قضايا صعبة تواجه بغداد وأربيل بعد توقيعهما اتفاقا للتهدئة

ممثل الأمم المتحدة: ما يحدث أعراض ومقدمات وعلينا أن نتعامل مع أصل المشكلة

TT

يعطي الاتفاق الذي تم التوصل إليه الخميس بوساطة من الرئيس العراقي جلال طالباني، الحكومة المركزية وإقليم كردستان فرصة للتراجع عن المواجهة العسكرية التي تهدد البلاد بالانزلاق مرة أخرى إلى صراع مسلح، لكن التوترات قد تشتعل مرة أخرى وبسرعة كبيرة؛ نظرا لحالة انعدام الثقة وفشل الجانبين في التوصل لاتفاق دائم حول كيفية إدارة موارد الطاقة وتقاسم الأرباح الطائلة للنفط.

ويدعو الاتفاق إلى انسحاب الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية التي حشدت في المناطق المتنازع عليها خلال الأسابيع الأخيرة، والتي يسعى كل طرف منها لبسط نفوذه وسيطرته عليها. ولكن لا يوجد إطار زمني لانسحاب القوات والدبابات والمدفعية من الجانبين، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

وقال مبعوث الأمم المتحدة لدى العراق مارتن كوبلر عن المواجهة العسكرية: «هذه ليست سوى أعراض ومقدمات، وعلينا أن نتعامل مع أصل المشكلة التي تتمثل في طريقة فهم العرب والأكراد. توزيع الثروة في هذا البلد هو توزيع السلطة، ولا شيء غير ذلك».

ورغم التهديد والوعيد من كلا الطرفين، فإن أيا منهما لم يسمح لدوامة المواجهة بأن تتحول إلى حرب. ومن شأن تلك المواجهات أن تروع المستثمرين الأجانب الذين تدفقوا على منطقة الحكم الذاتي للأكراد، علاوة على أنها تعد انتكاسة كبيرة لجهود الحكومة المركزية العراقية لاستعادة الاستقرار والأمن بعد سنوات من العنف.

وربما ساعد ذلك في دفع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي للتوصل إلى اتفاق الخميس، الذي يدعو الجانبين إلى وقف جميع الحملات الإعلامية التي قد تؤدي إلى مزيد من التوتر، والعمل من أجل سحب القوات من المناطق المتنازع عليها.

وبموجب هذا الاتفاق، سيتم تشكيل لجان لإنشاء قوات أمنية من السكان المحليين، وهي الخطوة التي قد تكون صعبة للغاية؛ نظرا لأن هذه اللجان ستكون مطالبة بتحقيق التوازن بين طلبات الأطراف العرقية والطائفية المتنازعة.

من جهته، قال علي الموسوي، المستشار الإعلامي للمالكي، إنه متفائل، مشيرا إلى أن «الاختبار الحقيقي سيتمثل في الانسحاب الفعلي للقوات المنتشرة». وأضاف: «الأكراد من جانبهم يتوخون الحذر فيما يتعلق بموضوع نشر قوات الأمن في المناطق المتنازع عليها. هذه قضية حساسة ويجب العمل خلالها على أدق التفاصيل، بحيث يضمن أي اتفاق، في حال التوصل إليه، عدم تكرار ما حدث مؤخرا».

ويخشى مسؤولون عراقيون وأكراد ودبلوماسيون أجانب من أن يؤدي سوء تقدير من قبل أي جندي من أحد الجانبين إلى اندلاع معركة يمكن أن تتصاعد فيما بعد.

وقد عمل الجيش الأميركي على تقليل حدة التوتر بين الجانبين على مدار فترة طويلة من العقد الماضي، قبل أن يرحل آخر فوج من القوات الأميركية في الثامن عشر من ديسمبر (كانون الأول) 2011، باستثناء عدد قليل من الأفراد في السفارة الأميركية ليكونوا مسؤولين عن تسهيل عمليات شراء العراقيين للأسلحة وتدريبهم على استعمالها.

وقال توبي دودج، وهو محلل في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بلندن: «بعد عام 2011 يحكم المشهد السياسي العراقي منطقه الخاص به مرة أخرى، حيث يعمل المالكي على توطيد سلطته وتعزيز نفوذه، وبات الأكراد هم القوة المستقلة الوحيدة التي تقف في طريقه».

وكان القادة العسكريون الأميركيون مدركين لمخاطر الخلافات بين العرب والأكراد، التي وصفوها بأنها واحدة من أكبر الأخطار التي تهدد أمن العراق خلال السنوات التي سبقت انسحاب القوات الأميركية. وقد دفعت المخاوف بشأن العنف العرقي الولايات المتحدة لإنشاء نقاط تفتيش تتم إدارتها عن طريق القوات الأميركية والجيش العراقي والبيشمركة في المناطق المتنازع عليها، وهو ما أرغم الجانبين على العمل معا.

وخلال الأسابيع الأخيرة، ضغط مسؤولون أميركيون على الحكومة العراقية والأكراد لوقف تحركات القوات والتصريحات الاستفزازية أثناء العمل نحو التوصل لاتفاق بين الجانبين. ووقعت مواجهات بين قوات من الجانبين بالقرب من الحدود السورية خلال الصيف، لكن المراقبين الأميركيين يرون أن المواجهة الأخيرة أكثر مدعاة للقلق.

وقال مسؤول في السفارة الأميركية في بغداد، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «هناك حالة من التوتر الآن لم تكن موجودة في شهر يوليو (تموز) الماضي على الحدود السورية. إنه شكل من أشكال المفاوضات على الأرض ينطوي على مخاطرة كبيرة».