السعودية تودع الشيخ السبيل.. الإمام الذي هز أركان الحرم المكي

نعاه الديوان الملكي والصلاة عليه عصر اليوم في المسجد الحرام

الشيخ محمد السبيل
TT

نعى الديوان الملكي السعودي، الشيخ محمد بن عبد الله السبيل، إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة، الذي غيبه الموت يوم أمس عن عمر يناهز اثنتين وتسعين سنة بعد معاناة مع المرض.

وقال الديوان في بيان له أمس: «انتقل إلى رحمة الله تعالى هذا اليوم الاثنين الموافق 4 - 2 - 1434هـ فضيلة الشيخ محمد بن عبد الله السبيل، وسيصلى عليه - إن شاء الله - بعد صلاة عصر يوم غد (اليوم) الثلاثاء الموافق 5 - 2 - 1434هـ، في المسجد الحرام بمكة المكرمة».

وأكد أن «فضيلته - رحمه الله - كان إماما وخطيبا في المسجد الحرام، وسبق أن عمل رئيسا عاما لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، وعضوا في هيئة كبار العلماء، وعضوا في المجمع الفقهي الإسلامي»، سائلا الله أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته.

وقد ودعت السعودية الشيخ محمد السبيل؛ حيث لفظ فيها أنفاسه الأخيرة عصر أمس في مستشفى الحرس الوطني في مدينة جدة، وبعد فترة قضاها متأثرا باعتلالات في القلب والرئتين، ظل فيها على الأسرة البيضاء، تاركا في قلوب محبيه الذين هبوا من حوله في المستشفى يلقون الوداع الأخير، تاركا غصة وجرحا لا يندمل؛ حيث ظل لأكثر من أربعة وثلاثين عاما بصوته الندي الآسر للألباب، قامة تهفو لها قلوب ملايين المسلمين.

ووصف الابن الأكبر للإمام الراحل الدكتور عبد العزيز السبيل مستشار وزير التربية والتعليم السعودي لـ«الشرق الأوسط»، الشيخ بأنه «فقيد الأمة أجمع»، رحل بعد أن أتمم كتبا قيمة سأل الله أن ينتفع بها جمهور طالبي العلم.

وأفاد أن الشيخ محمد السبيل ظل في الآونة الأخيرة يعاني اعتلالات في القلب والرئتين، وقد وافته المنية عصر أمس، وهو محفف بقلوب أبنائه ومحبيه.

واستقبلت جموع غفيرة نبأ وفاته بالدموع وهي تأمل أن تسعفها أجزاء من الثانية في لقاء شخصية تربعت لنحو ثلاثة عقود ونيف، على هرم إمامة وخطابة المسجد الحرام، وظلت أياديه تقترب من عنان السماء داعية بالنصر والسؤدد للمسلمين في جميع أنحاء العالم.

الشيخ السبيل الذي عرف ببراعة اللغة وجمالية الصوت، يكاد بصوته الذي يتنفس إيمانا وتضرعا، أن ينقل المسلمين عامة في أرجاء المعمورة، نحو مساحات بعيدة من الخشية والإيمان وعظيم التدبر، بل وينقل المتتبع إلى مساحة أرحب نحو عظيم الاستتابة والتدبر.

بصوته الرنان الشجي، الآسر الأخاذ، لم يتأخر في كل عام عن أقطاب المسلمين جميعا، حين ظل يصدح مليا وعليا في أروقة المسجد الحرام، ليترك خلف صوته الرقراق قصصا متعددة وسردا طويلا من التدرج القرائي والزمني، لرجل قال عنه كثر بأنه صوت الخشوع والتدبر والإيمان.

الصوت الشجي الصداح كان له عميق الأثر في زلزلة القلوب في سويدائها، فقد عرف عن الشيخ السبيل، منذ ثلاثة عقود إبان إمامته الحرم المكي، أنه صاحب ترانيم الصوت الجهور، ينقلك نحو إيمانيات وجماليات، تفضي بك من حيث تدري ولا تدري نحو «البعد» الآخر، والوصول إلى مناطق حفت بالجمال وتموضعت بالحسن.

قال الشيخ السبيل: «كنت إذا أردت أحفظ صفحتين أو ثلاث صفحات أو ثمن أو نصف ثمن أقرأه على الوالد نظرا ويصحح - كان والده رحمه الله حافظا ومتقنا للتجويد - ثم أحفظه على ما صححه.. ثم بعد ذلك أقرأه عليه حفظا».

الشيخ السبيل ولد في مدينة البكيرية عام 1345 هـ موافق (1924 م) بمنطقة القصيم، وشغل عضو هيئة كبار العلماء وعضو المجمع الفقهي الإسلامي ورئيس الحرمين الشريفين ورئيس لجنة أعلام الحرم، وحفظ القرآن صغيرا. تعلم على يد والده وعلى يد الشيخ عبد الرحمن الكريديس (رحمهما الله). في سن الرابعة عشرة، وأحسن تجويد القرآن على يد الشيخ سعدي ياسين.