الولايات المتحدة تترقب محادثات نووية جديدة مع طهران خلال أسابيع

مسؤول أميركي: تقديرنا أن الإيرانيين قد يكونون مستعدين لإبرام اتفاق.. والضغط مستمر بالتأكيد

TT

تستعد الولايات المتحدة وخمس دول أخرى كبرى لخوض جولة محادثات جديدة محتملة مع إيران وسط مؤشرات تدل على رغبة القادة الإيرانيين في اللقاء خلال الأسبوع المقبل لمناقشة الحد من الأنشطة النووية مقابل رفع بعض العقوبات في المستقبل. ووافقت الدول الست الكبرى على تقديم حزمة جديدة من الحوافز لإيران في حال موافقتها على تجميد الأجزاء الأساسية من برنامجها النووي على حد قول مسؤولين أميركيين وأوروبيين مطلعين على الأمر.

ورفضت إيران اتفاقا مشابها في مطلع العام الحالي، لكن قال مسؤولون أميركيون إن الأمل يحدوهم في أن تكون طهران قد خففت من حدة موقفها تحت ضغط العقوبات الدولية. وقال مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية يوم الجمعة: «تقديرنا للأمر هو أنهم قد يكونون مستعدين لإبرام اتفاق. والضغط مستمر بالتأكيد». ستكون تلك المحادثات هي الأولى على هذا المستوى الرفيع حول البرنامج النووي الإيراني منذ يونيو (حزيران) الماضي وتحمل معها على الأقل احتمال حدوث انفراجة في الموقف المتجمد الذي ازداد حدة خلال الأشهر القليلة الماضية. ويأتي التحرك الواضح على الجبهة الدبلوماسية في وقت ترد فيه تقارير تشير إلى موافقة إيران على تقديم تنازلات خلال نقاش منفصل مع مسؤولين عن الملف النووي في الأمم المتحدة بشأن السماح للمفتشين بدخول قاعدة إيرانية يزعم أنها تستخدم في إجراء أبحاث عن الأسلحة النووية.

ولم يرد تأكيد من طهران بشأن المحادثات المجمدة مع الدول الكبرى. وعبر الوفد الإيراني المشارك في المفاوضات يوم الجمعة عن تشككه في التوصل إلى اتفاق مع الدول الست الكبرى، وصرح مصطفى دولاتيار لصحافيين خلال زيارته إلى الهند قائلا: «أنا شخصيا لست متفائلا، لكن كل شيء قابل للنقاش».

وقال ثلاثة مسؤولين أميركيين وأوروبيين مطلعين على الاستعدادات إن مفاوضين إيرانيين كانوا يناقشون جدولا زمنيا لمحادثات جديدة ربما تعقد في إسطنبول. وربما تبدأ الاجتماعات الأولى خلال الأسبوع المقبل، وإن كان من المرجح أن تبدأ بعد احتفالات عيد رأس السنة الميلادية، على حد قول المسؤولين الذين رفضوا ذكر أسمائهم حتى يتسنى لهم مناقشة مفاوضات حساسة دبلوماسيا. وقال مسؤولون أميركيون إن الغرض من هذه المحادثات اختبار الرغبة الإيرانية في تعليق أنشطة نووية محددة كخطوة مؤقتة أو اتخاذ إجراء «لبناء الثقة» من أجل تقليل المخاوف من امتلاك إيران لسلاح نووي. وفي المقابل، سيعرض على إيران مساعدة فنية تتعلق ببرنامجها النووي المدني ورفع الحظر على شراء أجزاء الطائرات، على حد قول مسؤولين.

