بعد عام من رحيله.. كيم جونغ إيل ما زال «بين أبناء كوريا الشمالية»

كيم جونغ أون أهدى إطلاق صاروخ بعيد المدى لذكرى والده

حفل رسمي في بيونغ يانغ لتأبين كيم جونغ ايل بعد عام من وفاته (إ.ب.أ)
TT

ترأس الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، أمس في بيونغ يانغ، حفل تأبين رسميا في ذكرى وفاة والده رجل البلاد القوي السابق كيم جونغ إيل، الذي توفي قبل عام تماما. وجرت المراسم بعد أيام من إطلاق كوريا الشمالية صاروخا أذعر العالم، وأكد به كيم جونغ أون التزامه بالتسليح العسكري، مهديا الصاروخ لذكرى والده.

وبعد سنة من وفاة «الزعيم الكبير» كيم جونغ إيل، تبدد بصيص الأمل الذي أثاره تولي ابنه الشاب مقاليد الحكم في النظام الشيوعي، وظلت كوريا الشمالية بلدا مغلقا معزولا وفقيرا. وقد ظن البعض أن ابنه في سن الثلاثين، والذي تخرج في سويسرا، قد يأتي برياح التغيير في بلده المعزول الذي يعيش فيه الاقتصاد بفضل المساعدة الصينية، وحيث يموت ملايين الأشخاص جوعا. لكن التغيير لم يكن حتى الآن سوى عارض. وأكثر من ذلك قيل إن بيونغ يانغ أهانت «قوات العدو» التي تحاربها وأحبطت أحدث أنظمة المراقبة والتجسس بتمكنها من إطلاق صاروخ ظن العالم أجمع أنه معطل أو بصدد التفكيك. وقد أكد الخبراء الأميركيون والجنوب كوريون، استنادا إلى صور الأقمار الاصطناعية، أن إطلاق الصاروخ قد يلغى. ولكن بعد أقل من 24 ساعة أطلق الصاروخ فعلا، وحققت كوريا الشمالية لأول مرة هدفها التاريخي بوضعها على المدار قمرا صناعيا للأحوال الجوية، كما تقول رسميا، بينما ترى واشنطن وحلفاؤها أنه صاروخ باليستي آخر.

وأقيم حفل أمس بحضور آلاف المسؤولين والشخصيات في النظام الكوري الشمالي، بعدما نظمت احتفالات هائلة شارك فيها مئات الآلاف من الجماهير يوم الجمعة الماضي في بيونغ يانغ. وذكرت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية للأنباء أمس أن هيئة الإذاعة والتلفزيون المركزية الكورية الشمالية الرسمية، والتي تبث في سيول، نقلت على الهواء مباشرة مراسم إحياء الذكرى التي أقيمت صباح أمس في استاد بالعاصمة بيونغ يانغ.

وقاد كيم جونغ إيل كوريا الشمالية بقبضة من حديد من عام 1994 حتى وفاته في 17 ديسمبر (كانون الأول) عام 2011 إثر إصابته بأزمة قلبية. وقد تولى القيادة ابنه الأصغر كيم جونغ أون خلفا له. وتحكم أسرة كيم كوريا الشمالية منذ أن أسسها في 1948 كيم إيل سونغ جد كيم جونغ أون. وهي توصف في بعض الأحيان بأنها الأسرة الحاكمة أو الملكية الشيوعية الوحيدة في التاريخ.

وأحاط عشرات من كبار المسؤولين في الحكومة والجيش والحزب بكيم جونغ أون الذي وقف ببزته السوداء أمام علم أحمر عملاق وصورة لكيم جونغ إيل مبتسما.

وقال رئيس الدولة الفخري كيم يونغ نام، في الاحتفال الذي بثه التلفزيون، إن «قلب الزعيم العظيم توقف عن الخفقان، لكن الرفيق كيم جونغ إيل يعيش بيننا إلى الأبد (...) للسهر على المستقبل المشرق لشعبنا». وأضاف أن «الإطلاق الناجح لقمرنا الصناعي (كوانغميو نغسونغ 2) هو أيضا انتصار جديد لجيشنا ولشعبنا بفضل متابعة تعاليم قائدنا العظيم بدقة».

وجاءت المراسم التي استمرت 70 دقيقة وسط حالة البهجة التي يشعر بها الكوريون الشماليون بعد نجاح إطلاق صاروخ في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي ليحمل «قمرا اصطناعيا» إلى المدار، حسبما أعلنت بيونغ يانغ. وأثار إطلاق الصاروخ انتقادات دولية نظرا للتشكك في أنه تجربة لتكنولوجيا الصواريخ الباليستية. لكن كوريا الشمالية أشادت بإطلاق الصاروخ، ووصفته بأنه يثبت تقدمها في تكنولوجيا الفضاء، وهو ما كان يمثل أمنية للزعيم الراحل.

وتؤكد بيونغ يانغ أن صواريخ بعيدة المدى هي صواريخ لإطلاق أقمار صناعية غايتها مدنية، بينما تعتبر الولايات المتحدة وحلفاؤها أن عمليات إطلاق الصواريخ هذه ليست سوى اختبارات لصاروخ باليستي، بينما تمنع قرارات أصدرتها الأمم المتحدة في 2006 و2009 بيونغ يانغ من القيام بأي نشاط نووي أو باليستي.

وقد أثبت كيم جونغ أون أنه ملتزم بنهج والده. وقال الخبير في شؤون كوريا الشمالية شيونغ سيونغ تشانغ من جامعة سيغونغ بسيول لوكالة الصحافة الفرنسية ساخرا إن «القائد الشاب اتبع تعليمات والده في ما يخص التجارب الصاروخية ومحاولة العثور على أسلوبه كديكتاتور». وتبين أنه قادر على إلقاء خطب، وأولاها بعد توليه الحكم بأربعة أشهر فقط بمناسبة مئوية ميلاد جده كيم إيل سونغ مؤسس جمهورية كوريا الشمالية الشعبية الديمقراطية في 1948.

بينما لم يلق كيم جونغ إيل من جانبه سوى خطاب واحد في مهرجان كبير طيلة عهده الذي استمر 17 سنة، ليتلفظ بجملة واحدة. وقال المتخصص في كوريا في جامعة ليدز ببريطانيا ايدان فوستر كارتر «لا أظن أنه يمكن القول إنه يفعل أي شيء مختلف» عن سلفه. ولكن لا يزال من الصعب الاطلاع على المعاناة اليومية للشعب الكوري الشمالي خصوصا في الأرياف خارج بيونغ يانغ التي تعتبر واجهة النظام المزينة.

ورغم أن كيم جونغ أون يستمر على خطى أسلافه بجعل الجيش «الأولوية الأولى والثانية والثالثة»، فقد وعد هذا الشاب أيضا بأن الكوريين الشماليين «لن يضطروا أبدا إلى التقشف».

وبعد بضعة أشهر بدا وكأن «توجيهات 28 يونيو (حزيران)» تؤكد إرادة النظام في إنجاز إصلاحات اقتصادية وزراعية، فتحدث عن إمكانية احتفاظ الفلاحين بأكبر قدر من محاصيلهم الزراعية لبيعها بدلا من تسليمها كاملة للدولة، وذلك لتحسين الإنتاجية. ولكن لا شيء حصل من حينها.