الإعلان عن كيان سياسي كردي جديد في سوريا

مخاوفهم من «هيمنة» مسلحي «الكردستاني» على المنطقة تدفعهم للتوحد

TT

يثير تفرد مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري، المحسوب على حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا، بالسيطرة الميدانية على مناطق كردية في سوريا، مخاوف الأحزاب الكردية غير المسلحة التي لها جذور تاريخية بين أكراد سوريا.. فرغم وجود العديد من الاتفاقات السياسية الموقعة بين تلك الأحزاب والاتحاد الديمقراطي وآخرها اتفاقية «هولير أربيل» التي تمخض عنها تشكيل هيئة عليا لإدارة شؤون المناطق الكردية داخل سوريا، فإن مسلحي الحزب المعروفين بـ«لجان الحماية الشعبية» يبسطون سيطرتهم المطلقة على الأرض، ولا يسمحون لغيرهم بالوجود في الميدان، مما يثير فزع الأكراد هناك.

وبدأ الشارع الكردي بالضغط على بقية الأحزاب نحو التحالف والائتلاف في كيان سياسي موحد، كما أكد ذلك القيادي الكردي السوري عبد الباقي يوسف عضو المكتب السياسي لحزب «اليكيتي» الكردي الذي انضم إلى تكتل سياسي جديد مؤلف من: حزب «اليكيتي»، والحزب الديمقراطي الكردي (البارتي) بقيادة الدكتور عبد الحكيم بشار، وحزب «آزادي الكردي». وأطلق على التنظيم الجديد اسم «الاتحاد السياسي الديمقراطي الكردي السوري».

وتعاني المناطق الكردية السورية من تعددية أحزابها السياسية بشكل غير طبيعي، حيث تتوالى الانشقاقات في صفوفها، خاصة في الفترة الأخيرة، حيث ظهرت عشرات الأحزاب الصغيرة مع توتر الأوضاع هناك وبوادر انهيار نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ولكن كل هذه الأحزاب الصغيرة لم يعد لها أي تأثير على صعيد الأحداث والتطورات الهائلة التي تشهدها سوريا منذ انطلاق انتفاضتها الشعبية، وبقيت أحزابا هامشية بعيدة عن أي اعتراف دولي بسبب ضعف مكانتها.

حتى المجلس الوطني السوري الذي يضم أحزابا عريقة وفاعلة، والذي تشكل أساسا لإجراء تغيير سياسي في سوريا المستقبل وإرساء دعائم الديمقراطية والتعددية، رفض الاعتراف بالمطالب الكردية نتيجة لضعف أحزابها، وحاول أن ينسق مع الفاعليات الشبابية الناشطة على الأرض، ولكن عددا من تلك الأحزاب الكردية التي لها جذور تاريخية في سوريا، وضاعت جهودها في زحمة هذا التكالب من بعض القيادات الكردية على المغانم والمكاسب في ظل غياب قبضة النظام على المناطق الكردية، تحركت أخيرا مع تقدم ونجاح القوى السورية الأخرى في تأسيس تحالفات سياسية وتوحيد الجهد المعارض وكذلك الجهد الميداني العسكري الذي حقق انتصارات مهمة في مسار الثورة السورية، نحو مراجعة الموقف والتحرك إلى توحيد الجهد بهدف احتلال موقع لها في المستقبل.

وعلى هذا الأساس، تشكل التحالف السياسي الجديد الذي قال عنه عبد الباقي يوسف: «هناك ضغوطات كبيرة ومتتالية تعرضنا لها من الشارع الكردي بالداخل، فالوطن ينادينا بالتوحد، خاصة مع تصاعد نفوذ مسلحي حزب الاتحاد الديمقراطي الذي بات ينفرد بإدارة شؤون المنطقة ويسعى لفرض هيمنته المطلقة على الأرض. ومما زاد من مخاوف الشارع الكردي التصرفات الأخيرة لهذا الحزب ومجاميعه المسلحة بالهجوم على مقراتنا من دون أي مبرر، رغم أن هناك اتفاقا سياسيا بيننا وبينهم بالتوحد وإدارة المنطقة بصورة مشتركة، لكنهم لا يأبهون بكل الاتفاقات التي وقعناها، ولذلك حاولنا توحيد جهدنا لكي نتمكن من مواجهة نفوذ هذا الحزب، خاصة أنه لا يقبل إلا الند».

وأشار يوسف: «هناك بعض القوى الموالية للنظام تحاول تهميش دور المجلس الوطني الكردي، ولذلك حاولنا من خلال تأسيس هذا الكيان السياسي أن نعيد تفعيل دور أحزاب هذا المجلس، وطرحنا الفكرة على الحزب التقدمي الديمقراطي الكردي بقيادة عبد الحميد درويش لكنهم تحفظوا على الفكرة واحترمنا رغبتهم، وأمضينا نحن الأحزاب الأربعة جهودنا بهذا المسعى».

وفي سياق متصل، كشف قيادي كردي عن مخاوفه من تكرار تجربة كركوك داخل المناطق الكردية في سوريا، مشيرا إلى عدد من المستوطنات العربية التي أقامها النظام السوري بمحاذاة الحدود السورية - التركية المشتركة، مشيرا إلى أن «هذه المستوطنات ستثير مشكلة كبيرة في المستقبل لا تقل خطورة وحساسية عن مشكلة كركوك التي ما زال العراق يعاني من تداعياتها السياسية والأمنية والاقتصادية».