العاصمة المصرية.. في عرض مستمر «ضد الرئيس»

صوتت ضده في انتخابات الرئاسة.. ورفضت مشروع الدستور

TT

«القاهرة رافعة رأسنا دائما، ترفض أن تغتصب من تجار السلطة، عاشت محافظتي حرة مستقلة»، بهذه الكلمات هتفت إحدى مواطنات العاصمة المصرية وهي تحلق في فضاء «فيس بوك»، معبرة عن سعادتها بتصويت القاهرة برفض مشروع الدستور الجديد للبلاد بنسبة أكبر من نسبة الموافقة عليه.

إنها القاهرة «أم المحافظات» المصرية، تعود للواجهة المعارضة للرئيس محمد مرسي من جديد مع توجه ناخبيها إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في مشروع الدستور أول من أمس، الذي يراه مراقبون يصب في صالح التيارات الإسلامية في البلاد. وتشير المؤشرات الأولية للاستفتاء بالعاصمة بحسب تقديرات أمس إلى أن نسبة من قالوا «لا» بلغت 57 في المائة، في مقابل نسبة 43 في المائة لمن صوت بـ«نعم».

بلغة الأرقام؛ تجدد نسبة الرافضين للاستفتاء ذكريات انتخابات الرئاسة قبل 6 أشهر، عندما رفضت العاصمة وصول المرشح محمد مرسي لكرسي الحكم، بعد أن انحاز ناخبوها إلى منافسه الفريق أحمد شفيق، الذي حصل على مليون و885 ألفا و165 صوتا، مقابل مليون و332 ألفا و67 صوتا لمرسي.

وتتصدر محافظة القاهرة جميع محافظات مصر من حيث عدد اللجان الفرعية (المراكز الانتخابية)، فتضم المحافظة 1336 لجنة فرعية في 682 مقرا انتخابيا، وكذلك عدد الناخبين الذين يبلغ عددهم 6.5 مليون ناخب، بنسبة تصل إلى 11.2 في المائة من إجمالي الناخبين المدرجين بالجداول على مستوى الجمهورية، مما يجعل لها الكلمة الفصل في أي انتخابات أو استفتاءات.

أمام إحدى تلك اللجان في حي باب الشعرية الشعبي، الذي يحمل روح القاهرة الفاطمية، يقول الثلاثيني محمد صلاح، بعد التصويت على الاستفتاء بالرفض: «كما قمت بالتصويت ضد مرسي في انتخابات الرئاسة، رفضت اليوم دستور جماعته (الإخوان المسلمين)». ويضيف ساخرا: «أنا وأهلي وعشيرتي (وهو تعبير يستخدمه الرئيس مرسي) مواطنون قاهريون في مدينة عنوانها الحرية، ترفض الانصياع وفرض الرأي من عشيرة بعينها».

ويعرف عن القاهرة أنها ليست مركز ثقل للتيار الإسلامي، بينما يجتمع فيها الليبراليون والعلمانيون والمدافعون عن الحريات والنشطاء السياسيون والمنظمات الحقوقية وأصحاب الرأي، إلى جانب الطبقات الوسطى وطبقة رجال الأعمال وأنصار النظام السابق، والأقباط الذي يقتربون من مليون ناخب.

كذلك فالقاهرة ومنذ تاريخ 25 يناير (كانون الثاني) 2011 وهي رمز الثورة وبؤرة الانتفاضة ضد النظام السابق، ومؤخرا كانت قبلة المتظاهرين ضد قرارات الرئيس مرسي، حيث هب سكانها من كافة مناطقها لتلبية نداء التظاهر سواء إلى ميدان التحرير أو قصر الاتحادية، على العكس من مؤيدي الرئيس الذين يكون أغلبهم من المحافظات المختلفة.

فعلى مدار الأسابيع الماضية توافدت حشود كبيرة من مختلف المحافظات المصرية من المؤيدين لمشروع الدستور الجديد، صوب القاهرة عبر الحافلات والسيارات للمشاركة في مظاهرات التأييد، حيث حشدت جماعة الإخوان المسلمين بالمحافظات وكذلك عدد من التيارات والقوى الإسلامية أعضاءها للتوجه إلى الميادين التي تنظم بها المليونيات.

الطريف أن القاهرة معارضة مرسي، أصبحت هي محل إقامته حاليا، فبعد انتخابه رئيسا للجمهورية في يونيو (حزيران) الماضي غير محل إقامته ببطاقة «الرقم القومي» الخاصة به من محافظة الشرقية (مسقط رأسه) إلى محافظة القاهرة (مقر الحكم)، ومعها أصبحت دائرته الانتخابية بمدرسة مصر الجديدة الإعدادية بنين، التي أدلى بصوته أمامها السبت، بدلا من الدائرة الأولى لمدينة الزقازيق.