تقرير «حقوق الإنسان»: تزايد العنصرية وقمع الحريات في إسرائيل

في ظل حكم نتنياهو كثرت المبادرات التشريعية الاعتباطية شديدة التطرف

TT

حذرت جمعية حقوق الإنسان في إسرائيل من التدهور الجديد في سياسة الحكومة الإسرائيلية تجاه الإنسان عموما، والأقليات بشكل خاص. وأشارت في تقريرها السنوي إلى أن معدل الممارسات العنصرية ارتفع بشكل خطير خلال العام الحالي، وتجلى ذلك في تصريحات الكثير من المسؤولين، وفي قرارات اتخذتها الحكومة، وكذلك في قوانين سنت بمبادرة منها.

وجاء في التقرير أن عمليات التحريض والعنف ضد اللاجئين الأفارقة استفحلت خلال العام الماضي، مصحوبة بتشريعات قانونية عنصرية ضدهم، وبتعميق العنصرية ضد العرب عموما، والفلسطينيين في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة بشكل خاص، والمساس بمكانة اللغة العربية، لغة السكان الأصليين. كما شهد العام الماضي، أيضا، المزيد من التضييق على هامش حرية التعبير عن الرأي، وحرية التظاهر في إسرائيل، بل يعتبر التقرير تلك السنة «علامة فارقة في انتهاء عهد المظاهرات والاحتجاجات العفوية، بعد أن أقرت بلديات مختلفة، مثل القدس وتل أبيب، مقاييس وشروطا جديدة تقيد حرية الاحتجاج، من خلال طلب الحصول على تراخيص مسبقة لنصب خيام في الأماكن العامة، واشتراط دفع مبالغ مالية كبيرة، مما يجعل الاحتجاجات الاجتماعية ميزة يتمتع بها الأغنياء والميسورون فقط، ومتاحة لهم وحدهم». ويرصد التقرير ظاهرة نقل صلاحيات كثيرة من الشرطة لجهات وشركات خاصة، مثل العاملين في شركات الحراسة أو مراقبي البلديات أو حتى متطوعين في البلديات والسلطات المحلية، باعتبار ذلك حلا رخيصا وغير مكلف للنقص في القوى البشرية والقوى العاملة.

وفي بند حول الأقليات وطالبي اللجوء، جاء في التقرير، الذي وصلت «الشرق الأوسط» نسخة منه: «عندما يدور الحديث عن الأقليات، أو من ليسوا من المواطنين، تتحول المعاملة المستهترة والمتجاهلة في بعض الأحيان، إلى ممارسات طاغية واستعراض للعضلات. وفي العام 2012 برز هذا الأمر على نحو خاص في التعامل مع اللاجئين وطالبي اللجوء، فقد دخل قانون التسلل إلى حيز التنفيذ، وبدأت السلطات تزج بطالبي اللجوء في المعتقلات لفترات طويلة. وطردت الدولة طالبي اللجوء من جنوب السودان، ورفضت إدخال طالبي لجوء قرعوا جدرانها، ومضت في بناء المعتقل الأضخم في العالم للمهاجرين. وبدل رسم سياسات وحلول منظمة تدعم حقوق طالبي اللجوء، كما حقوق مواطني إسرائيل الذين يسكنون في المناطق التي يتجمع فيها طالبو اللجوء، انقادت الحكومة والكنيست وراء مبادرات تشريعية اعتباطية وشديدة التطرف. فقد أملت الحكومة والكنيست أن يحول منع العمل وسجن طالبي اللجوء (حياة هؤلاء إلى أمر لا يطاق)، ومن ثم تختفي المشكلة. التصريحات العنصرية التي أطلقها أعضاء كنيست ووزراء وموظفون مرموقون وشخصيات عامة ضد اللاجئين وطالبي اللجوء، وضد المنظمات التي تمد لهم يد العون، وصلت إلى أسفل الدرك، وتحولت إلى تحريض سافر وأرعن، وشكلت أرضية خصبة لاعتداءات عنيفة».

وخص التقرير هذه المرة، السكان العرب في النقب (فلسطينيي 48)، جنوبي إسرائيل، بفصل خاص جاء فيه: «في النقب، تمضي الحكومة قدما بإجراءات تخطيطية من خلال تبني منهج يتجاهل حقوق المواطنين العرب البدو وارتباطهم بالأرض، وأسلوب حياتهم ورغباتهم، وتفرض حلولا أحادية الجانب عليهم. ممارسات الدولة العنيفة تجاه مواطنيها البدو تجسدت هذا العام بحادثين مورس فيهما عنف بوليسي خطير في قرية بير هداج، عندما قام أفراد من الشرط بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على المواطنين هناك. وبلغت الأمور حد إطلاق الرصاص الحي في الهواء في إحدى الحالات. يبدو أن الحديث يدور عن المرة الأولى التي يمارس فيها عنف بوليسي خطير ضد مجموعة من المواطنين منذ أحداث أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000 التي قتل فيها 13 مواطنا إسرائيليا عربيا برصاص الشرطة».

ويخص التقرير أيضا سكان القدس الشرقية المحتلة، الذين يعتبرون حسب القوانين الإسرائيلية «مقيمين»، إذ إنها ضمت بلدتهم إلى تخوم إسرائيل، ومنحت السكان بطاقة هوية، ولكنها لم تمنحهم الجنسية إلا بشكل انتقائي. يقول التقرير: «في القدس الشرقية، التي تسود فيها التوترات والاحتكاكات وأعمال الإخلال بالنظام العام تكثر أعمال العنف التي تمارسها الشرطة ضد السكان الفلسطينيين، لذا لا يعتبر هؤلاء شرطة لواء القدس جسما يحميهم ويخدمهم. بالنسبة للمقدسيين، الشرطة جسم يعاديهم ويتنكر لهم، ويمارس القوة تجاههم ويتجاهل احتياجاتهم وأمنهم، ويفضل مصالح السكان اليهود في المدينة. الشكاوى التي يقدمها الفلسطينيون في القدس لقسم التحقيق مع أفراد الشرطة (...) تعالج في مرات كثيرة على نحو رديء ومنقوص».

وحول الداخل الإسرائيلي، جاء في التقرير أن إسرائيل واصلت في عام 2012، ممارساتها المستهترة بحق جمهور من المواطنين، لم يعد أفراده قادرون على توفير مسكن لائق لهم ولعائلاتهم. وتقوم الدولة بتجميع الكثير من المعلومات الشخصية حول مواطنيها، وتحفظها في منظومات محوسبة دونما تفكير عميق حول اعتبارات الخصوصية. وفي مجال حماية حرية التعبير، الهوة شاسعة بين التزام السلطات العلني والواقع الميداني. لذا، رغم التصريحات الكثيرة الصادرة من كبار المسؤولين في الشرطة، يواصل شرطيون القيام بممارسات معيبة، كإدراج شروط غير قانونية في تراخيص التظاهر، وتفريق المظاهرات على نحو غير قانوني، وتنفيذ اعتقالات عنيفة دونما مبرر.