، فالثقة مطروحة ونتمنى من رجال الشرطة أن يكونوا على مستوى هذه الثقة.

* بعض المواطنين في ليبيا تحدثوا عن وجود بعض الأفراد الملثمين الذين يقومون بعمل دوريات ونقاط تفتيش وهمية؟

- سوف ينتهي كل شيء، فكلما وجد رجال الأمن في الميدان مع إخوانهم من الجيش وغيرهم، كان هناك أمل في سرعة تحقيق الأمن، وبالتالي اختفاء هذه المظاهر تماما.

* كيف ترى شكل العلاقة مع وزارة الدفاع في ضبط الأمن؟

- سوف يكون هناك تعاون كبير من دون شك، فأنا تربطني علاقات شخصية سواء مع وزير الدفاع ورئيس هيئة أركان الجيش وعدد كبير من ضباط الجيش، وسنكون على توافق وتواصل في سبيل خدمة وطننا.

علينا أن نتفاهم ونتماسك من أجل دولة ليبيا، وأن نبتعد عن الخلافات والأحقاد حتى لو اختلفنا في التوجه الديني أو السياسي، لكن الآن أمامنا شيء اسمه ليبيا، فالوطن هو الأهم، والوطن وحده هو ما يجب أن ننظر إليه في هذه المرحلة.

* هل تعد المواطن الليبي بانتهاء عمليات التفجير التي تحدث من وقت لآخر؟

- نتمنى ذلك، سيكون هذا جزءا من منظومتنا الأمنية وعملنا، وسيكون لنا فيها مجهود خاص وإجراءات معينة.

* إلى أي مدى يتورط بعض المحسوبين على نظام القذافي بالخارج في ما يجري؟

- هذا أمر متوقع حدوثه، هذا جزء من المعلومات، صحيح أنها غير دقيقة، لكن نتوقع بدرجة كبيرة أن تكون لهم يد كبيرة، وأن من ينفذ تعليماتهم مأجور.

* وماذا تنوي أن تفعل في مواجهة هذا؟

- الآن هناك حراك على مستوى دول الجوار الجغرافي لليبيا.. السيد رئيس الحكومة الدكتور علي زيدان يزور الخرطوم وتشاد حاليا بعد النيجر والجزائر، وهناك توجه ليزور مصر وتونس قريبا.. نحن نثق في شعبي مصر وتونس؛ فهما إخوة لنا وكل منا يساند الآخر، وستكون هناك خطوات جيدة بإذن الله في المرحلة المقبلة.