«معركة اليرموك» تهدد أمن عشرات آلاف الفلسطينيين

النظام سلح «الجبهة الشعبية» بعد خروج حماس

TT

بقي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في ريف دمشق، طوال الأزمة السورية، محيدا عن القصف الجوي، حتى يوم أمس، رغم أن هذا المخيم الذي يقيم فيه أكثر من 150 ألف فلسطيني، ومثلهم من السوريين، شهد موجتي عنف في شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، كسرت حياديته.

وتعرض المخيم أمس لأعنف موجات القتال منذ اندلاع الأزمة السورية، وثق الناشطون خلالها غارات جوية استهدفت أحياء منه لأول مرة، واشتباكات امتدت من مداخله، وتحديدا من منطقتي «التقدم» و«العروبة»، باتجاه العمق. لكن اللافت، بحسب الناشطين، لم يكن قتال الجيش السوري النظامي وحده ضد المعارضين، حيث آزره مقاتلون تابعون للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، التي يتزعمها أحمد جبريل المؤيد للنظام السوري.

ويعتبر هذا الفصيل الفلسطيني الموالي لدمشق، الجهة الفلسطينية الوحيدة الفاعلة في المخيم، بعد خروج قادة حركة حماس من دمشق على خلفية تأييد الحركة للحراك السوري. ويقول ناشط سوري لـ«الشرق الأوسط» إن المخيم «لم يشهد، منذ تأسيسه في عام 1957 أي موجة قتال مسلح بين الفصائل الفلسطينية، وكانت تقتصر الخلافات فيه على وضع الشعارات، بسبب سيطرة الأجهزة الأمنية النظامية بالكامل على الواقعين السياسي والميداني في اليرموك».

ويوضح الناشط الذي رفض الكشف عن اسمه «أن القيادة العامة، بعد خروج قادة حماس، سيطرت على القرار الفلسطيني في المخيم، فيما سيطر عناصرها على الشوارع بعد تسليحهم قبل عام»، لافتا إلى أن النظام السوري، إثر انطلاق الثورة السورية، «قدم السلاح لمقاتلي الجبهة الموالين له، وسلمهم زمام المبادرة في الشارع، رغم أن هذا العمل كان محظورا في السابق، وتبين فيما بعد أن مقاتلي جبريل يقاتلون في المخيم وعلى أطرافه، بالوكالة عن القوات النظامية».

وعلى خلفية الانقسام الفلسطيني حيال الأزمة السورية، ظهرت في مقابل الجبهة الشعبية، كتيبة «لواء العاصفة» التي أعلنت المعارضة أمس أنها تمكنت، إلى جانب المعارضين، من السيطرة على حيي الزين والتقدم بالمخيم بعد 12 يوما من الاشتباكات. وقد شكلت هذه الكتيبة في شهر أكتوبر الماضي «من المقاتلين الفلسطينيين الداعمين للثورة السورية» بهدف «تولي المسؤولية عن مخيم اليرموك»، و«مهاجمة المقاتلين الموالين لأحمد جبريل»، بحسب أحد قادة الميدان المعارضين.

ويعد مخيم اليرموك أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين في سوريا، ويقع على بعد 8 كم من دمشق، ويختلف تماما عن تجمعات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في سوريا. ويزدحم المخيم بالشوارع الضيقة ويكتظ بالسكان، رغم أنه يتضمن شارعين، هما «لوبيا» و«صفد»، يعتبران من أهم الشوارع التجارية في دمشق، ويستقطبان التجار السوريين.

تأثر المخيم بالأحداث السورية، لا سيما بالمعارك التي اندلعت بمحيطه في شارع فلسطين، ومنطقتي الحجر الأسود والتضامن في ريف دمشق، فاستقبل أعدادا كبيرة من النازحين السوريين، وتحولت مساجده ومدارسه إلى ملاجئ للفارين باتجاه المنطقة الأكثر أمنا، لكن هذه الميزة التي تمتع بها المخيم منذ 20 شهرا، سقطت أمس بفعل الحملة العسكرية العنيفة، ودفعت بساكنيه إلى اللجوء للملاجئ، والفرار إلى مناطق آمنة مثل محافظة القامشلي.