لماذا يكره الأميركيون الاشتراكية؟

المحافظون يكررون اتهاماتهم للرئيس الأميركي

TT

خلال الحملة الانتخابية الأخيرة التي فاز فيها الرئيس باراك أوباما على منافسه الجمهوري ميت رومني، كثرت اتهامات للرئيس أوباما بأنه «اشتراكي». كرر الاتهامات قادة «حزب الشاي» (الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري). لم يستعمل رومني كلمة «اشتراكي»، لكنه استعمل كلمات صارت رمزا للكلمة، مثل: «إعادة تقسيم الثروة»، و«استعداء الأثرياء»، و«حرب الطبقات». لم يستعمل أوباما كلمة «اشتراكية» أبدا، ولن يجرؤ. وحتى لو تجرأ، لن يكون اشتراكيا بالمعنى العالمي والتاريخي للفكر الاشتراكي. وراء هذا الاتهامات ثلاثة أسباب يمكن تلخيصها كالتالي:

أولا: وضع أوباما لبرنامج «أوباماكير» (تأمين صحي لكل الأميركيين) وافق عليه الكونغرس، رغم معارضة الجمهوريين له.

ثانيا: يريد أوباما زيادة الضرائب على الأغنياء. (عرف أوباما الغني بالذي يزيد دخله الشهري على عشرين ألف دولار تقريبا).

ثالثا: يريد أوباما زيادة الرقابة الحكومية على البنوك والشركات، وحماية المستهلكين منهم. ويريد منع مغامراتهم الاستثمارية لمضاعفة أرباحهم. (كانت هذه السبب الرئيسي للكارثة الاقتصادية الحالية التي بدأت سنة 2008).

ومن المعروف، أن الأميركيين لم يستسيغوا الاشتراكية يوما، رغم وجود حزب شيوعي منذ وقت قديم جدا، فهذا البلد الذي تأسس على حرية الفرد والاقتصاد، يبدو أن مزاجه يجنح اليوم صوب شيء من التقييد للاستغلال والثراء الفاحش. هل يطالب الأميركيون اليوم باشتراكية تحد من ليبراليتهم، أم أنهم فقط يريدون عدالة اجتماعية تهذب جشع المستثمرين وتعيد التوازن لحياة الأفراد؟ هذه المهمة الأخيرة هي الموكلة لأوباما في السنوات الأربع المقبلة. لذلك، ثمة من يخشى أن يكشف الرئيس الأميركي باراك أوباما عن وجه اشتراكي ومسلم أيضا. والسؤال المطروح، ما الاشتراكية الأميركية؟ وما حدودها؟

معارضو أوباما يرون أية سيطرة حكومية على الرأسمالية «اشتراكية». وأوباما نفسه أول من يقول إنه يؤيد النظام الرأسمالي. ويتفق في هذا مع كل الأميركيين تقريبا الذين يرون الرأسمالية حرية فردية اقتصادية. مثلها مثل الحرية الفردية السياسية، والاجتماعية، وحتى الجنسية. لكن، تريد أغلبية الأميركيين دورا كبيرا للحكومة لتقدم خدمات للمواطنين، خاصة في مجالات التعليم، والصحة، والمواصلات. (وإلى حد ما، مساعدة الفقراء والأطفال، وكبار السن). وحسب استفتاء في الأسبوع الماضي، تؤيد أغلبية كبيرة من الأميركيين (65 في المائة) زيادة الضرائب على الأغنياء. وفي هذا تتفق مع أوباما؟ هل كل هؤلاء «اشتراكيون»؟