قد يكون قبول الإجراءات المؤقتة نقطة انطلاق نحو «اتفاق كبير» في المستقبل يضع حدودا دائمة مستقرة لأنشطة إيران النووية مقابل إلغاء العقوبات الاقتصادية بحسب ما أوضح المسؤولون. واستعرضت مجموعة الـ«5 + 1»، وهي بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والولايات المتحدة، مطالب مماثلة خلال الجولات الثلاث السابقة من المحادثات مع إيران والتي لم تسفر عن شيء خلال فصل الربيع. واشتكى مسؤولون إيرانيون آنذاك من عدم تضمن العرض المقدم من المجموعة تخفيفا كافيا للعقوبات وقالوا إنهم سينتظرون نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية قبل استئناف المفاوضات.

الجدير بالذكر أنه تم تشديد العقوبات على إيران منذ تلك المحادثات.

وأوضح مسؤول أميركي رفيع المستوى أنه تم إدخال تعديلات على الاقتراح المقدم لإيران منذ الجولة السابقة، مشيرا إلى وجود بعض الأفكار لجعل الحوافز أكثر جاذبية في حال ما أبدت إيران اهتماما جادا بالتوصل إلى تسوية. وقال المسؤول: «تقوم الحزمة على الأساس نفسه، لكن هناك بعض الإضافات. نريد أن نرى ما إذا كانوا بصدد التوصل إلى اتفاق وقادرين على ذلك أم لا».

المطلب الأساسي في المقترحات القديمة والجديدة هو تعليق إيران إنتاج اليورانيوم متوسط التخصيب، الذي يسهل تحويله إلى وقود نووي يستخدم في صناعة القنابل النووية كما أوضح المسؤولون. كذلك سيتم الضغط على إيران من أجل تجميد النشاط في مفاعل نووي تم الانتهاء من بنائه مؤخرا داخل جبل بالقرب من مدينة قم.

وأحرزت إيران تقدما ملموسا في برنامجها النووي منذ آخر جولة محادثات عقدت في يونيو (حزيران)، لكنها تعاني من ضغوط اقتصادية شديدة وتضرر اقتصادها كثيرا بسبب العقوبات التي أدت إلى تراجع صادرات النفط وعجز القطاع المصرفي في البلاد. وفي الوقت الذي يتم الحشد فيه لمناهضة العقوبات علنا، لمح بعض القادة الإيرانيين إلى رغبة جديدة في قبول وضع بعض القيود على برامج نووية رئيسية بحسب ما أوضح مسؤولون أميركيون حاليون وسابقون. وقال دينيس روس، الذي كان مستشارا رفيعا في الشأن الإيراني بالبيت الأبيض حتى العام الماضي: «لقد زادت العقوبات بشكل كبير اهتمامهم بالبحث عن مخرج». وحذر من أن هذه المؤشرات الأخيرة التي ترسلها إيران توضح تمهيد القيادة الإيرانية للطريق نحو المفاوضات، لكن ليس بالضرورة نحو اتخاذ قرارات خاصة بإبرام اتفاق نووي. وكان ما شجع المسؤولون الأميركيون هو ورود بعض التقارير التي تشير إلى حدوث تقدم في المحادثات التي عقدت يوم الجمعة بين مسؤولين إيرانيين والوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتحث الوكالة الدولية إيران منذ أشهر على السماح للمفتشين الدوليين بدخول قاعدة «بارشين» العسكرية التي يشتبه في إجراء علماء إيرانيين لأبحاث عن الأسلحة النووية منذ عشر سنوات بها. وبعد يومين من المباحثات، قال مسؤولون في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الطرفين على وشك التوصل إلى اتفاق حول وضع خطة لتسوية الخلافات المتعلقة بالأبحاث النووية الإيرانية السابقة. ومن المحتمل أن يتم التوقيع على اتفاق نهائي يتيح للمفتشين الدوليين زيارة قاعد «بارشين» خلال الشهر المقبل، بحسب تصريح هيرمان ناكيرتس رئيس قسم إجراءات السلامة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية للصحافيين في فيينا. وقال ناكيرتس: «لقد كان الاجتماع جيدا».

* خدمة «واشنطن بوست»