مؤشرات أولية عن تقدم طفيف لمؤيدي الدستور.. والمعارضة تطعن في سلامة الاستفتاء

شكاوى حقوقية عن انتهاكات بالجولة الأولى.. ووعود بتلافي الأخطاء في المرحلة الثانية

عناصر مكافحة الشغب تقطع الطريق أمام مقر الشرطة في حي الدقي بالقاهرة أمس تحسبا لردود فعل على نتائج الاستفتاء الأولية (أ.ف.ب)
TT

توالى أمس ظهور نتائج الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد الذي جرت مرحلته الأولى أول من أمس في عشر محافظات، حيث تنافست المواقع الإخبارية والأحزاب والحركات السياسية على إعلان أرقام المؤيدين والرافضين للدستور الجديد، فيما أكد المستشار زغلول البلشي، مساعد وزير العدل لشؤون التفتيش القضائي وأمين عام اللجنة العليا للانتخابات المشرفة على استفتاء الدستور الجديد، أن اللجنة العليا تسلمت حتى عصر أمس النتائج النهائية في 6 محافظات، فيما لم ترسل محافظات القاهرة وشمال سيناء وجنوب سيناء وسوهاج بعد.

ورغم أن أغلب النتائج التي أعلنت تشير إلى تقدم طفيف للموافقة على مسودة الدستور الجديد، بنسبة تقارب 56.68 في المائة مقابل 43 في المائة لرفضه، فإن عددا من المنظمات الحقوقية التي راقبت عملية الاستفتاء أكدت وقوع انتهاكات تهدد سلامة العملية الانتخابية، وطالبت بإلغاء الاستفتاء الذي تم أول من أمس.

ومن جانبه، قال المستشار البلشي إن اللجنة العليا المشرفة على استفتاء الدستور بدأت تتسلم أمس نتائج لجان الفرز للمرحلة الأولى من الاستفتاء من رؤساء المحاكم الابتدائية بالمحافظات «ووصلت للجنة حتى الآن نتائج محافظات الإسكندرية والشرقية وأسوان والدقهلية والغربية وأسيوط، فيما لا تزال باقي المحافظات لم ترسل نتائجها بعد».

وقال البلشي في تصريح له أمس إن «اللجنة ليست مسؤولة عن النتائج التي تعلنها الأحزاب السياسية، حيث إن النتائج يتم تجميعها بلجان الفرز وتسلم إلى اللجان العامة ثم إلى لجان المحافظات، وأخيرا إلى اللجنة العليا للانتخابات، والتي تفحصها وتراجعها وتتحفظ عليها لحين جمعها مع النتائج الخاصة بالمرحلة الثانية (التي ستجري يوم السبت المقبل)، ونتائج المصريين في الخارج، وإعلانها رسميا في مؤتمر صحافي الأسبوع المقبل، مرجحا أن يكون ذلك بعد ثلاثة أيام من انتهاء الاستفتاء. وأشار البلشي إلى أن اللجنة ستعمل في المرحلة الثانية التي تضم 17 محافظة على تلافي جميع العيوب والسلبيات التي شهدتها المرحلة الأولى، من خلال تشكيل غرف عمليات بكل محكمة ابتدائية لاستقبال شكاوى القضاة والمواطنين، كما ستخصص خطا ساخنا لاستقبال الشكاوى وحلها على الفور.

ويبلغ إجمالي الناخبين الذين لهم حق التصويت في المرحلة الثانية للاستفتاء على الدستور نحو 25 مليونا و500 ألف ناخب، سيدلون بأصواتهم في 4930 مركزا انتخابيا. وتضم المرحلة الثانية 17 محافظة هي: قنا وبني سويف والمنيا والمنوفية والبحيرة ودمياط والوادي الجديد والبحر الأحمر والفيوم وكفر الشيخ والجيزة وبورسعيد والسويس ومطروح والأقصر والقليوبية والإسماعيلية.

إلى ذلك، أحالت غرفة عمليات المجلس القومي لحقوق الإنسان أمس 350 شكوى من أصل 437 تلقتها غرفة العمليات إلى اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء للتحقيق فيها. ومن أبرز الانتهاكات التي تضمنتها الشكاوى بشأن الاستفتاء أمس تأخر فتح بعض مقار اللجان الانتخابية، وممارسة الدعاية التوجيهية أمام مقار بعض اللجان، وتوجيه إرادة بعض الناخبين داخل بعض اللجان وخارجها، ومنع بعض المراقبين من ممارسة مهامهم، وعدم اعتراف بعض رؤساء اللجان وقوات تأمين اللجان بتصاريح المراقبة التي يحملونها، ووجود تصويت جماعي ببعض اللجان، وتوزيع رشاوى انتخابية أمام بعض اللجان الانتخابية، وتسويد بطاقات من قبل رؤساء بعض اللجان الانتخابية.

من جانبها، أكدت غرفة العمليات بنادي القضاة أنها تلقت نحو 420 شكوى من المواطنين بشأن تجاوزات المرحلة الأولى للاستفتاء على الدستور، من بينها 120 شكوى بشأن عدم وجود قضاة في اللجان، وأن المشرفين على الاستفتاء من غير القضاة، و200 شكوى عن مخالفات من خلال الدعاية الانتخابية بالحرم الانتخابي، ومخالفة فترة الصمت الانتخابي، بتوجيه الناخبين للتصويت، و100 بلاغ عن عدم ختم الأوراق.

