مقاتلات سورية تقصف مخيم اليرموك الفلسطيني.. وسقوط العشرات

نزوح جماعي من المنطقة.. والقيادة الفلسطينية تحمل النظام المسؤولية

صورة بثها موقع سوري لرجال يحاولون إخلاء مصاب في مخيم اليرموك بعد قصفه من طائرات «الميغ» السورية
TT

ردا على إعلان كتائب الجيش السوري الحر السيطرة على عدة أحياء في مخيم اليرموك الفلسطيني جنوب العاصمة دمشق، دكت قوات النظام المخيم طيلة يوم أمس بقذائف مدفعية مستخدمة للمرة الأولى الطيران الحربي في قصف المخيم، وهو الأكبر للاجئين الفلسطينيين في سوريا، مما أسفر عن وقوع عشرات القتلى والجرحى. وفي غضون ذلك، بث ناشطون شريط فيديو يظهر فيه مقاتلون في الجيش الحر قالوا إنهم يتقدمون في أحياء المخيم معلنين انطلاق ما سموه «بدء معركة تحرير مخيمي اليرموك وفلسطين».

وكانت كتائب جند الله التابعة للجيش الحر قد أعلنت أول من أمس سيطرتها على أحياء الزين والتقدم والعروبة، في مخيم اليرموك، ومحاصرة مقاتلين ينتمون للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة التابعة لأحمد جبريل) بالإضافة إلى «انشقاق 150 مقاتلا من القيادة العامة وانضمامهم إلى صفوف الجيش الحر». وفيما قال ناشطون سوريون ومصادر فلسطينية إن جبريل فر من المخيم مع نجله باتجاه طرطوس على البحر المتوسط، نفى القيادي في الجبهة الشعبية أنور رجا مغادرة أي عضو من الجبهة دمشق أو اليرموك، بحسب ما نقلته وسائل إعلام موالية للنظام السوري.

وأمس، استخدمت القوات النظامية السورية الأحد للمرة الأولى الطيران الحربي في قصف مخيم اليرموك. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ثمانية أشخاص على الأقل قتلوا «إثر الغارة الجوية التي تعرض لها مخيم اليرموك» في محيط مستشفى الباسل وحي الجاعونة في المخيم، متوقعا ارتفاع عدد القتلى «بسبب وجود جرحى في حالة خطرة».

من جهتهم، قال سكان في المخيم إن صاروخا استهدف مسجد عبد القادر الحسيني الذي يؤوي 600 نازح من أحياء دمشق الجنوبية، مما أدى إلى «سقوط عدد كبير من الضحايا».

وأظهر شريط فيديو بثه المرصد على موقع «يوتيوب» الإلكتروني حطاما على طريق إسفلتي بينما يهرع المصور وأشخاص آخرون إلى المكان المستهدف وسط صيحات «الله أكبر» و«يا الله». وفي ما يبدو أنه الباحة الخارجية للمسجد، يتجمع أشخاص حول عدد من الجثث الموزعة على الأرض والدرج المؤدي إلى المسجد نفسه. ويسمع المصور يقول «مخيم اليرموك 16-12-2012.. الله أكبر، مجزرة».

وقال الناشط الدمشقي «أسفر سقوط قذائف صاروخية بالقرب من جامع عبد القادر الحسيني الذي لجأت إليه العائلات للاحتماء من القصف عن وقوع مجزرة، راح ضحيتها أكثر من ثلاثين قتيلا وعشرات الجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وبينهم مؤذن الجامع معمر ناصر الملقب بأبو مؤيد، وهو فلسطيني الجنسية». وأضاف «تزامن اشتداد القصف الذي هزت أصواته معظم أحياء العاصمة مع اشتباكات عنيفة بين قوات النظام وكتائب الجيش الحر، عند مركز الخالصة بالمخيم وبالشوارع المحيطة وعدة مناطق في المخيم، كما تركز القصف من قوات النظام على محيط مشفى الباسل وحارة الجاعونة». وحسب وكالة «رويترز» فقد أسفر القصف أمس عن مقتل 25 على الأقل داخل المسجد.

وعن الوضع الإنساني، أفاد الناشط «بتردي الوضع الإسعافي للمصابين، حيث غص مشفى الشهيد فايز حلاوة بالجرحى والمصابين من النساء والأطفال، وهناك جثث متفحمة بالكامل، في ظل نقص حاد في الكوادر الطبية والمواد الإسعافية، ووجهت جوامع المخيم نداءات عبر المآذن تطلب من كل طبيب أو ممرض التوجه إلى مشفى فايز حلاوة للمساعدة بإسعاف الجرحى».

وبينما أغلق طريق المدخل الرئيسي للمخيم، نزح آلاف السكان نحو الأحياء القريبة في الزاهرة والميدان وكفرسوسة، وقال شهود عيان إن سيارات التاكسي امتنعت عن نقل النازحين، ومعظمهم هرب سيرا على الأقدام أو بسيارات نصف نقل نحو حيي الزاهرة والميدان، حيث افترشوا الأرصفة هناك ليواجهوا البرد القارس.

كما قصفت طائرات ومدفعيات قوات النظام منطقة السبينة القريبة من المخيم وحيي الحجر الأسود والمادنية. وبث ناشطون على الإنترنت صورا تظهر تصاعد الدخان نتيجة الغارات الجوية على منطقة السبينة - جمعيات. كما قصفت بلدة دير العصافير في الغوطة الشرقية، وقال ناشطون إن قوات النظام رمت قنابل عنقودية حارقة، كما بثوا فيديو يظهر تصاعد الدخان لحظة القصف على دير العصافير.

وازداد التوتر وسط العاصمة السورية جراء التهاب ريف دمشق المتصل بأحياء الأطراف، حيث يحاول النظام استعادة سيطرته على تلك المناطق مع تقدم قوات المعارضة المسلحة.

وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن «القوات النظامية تشعر بحاجة إلى تعزيز حملتها للقضاء على المقاتلين المعارضين في جنوب دمشق، ولا يمكنها محاربتهم من دون اللجوء إلى قوتها الجوية»، في إشارة إلى قصف مخيم اليرموك.

ومع استمرار الحملة العسكرية الواسعة التي تشنها القوات النظامية في محيط العاصمة منذ أسابيع، تحدثت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات أمس عن «تصعيد إرهابي في محيط دمشق بدأت أيضا ملامحه ترتسم مع التفجيرات التي شهدتها العاصمة في اليومين الماضيين»، استهدف أبرزها وزارة الداخلية السورية الأربعاء.

وفي تطور لاحق أمس، حملت القيادة الفلسطينية النظام السوري مسؤولية سقوط قتلى في مخيم اليرموك، وقال ياسر عبد ربه، أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، لوكالة «رويترز»: «نحن نحمل بشار الأسد ونظامه مسؤولية هذه الجريمة في مخيم اليرموك والتي تكشف بشكل واضح أن هذا النظام لا يعرف حدودا لنهجه الإجرامي في القتل والتدمير». وأضاف أن «المجازر في مخيم اليرموك وفي كل مكان في سوريا تستدعي اليوم قبل الغد أن يضع المجتمع الدولي حدا لنظام القتل والإرهاب في سوريا قبل أن يحرق المنطقة بأسرها». وتابع «إننا نتابع مع أبناء شعبنا في سوريا الأوضاع على الأرض، وسوف نتخذ كل الإجراءات التي تمكننا من حماية شعبنا على كل الأصعدة».