سلسلة هجمات تضرب 14 منطقة في العراق وتوقع أكثر من 170 قتيلا وجريحا

بعضها وقع في مناطق متنازع عليها.. ومسؤول برلماني لـ «الشرق الأوسط»: الهدف إحداث فتنة قومية

أفراد من طائفة الشبك يعاينون الدمار الذي خلفه هجوم بسيارة مفخخة في قريتهم شرق الموصل، أمس (إ.ب.أ)
TT

استيقظ العراقيون أمس، لليوم الثاني على التوالي، على وقع هجمات مختلفة بسيارات مفخخة وعبوات ناسفة وقذائف هاون شملت 14 منطقة في الكثير من المحافظات، منها نينوى وكركوك وديالى وصلاح الدين، بالإضافة إلى بغداد والأنبار، أسفرت عن مقتل 48 شخصا وإصابة 125 آخرين بجروح.

ووقعت هذه التفجيرات غداة مقتل 19 شخصا وإصابة العشرات بجروح أول من أمس، في يوم دام آخر يتزامن مع الذكرى السنوية الأولى للانسحاب العسكري الأميركي من العراق التي تصادف اليوم. وهجمات أمس هي الأكبر منذ مقتل خمسين شخصا في 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، وتأتي في وقت تشهد العلاقة بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات إقليم كردستان توترا سياسيا وأمنيا، على خلفية تشكيل قوات حكومية لتتولى مسؤولية مناطق متنازع عليها وقعت فيها بعض الهجمات أمس.

وفي تفاصيل الهجمات التي أوردتها وكالة الصحافة الفرنسية، قتل سبعة مدنيين وأصيب 12 بجروح بانفجار سيارة مفخخة وسط قرية خزنة شرق الموصل، مركز محافظة نينوى. والقرية يسكنها نحو 3500 من اتباع طائفة الشبك، وهي مجموعة كردية غالبيتها من الشيعة. وفي طوزخورماتو (175 كلم شمال بغداد)، انفجرت سيارتان في حي جميلة قرب حسينية للتركمان الشيعة وسط القضاء، مما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة 26 بجروح. وأوضح مصدر أمني في طوزخورماتو أن 16 منزلا تهدموا جراء الهجوم. يذكر أن طوزخورماتو وقرية خزنة في الموصل تقعان ضمن منطقتين متنازع عليهما بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان. وأعلن النقيب في الشرطة برزان محمد عزيز الجبوري أن مسلحين مجهولين هاجموا نقطة تفتيش لقوات الصحوة قرب ناحية الزاب (غرب كركوك 95 كلم)، مما أدى إلى مقتل أحد عناصرها.

وهاجم مسلحون أيضا نقطة تفتيش للشرطة غرب مدينة تكريت (160 كلم شمال بغداد)، مما أدى إلى مقتل شرطي وإصابة ثلاثة آخرين بجروح قبل أن يفجروا سيارة مفخخة بدورية للشرطة ويقتلوا أربعة من عناصرها ويصيبوا اثنين آخرين بجروح. وقتل أيضا ثلاثة جنود بانفجار عبوة ناسفة استهدفت دوريتهم في منطقة البوصليبي القريبة من الضلوعية (90 كلم شمال بغداد). كما قتل عراقي وأصيب عشرة زوار إيرانيين على الأقل بجروح في انفجار سيارة مفخخة استهدفت حافلة كانت تقلهم. وانفجرت كذلك ثلاث عبوات ناسفة قرب بعقوبة، مركز محافظة ديالى (60 كلم شمال بغداد) قتل فيها مدني وأصيب أربعة بجروح، بينما قتل شرطي بعبوة ألصقت بسيارته وامرأة أطلق عليها النار مسلحون وسط بعقوبة.

وفي محافظة ديالى أيضا، نجا عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية وعضو الهيئة العليا للمساءلة والعدالة، صلاح الجبوري، من محاولة اغتيال إثر خروجه من مجلس عزاء لأقارب أحد شيوخ المحافظة، وهو ما أدى إلى مقتل وجرح أكثر من 20 شخصا بالحادث. وقال الجبوري في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» من مكان الحادث، إن «الانفجار وقع لحظة خروجي مع الشيخ مظهر إبراهيم الجبوري، وهو ما أدى إلى تهديم المضيف بالكامل وإصابة الشيخ مظهر بإصابات بالغة»، مشيرا إلى أنه «لا يعرف إن كان هو المستهدف أم الشيخ، الذي كان قد فقد قبل ليلة من الحادث ابنه وحفيده على يد مسلحين يرتدون الزي العسكري». وأضاف أن «عملية الاستهداف يبدو أنها مزدوجة، خصوصا أن الشيخ هو أحد مفاتيح الحل في محافظة ديالى». وقتل كرديان بانفجار عبوة ألصقت بسيارتهما في بلدروز (75 كلم شمال شرقي بغداد)، بينما أصيب ثلاثة أكراد بإطلاق نار في جلولاء (150 كلم شمال شرقي بغداد).

وفي غرب البلاد، سقطت عشر قذائف هاون على منطقة الرطبة (385 كلم غرب بغداد)، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة تسعة بجروح، بحسب عضو المجلس المحلي عبد الرحمن محمد عواد. وأعلن النقيب عبد الحافظ المحلاوي، من مركز شرطة الخالدية (10 كلم غرب الفلوجة)، أن سيارة مفخخة في المدينة انفجرت وقتلت عنصرين من الشرطة ومدنيين اثنين وأصابت سبعة آخرين بجروح.

وفي بغداد، انفجرت سيارة مفخخة في منطقة الكرادة (وسط)، مما أدى إلى مقتل شخص على الأقل وإصابة أربعة بجروح، بحسب مصدر في وزارة الداخلية. إلى ذلك، أكد إسكندر وتوت، نائب رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن ما حصل «إنما هو تعبير عن خلل أمني واضح، وقد نبهنا إليه كثيرا، لا سيما أن المنطقة الممتدة الآن بين محافظة ديالى وكركوك أصبحت مثل الموصل منطقة ملاذ آمن تقريبا لتنظيمات القاعدة، حيث تنطلق منها معظم العمليات المسلحة»، معتبرا أن «هذه الجماعات المسلحة تجد أن من مصلحتها استغلال الخلاف بين المركز والإقليم بهدف إحداث فتنة قومية هذه المرة بعد أن فشلت في إحداث فتنة طائفية». وأوضح وتوت أن «الأمر يتطلب إعادة النظر ليس بالخطط الأمنية فقط، وإنما كيفية التعامل مع الأزمة بين المركز والإقليم، حيث إن العمليات المسلحة التي جرت في كركوك والمحافظات الأخرى إنما هي جرس إنذار لكل السياسيين بأن الحل السياسي للأزمة هو الخيار الوحيد المتاح أمامهم، وأن هذا الحل يجب أن يكون طبقا للدستور، وفي حال لم يتم ذلك فإن عليهم مواجهة مخاطر الجماعات المسلحة التي يمكن لها أن تستغل الخلافات السياسية استغلالا مثاليا».