وطالبت غرفة عمليات نادي القضاة، اللجنة العليا للانتخابات المشرفة على عملية الاستفتاء على الدستور بإعلان أسماء القضاة المشاركين في الإشراف على الاستفتاء، وذلك بعد تلقي غرفة العمليات عشرات الشكاوى والبلاغات عن انتحال أشخاص يتولون الإشراف على اللجان صفة القضاة. وأكد المستشار محمد عبد الهادي، عضو غرفة عمليات نادي القضاة، أن الغرفة أرسلت جميع الشكاوى والمخالفات للجنة العليا للانتخابات المشرفة على الاستفتاء، للتحقيق فيها، والتأكد من صحتها، وإزالة أسبابها إذا ثبتت صحتها.

وعلى صعيد متصل، أقام المحامي خالد علي، المرشح السابق لانتخابات الرئاسة، أمس، أول دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، طالب فيها بإصدار قرار بوقف إجراءات الاستفتاء ووقف إعلان النتيجة، وإعادة الاستفتاء بعد إدراج كامل نصوص مشروع الدستور باستمارة إبداء الرأي للاستفتاء، أو نشر مشروع الدستور المستفتى عليه بالجريدة الرسمية.

واختصم خالد علي في دعواه كلا من الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية، والمستشار سمير أبو المعاطي رئيس اللجنة العليا للانتخابات والمشرفة على الاستفتاء، بصفتهما. وذكرت الدعوى أنه امتنع عن التصويت أمس عند ذهابه للاستفتاء لعدم وجود النصوص المستفتى عليها في الدستور، وحرر محضرا بذلك، وبعد ذلك أقام دعواه، مشيرا إلى أن الرئيس مرسي دعا الشعب المصري للاستفتاء على مسودة الدستور الجديد، ولم ينشر رفق دعوته للشعب مشروع الدستور الذي سيتم الاستفتاء الشعبي عليه بالجريدة الرسمية، ولم ينشر بأي عدد من أعدادها حتى تاريخ الاستفتاء على الدستور.

من جانبه، أكد مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية أن الاجتماع الذي عقده أحمد جمال الدين، وزير الداخلية، في الساعات الأولى من صباح أمس، مع عدد من مساعدي أول ومساعدي الوزير لمناقشة المناخ الأمني الحالي في البلاد، أظهر الحاجة إلى ضرورة تغيير التخطيط والتحرك الأمني خلال هذه المرحلة.

وأوضح المصدر الأمني في تصريح لوكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية أمس أن الاجتماع تناول النظر في إعادة تسليح القوات من أجل تأمين المنشآت الحيوية والمهمة في البلاد من جانب، ومواجهة أحداث العنف الأخيرة التي شهدها الشارع المصري وما شهدته من استخدام لأسلحة نارية وخرطوش في التعدي على المواطنين ورجال الشرطة من جانب آخر، وذلك في ضوء تصاعد حدة الصراعات السياسية بين مختلف القوى والأحزاب السياسية والثورية، وانعكاس تلك الصراعات على أمن الشارع المصري.

من جهته، قال خالد داود، المتحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني، إن عملية التصويت على الاستفتاء شابتها مخالفات وانتهاكات وأوجه قصور كثيرة، موضحا أن الجبهة ستعقد مؤتمرا صحافيا في وقت لاحق يشرح خلاله ممثلو المنظمات غير الحكومية تلك الانتهاكات بالتفصيل.

وأشار المتحدث إلى أن جبهة الإنقاذ الوطني تؤكد أنها لا تقر أو تعترف بأي نتائج غير رسمية يتم تداولها على مواقع الأحزاب السياسية والمواقع الإخبارية، وقال إن «الجبهة تشعر بثقة بأن مطلبها بتأجيل إجراء الاستفتاء حتى يتم التوافق بين المصريين وتجاوز مرحلة الاحتقان الحالية كان الموقف الصحيح لصالح هذا الوطن وشعبه، لأن هذا الدستور سيزيد من انقسام الوطن، ولن يحقق الاستقرار الذي ننشده».

وعلى الجانب الآخر، أشادت جماعة الإخوان المسلمين بالمشاركة الجماهيرية في المرحلة الأولى من الاستفتاء على مسودة الدستور، قائلة في بيان لها أمس «يا شعب مصر العظيم، لقد ضربت بالأمس مثلا رائعا بإيجابيتك ومشاركتك في الاستفتاء على مشروع الدستور (...) كان منظرا عظيما دل على أن هذا الشعب خلع عن نفسه رداء السلبية وشعر بقيمته وسيادته وحقه في إعمال إرادته، كما أثبت هذا الشعب أنه انتقل في فترة قصيرة إلى مصاف الدول الديمقراطية التي تمارسها وتحترم نتائجها».

وأدانت الجماعة في بيانها ما وصفته بـ«العدوان الغاشم الأثيم الذي وقع في الإسكندرية على بيت من بيوت الله (مسجد القائد إبراهيم) في ظاهرة منكرة غريبة وسابقة على الشعب المصري كله الذي يحترم دور العبادة وعلماء الدين، وعلى شيخ جليل هو رمز من رموز الثورة ويشهد له هذا المسجد وهذا الميدان الذي لا يقل عن ميدان التحرير مشاركة في الثورة بالمواقف الصادقة الوطنية، والتي نسأل الله أن يتقبلها منه ومنا ومن الجميع». كما قال البيان أيضا «ندين العدوان الذي وقع على مقر حزب الوفد أيا كان الفاعل، ونطالب السلطات بضرورة تقديم من قام بهذا العدوان في الحالتين إلى النيابة والمحاكمة حتى يلقى جزاءه العادل».