المغرب: استقالة قيادي بارز في «الاتحاد الاشتراكي» احتجاجا على فوز لشكر بقيادة الحزب

الأمين العام الجديد يطمئن منافسيه.. والأشعري يعتزم تأسيس جمعية سياسية.. والراضي ينفي اعتزاله

ادريس لشكر يتلقى التهاني بفوزه من مؤيديه الليلة قبل الماضية ( تصوير : منير محيمدات )
TT

أعلن علي بوعبيد نجل عبد الرحيم بوعبيد، الزعيم التاريخي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض، استقالته من الحزب احتجاجا على انتخاب إدريس لشكر أمينا عاما له.

وكان لشكر قد انتخب أمينا عاما للحزب خلفا لعبد الواحد الراضي خلال اليوم الأخير من المؤتمر التاسع للحزب، الذي عقد الليلة قبل الماضية ببوزنيقة (جنوب الرباط). وتنافس على منصب الأمين العام 4 مرشحين هم فتح الله ولعلو، والحبيب المالكي، وأحمد الزايدي، بالإضافة إلى لشكر، بينما اقتصرت المنافسة في الدور الثاني بين لشكر والزايدي.

وأوضح بوعبيد، في رسالة نشرها على حسابه في «فيس بوك»: «بعد رفضي المشاركة في ذلك التدافع العنيف، الذي سمي (المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي)، أعلن استقالتي من هذا الحزب، الذي لم أعد أجد بيني وبينه أي مساحة مشتركة، والسبب معروف».

وأضاف: «إذ أفكر هذا المساء، في الكثير من المناضلين والمناضلات، الذين رحلوا، في معاناة، بعد أن عملوا، بشجاعة وصلابة، طيلة عقود خلت، على تشريف العمل السياسي من أجل الصالح العام لبلدنا، فليرقدوا بسلام، أقصد الشباب المناضل في هذا الحزب، الذين التزموا سياسيا عن قناعة، وأدعوهم أن يتأملوا قراري جيدا، لأن قناعتنا المشتركة تدفعنا للالتقاء مستقبلا».

وكان الشاعر محمد الأشعري القيادي في الحزب ووزير الثقافة والاتصال (الإعلام) الأسبق، قد غاب عن المؤتمر، حيث يستعد لتأسيس جمعية ذات طابع سياسي سيتم الإعلان عنها خلال الأيام المقبلة، التي يرى فيها مراقبون بوادر انشقاق عن الحزب. وتعذر أمس الاتصال بالأشعري لمعرفة تفاصيل مشروعه السياسي المرتقب.

وفي السياق ذاته، قرر الحزب تأجيل انتخاب لجنته الإدارية، وهي بمثابة برلمان الحزب، مدة أسبوع. حيث لم يتمكن من إنهاء أشغال مؤتمره خلال فترة انعقاده نهاية الأسبوع الماضي.

وسارع لشكر، في أول تصريح له بعد انتخابه أمينا عاما، إلى طمأنة منافسيه ومسانديهم. وقال: «نحن لسنا بصدد تحالفات أو تقاطبات داخلية، نحن أولا وحدة واحدة متحدة». وأضاف: «هناك حساسيات، وهناك اختلافات، لكنني أعتقد أن الحزب يستوعبنا جميعا، وسأحرص أولا على أن يشركني ويشاركني في تسييره كل الإخوة الذين تنافسوا معي على الأمانة العامة، وسأحرص ثانيا على أن أشرك في القيادة كل الذين ساندوهم، حتى نضمن تمثيلية كل الإخوان، لأننا نريده اتحادا اشتراكيا قويا ولا نريده اتحادا منعزلا ومقسما، لذلك تأكدوا أننا سنخرج أكثر قوة مما كنا عليه».

من جهته، قال عبد الواحد الراضي رئيس المؤتمر والأمين العام السابق للحزب، إن أسبابا تقنية كانت وراء تأجيل انتخاب اللجنة الإدارية للحزب.

وأوضح الراضي لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «كنا نعول على استعمال نظام إلكتروني في هذه الانتخابات، لكن صادفتنا مشكلات فنية في لوائح الناخبين، إذ وجدنا أسماء كثيرة تتكرر، كما تم خلط أسماء بعض المشاركين في المؤتمر بأسماء المؤتمرين، وبالتالي تطلب إصلاح كل ذلك وقتا ولم يستطع الفنيون تدقيق اللوائح في وقت ملائم».

وحول الهدف من إحداث هذه اللجنة التي ستضم 300 عضو منتخب، أوضح الراضي أنها ستلعب دور السلطة التقريرية في الحزب، وستحتل مكانة بين المكتب السياسي الذي يشكل السلطة التنفيذية والمجلس الوطني للحزب الذي سيلعب دورا استشاريا مع بعض الصلاحيات التقريرية المحدودة.

وأضاف الراضي أن المجلس الوطني للحزب سيتوسع ليضم نحو 600 عضو، إلى جانب خبراء وحكماء الحزب إضافة إلى الكوادر الحزبية الشابة. وقال: «نريد من المجلس الوطني أن يستوعب كل الطاقات، خاصة الشباب الذين سيجدون فيه فضاء للتمرن والتدريب».

وحول التوجهات السياسية للحزب بعد مؤتمره التاسع، قال الراضي لـ«الشرق الأوسط»، إن المؤتمر أكد على الهوية الاشتراكية الديمقراطية للحزب، وأن الحزب برهن من خلال انتخابات الأمين العام أنه حزب يعيش الديمقراطية ويمارسها.

وزاد الراضي قائلا: «حزبنا حزب اشتراكي ديمقراطي في المعارضة. لدينا برنامجنا الذي جدده المؤتمر الحالي، والذي يمكن أن نلخصه في أربع نقاط. فعلى مستوى الحياة الداخلية للحزب سنسعى إلى تجديد وتعميق تنظيم الحزب ونهج سياسة القرب من المواطنين خصوصا على المستوى المحلي، إضافة إلى الحفاظ على وحدة الحزب. والمستوى الثاني في برنامجنا هو حماية المكتسبات التي حققها المغرب في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، والعمل على توسيعها وإغنائها. أما المستوى الثالث فيتعلق بالعمل من أجل إدخال الدستور الجديد حيز التطبيق. فكل الإصلاحات التي كنا ننادي بها موجودة في هذا الدستور، وسنناضل من أجل تطبيقها».

أما المستوى الرابع من برنامجنا، يضيف الراضي، فيتعلق بالعدالة الاجتماعية، أي الاستمرار في خلق الثروات وتوزيعها بطريقة عادلة.

وردا على سؤال حول ما إذا كان يعتزم اعتزال السياسة، قال الراضي إنه سيبقى مناضلا في الاتحاد الاشتراكي، غير أنه لا يعتزم في المستقبل الترشح لأي مسؤولية. وأضاف: «هناك بعض البنود في قانون الحزب تسند بعض المهام للأمين العام السابق. وسأكون سعيدا لخدمة الحزب من خلال هذه المهام».