مصريون يبحثون عن «مستقبل آمن» بالاحتشاد أمام مقار الاقتراع

استفتاء الدستور: عجائز يبحثون عن التغيير.. وشباب يرفضون تكرار الأخطاء

الرئيس مرسي يدلي بصوته (إ.ب.أ)
TT

منذ أول خيط في نهار أمس تراص ملايين المصريين جنبا إلى جنب منتظرين دورهم في الاختيار ما بين «نعم» و«لا» على الاستفتاء على الدستور الجديد. وعلى الرغم من عدم تعقيد ورقة امتحان الدستور، لكن كثيرا من المصوتين حرصوا على مراجعة مواده حتى آخر لحظة قبل الدخول للجنة الاقتراع. وراح كثير منهم يقلب في صفحات الدستور قبل أن يأتي دوره لوضع علامة أمام خانة «موافق» أو «غير موافق».

إيهاب أحمد، أحد الناخبين بمدرسة الطبري الإعدادية بضاحية مصر الجديدة، راح يتغلب على طول طابور الاقتراع بتصفح مواد الدستور، قائلا: «لم أحدد موقفي إلى الآن.. جئت لأقرر مستقبل أولادي ولا أريد أن أخطئ كما فعلت في السابق»، وتابع أحمد، الذي دخل في نقاش حول عدد من مواد الدستور مع زميله في صف الاقتراع سامر مصطفى: «أعتقد أن المصريين أدركوا أهمية صوتهم والأحداث الماضية جعلت من لا يريد النزول يأتي إلى هنا ويؤدي واجبه ويعبر عن رأيه أيا كان».

وأقبل ملايين المصريين أمس على لجان الانتخابات لإبداء الرأي حول الدستور الجديد، واختفت أجواء الاحتفال التي غلبت على آخر استفتاء دستوري صوت عليه المصريون في مارس (آذار) من العام الماضي، وحل محلها موقف صريح يرغب كل مصوت في اتباعه. ويقول محمد حسين، من أمام إحدى لجان منطقة غمرة القريبة من ميدان رمسيس: «نحن الآن كمثل الشخص الذي سلك طريقا خاطئا من البداية وعرف خطأه متأخرا وعلينا الرجوع من جديد لبداية الطريق، فلا وقت للاختباء أو عدم إبداء الرأي مهما كان».

وتابع حسين الذي انتظر خروج زوجته من اللجنة المخصصة للسيدات: «كان يجب علينا رفض التعديلات الدستورية السابقة وكان يجب أن يتم وضع الدستور قبل انتخاب الرئيس، ولكنها كانت التجربة الأولى وكثيرون فرحوا بأول عرس ديمقراطي لهم ونسوا أن اختيارهم يحدد مصير ومستقبل البلاد.. لا مجال لتكرار هذا الخطأ مجددا».

وبدت أجواء مصر أمس مغلفة بالحذر خوفا من وقوع مصادمات مثل التي سبقت يوم الاقتراع، جعلت مهمة المواطنين أصعب بين من يحذر من اختيارات تؤدي إلى الفوضى وعدم الاستقرار، بينما آخرون يبنون وعودا وآمالا على مستقبل أفضل تحدده أيدي المصريين. وتقول عزيزة بدران، وهي مديرة مرحلة بوزارة التربية والتعليم (متقاعدة): «جئت لأقول لا للدستور.. لا مجال للميوعة في الآراء.. لن أستبدل بالحزب الوطني (حزب الرئيس السابق حسني مبارك) حزب الحرية والعدالة (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين)». وتابعت المرأة التي كانت تستند على عكازها: «لا وألف لا.. أنا مربية أجيال وتخرج من تحت يدي عشرة أجيال وأنا أجيد قراءة الدستور.. هم يريدون رأيا وأنا أقول هذا دستور لا يصلح لمصر ولن يهزموني باستخدام الدين»، وتابعت المرأة بغضب شديد موجهة كلامها لمنتقبة كانت تقف في طريقها: «أبلغي حزبك عني.. أنا سأقول (لا) من أجل مصر. هذا دستور لا يصلح.. لا يصلح».

من جهته، قال أحمد عبد الصبور، أحد الناخبين: «سأصوت بـ(نعم) من أجل استقرار الأوضاع. لا أريد أن تظل المظاهرات والاعتصامات وتتوقف عجلة الإنتاج.. نريد للبلد أن يتقدم، وهذا لن يحدث إلا بإقرار الدستور والبرلمان».

وبين هذا وذاك تبدو رغبة الجميع في استقرار الأوضاع والانتقال لمرحلة أخرى من مراحل العمل والإنتاج واضحة بعيدا عن قرارهم أمام صندوق الاقتراع.