سخط شعبي بسبب إغلاق السلطات العراقية قناة «البغدادية» الفضائية

إعلاميون لـ«الشرق الأوسط»: الحكومة تتصرف كعصابة منظمة تسعى لتكميم الحريات

TT

رفض إعلاميون عراقيون حملة الحكومة العراقية المتواصلة لتكميم الأفواه الإعلامية التي تجتهد لكشف الحقائق في البلاد وتسعى لأجل فضح الفاسدين الكبار في الدولة، وذلك إثر قيام وزارة الداخلية العراقية أول من أمس بتطويق مكتب قناة «البغدادية» الفضائية ووكالة «البغدادية نيوز»، ومنع العاملين فيها من مواصلة عملهم، وإجبارهم على مغادرة المكان، دون بيان الأسباب الموجبة لذلك، في تصرف وصفه الإعلاميون بأنه «خرق جديد لحرية الإعلام في العراق».

وطالبت قناة «البغدادية» في بيان صدر عنها لاحقا، توضيحا رسميا من السلطات العراقية لبيان مبررات قرار المنع، بعد أن اختلطت الأسباب، فهناك من يقول إن البرامج السياسية التي تعدها وتقدمها القناة سببت إحراجا كبيرا للحكومة كونها فضحت تورط أسماء معروفة في صفقات فساد وفضائح سياسية ومالية، وآراء تحدثت عن كون القناة مغلقة أصلا وتعمل خارج القانون، ولم تلتزم بدفع مستحقاتها المالية.

وقال محمد حنون الحمداني مدير قناة «البغدادية نيوز»: «فوجئ العاملون في المحطة الجمعة بقدوم قوة عسكرية كبيرة مؤلفة من أربعين سيارة مدججة بالأسلحة والعناصر الأمنية تطوق مبنى القناة في بغداد وتأمرهم بإغلاقها، وقالوا إن لديهم أوامر عليا بذلك، وبعد الاستفسار منهم بوجود كتاب صادر من هيئة الإعلام والاتصالات يأمر بإغلاق القناة، والمفارقة أنه ذلك الكتاب صادر في مارس (آذار) من هذا العام وتذكرته القوات الأمنية اليوم فقط لتطبقه، وجاء في أسباب المنع أن القناة لم تدفع مستحقاتها المالية للهيئة، ولم توقع على الميثاق المهني المعد في الهيئة، وهذه المبررات شكلت مفاجأة للجميع، لأننا أول قناة فضائية وقعت على ميثاق الشرف، كما أن مصدر أموالنا معروف بالتفاصيل الدقيقة لدى الهيئة». وأضاف: «السبب الحقيقي من وجهة نظرنا هو ممارسة الضغط على القناة لتغيير سياستها الرامية لكشف التزوير والفساد».

بدوره، قال مصطفى الربيعي، أحد مراسلي القناة: «عملنا في القناة كان يتم بصعوبة كبيرة، وكنا نتعرض لمضايقات كثيرة عند تغطيتنا للنشاطات الرسمية والشعبية، إذ تصادر كاميراتنا ونتعرض للاعتقال ساعات حتى يتم إطلاق سراحنا». وأضاف: «ما يحصل هو انتهاك جديد لحرية الإعلام والصحافة الحرة، وتقييد للإعلامي بهدف الضغط عليه كي يكون مساندا ومؤيدا للسلطات، وغض النظر عن حالات البؤس والشقاء لشرائح كبيرة من العراقيين وسط غياب دور الحكومة لمعالجة ذلك».

من جهته، قال عضو الهيئة التحضيرية للنقابة الوطنية للصحافيين العراقيين قيس عجرش: «مثل كل مرة تتحرك الأجهزة الحكومية بعقلية عصابة، كان من المفروض أن يجري كل شيء تحت الشمس ولو كان إجراء الإغلاق قانونيا كنا على الأقل رأينا الأسباب والأوامر القضائية، لكن الذي يحصل وسيحصل أن الأمر ينفذ أولا ثم تعد في الغرف المغلقة تبريرات لا يعقلها أحد تصور الفعل على أنه قانوني». وأضاف عجرش: «حرية التعبير باتت في خطر حقيقي إن لم أقل إنها تخسر يوميا بسبب استهتار السياسيين وهدرهم للحريات التي أفرد لها الدستور المعطل بابا هو الباب الثاني».

ويعد هذا القرار هو الثاني الذي يصدر من هيئة الاتصالات والإعلام ضد قناة «البغدادية الفضائية»، حيث قررت، مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، إغلاق مكاتب القناة في كافة أنحاء العراق، بسبب ما وصفته بإخلال القناة بقواعد ونظم البث الإعلامي وخرق النظام العام وتهديده. وفي 18 أغسطس (آب) 2011، أعادت الهيئة النظر في قرارها وأعلنت أن قناة البغدادية الفضائية أبدت استعدادها للالتزام بالخط المهني، وأكدت أنها استأنفت عملها في العراق، مشيرة إلى عدم اعتراض رئيس الوزراء نوري المالكي على ذلك.

وأعلنت وزارة الداخلية العراقية في بيان أمس أنه «استجابة لأوامر قضائية صادرة من هيئة الإعلام والاتصالات وباعتبار الوزارة الجهة التنفيذية الواجب عليها تنفيذ أوامر السلطة القضائية فقد نفذت أمرا بغلق مكاتب قناة (البغدادية)». وبحسب البيان، فإن القرار صدر «على خلفية مخالفة قناة (البغدادية الفضائية) ضوابط البث والإرسال وعدم توقيعها لائحة السلوك الإعلامي وعدم دفعها تكاليف ورسوم البث والإرسال الخارجي».

وطالبت وزارة الداخلية القناة «بتسوية أمور عملها الفني والقانوني والمالي مع هيئة الإعلام والاتصالات التي هي الجهة المسؤولة الوحيدة في العراق عن عمل الفضائيات لمعاودة ممارسة نشاطها الإعلامي».