مساهمة المصريات في الاقتراع على الدستور الجديد يلفت نظر العالم

دافعن عن حقوقهن في الميادين.. وتصدرن الطوابير أمام لجان الانتخاب

سيدات مصر في مركز اقتراع على الدستور الجديد بوسط القاهرة أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

صممن على الاستمرار في المضي قدما في كتابة سطور من تاريخ بلاد تقف على حافة الهاوية، رافضات التهميش وإقصاء حقوقهن. يقفن في مواجهة حوائط وحواجز تبنيها تيارات متشددة تحاول أن ترجع بسيدات مصر إلى عصر الحريم، إلا أنهن يثبتن البطولة في الميادين السياسية يوما بعد يوم، ضاربات المثل لسيدات العالم في الحرية والديمقراطية.

وتصدرت المشاركة الكثيفة لنون النسوة في عملية الاستفتاء أول من أمس غالبية الصور التي نشرت في الصحف المصرية والعالمية التي غطت المرحلة الأولى من الاستفتاء على الدستور المثير للجدل، والذي بسببه نشبت اضطرابات بين القوى المدنية المعارضة له وقوى تيارات الإسلام السياسي التي استحوذ أعضاؤها على الجمعية التأسيسية التي وضعت الدستور وتم فيه تهميش المشاركة النسائية.

ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع شرارة ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 كانت الأحداث شاهدة على أن ميادين القتال من أجل الحرية والديمقراطية ليست قاصرة على الرجال، بل ضمت القائمة الكثير من أسماء الفتيات والنساء التي أعادت ذكرى استشهاد الطالبات في مظاهرات ثورة عام 1919. وكان على رأس من ضحين بأنفسهن الفتاة سالي زهران التي تعد أول شهيدة في أحداث ثورة 25 يناير العام الماضي.

وفي خضم أحداث قصر الاتحادية (القصر الرئاسي) التي وقعت في مطلع الشهر الحالي تداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لرجل ينتمي إلى أحد تيارات الإسلام السياسي يضع يده عنوة على فم إحدى السيدات المشاركات في المسيرات المنددة بقرارات الرئيس محمد مرسي، محاولا كتم صوتها الذي ينادي بحقوقها التي استلبها مشروع الدستور الذي تم الاستفتاء عليه يوم السبت الماضي.

وكانت قوى ليبرالية ومنظمات حقوقية عارضت طرح الدستور للاستفتاء لما فيه من التعدي على حقوق المرأة وتهميش دورها، فعلى سبيل المثال وليس الحصر نصت المادة 33 باب الحقوق والحريات من الدستور الجديد على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك. واختلف هذا البند عن مثيله في دستور 1971 الذي كان يتضمن جزئية تقول: «لا تمييز بينهم بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة»، مما يتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة بموجب الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري الموقعة من قبل الدول الأعضاء عام 1965.

أيضا انتقد المجلس القومي للمرأة المادة 68 من الدستور، معتبرا أنها تقييد لحقوق المرأة بأحكام الشريعة، وهو ما رأى المجلس أنه سيفتح الباب أمام آراء الفقهاء والمذاهب المختلفة، مما قد يبيح زواج الطفلة في سن 12 عاما أو أقل.

وكانت منظمة العفو الدولية قالت إن الدستور المصري الجديد يشهد قصورا في حماية حقوق الإنسان، ويتجاهل بشكل خاص حقوق المرأة، وإن هناك مواد من شأنها الحط من قدر المرأة وإلحاق أضرار بها، ما يجعلها مواطنة من الدرجة الثانية.

ولم تقتصر المشاركة الإيجابية لسيدات مصر من مختلف الأعمار والمستويات أول من أمس على الاقتراع، بل امتدت لتشمل الانضمام إلى اللجان الشعبية التي كانت تنظم وجود الناخبين في لجان الاقتراع. ففي إحدى اللجان في ضاحية الزمالك كانت سيدات يرتدين صديريا مميزا وينظمن طوابير الناخبين، وشهدت عدة لجان بمحافظات مختلفة تصدي السيدات للانتهاكات التي كانت تحدث أثناء عملية التصويت.

وفي الإسكندرية قامت السيدات في شارع سوريا بقطع الطريق اعتراضا على منعهن من دخول اللجان الخاصة بهن، وفي ضاحية أرض الجولف بمدينة نصر شرق القاهرة قامت سيدات بطرد رجل ملتحٍ يزعم بأنه يصاحب زوجته، بينما كان يوعز للناخبات بالتصويت بـ«نعم» على الدستور «نصرا للدين». وفي ضاحية مصر الجديدة الراقية بالقاهرة احتجت الناخبات على غلق المقر الانتخابي بمدرسة «ابن سينا» بميدان الإسماعيلية قبل الموعد المحدد بساعتين رغم تكدس الناخبات أمام المدرسة لساعات.