كيري قد يصبح أول رجل أبيض يتولى الخارجية الأميركية منذ 16 عاما

ترشيحه لم يؤكد بعد.. انتظارا لإكمال فريق أوباما الجديد للأمن القومي

السناتور الأميركي جون كيري بعد إلقائه خطابه في المؤتمر الوطني السنوي للحزب الجمهوري في سبتمبر الماضي (رويترز)
TT

أكد مسؤولون في الإدارة وأصدقاء للسيناتور جون كيري أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يميل بشدة إلى اختيار كيري، السيناتور الديمقراطي لولاية ماستشوستس الذي لم يوفق في الفوز بانتخابات الرئاسة قبل ثماني سنوات، خلفا لهيلاري كلينتون.

بيد أن الإعلان سيتأخر حتى نهاية الأسبوع الحالي، على الأقل، وربما يمتد لأكثر من ذلك بسبب حادثة إطلاق النار في مدرسة كونكتيكت، وما وصفه أحد المسؤولين ببعض «القلق» إزاء فكرة إعلان الرئيس تشكيل فريق أمن قومي يشغل الرجال البيض كل المناصب العليا فيه.

كانت مبعوثة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس، السيدة من أصول أفريقية التي كانت تعتبر أبرز مرشحي أوباما للمنصب قد انسحبت من الترشيح الأسبوع الماضي بعد تزايد المعارضة ضد ترشيحها في مجلس الشيوخ.

ويحقق التعيين بالنسبة لكيري، 69 عاما، طموحا يعود إلى عدة سنوات سابقة، فكان يأمل في الحصول على المنصب عندما انتخب أوباما للمرة الأولى في عام 2008؛ حيث قاد حينذاك الجهود للتصديق على معاهدة الحد من السلاح وأجرى سلسلة من المهمات الهادئة نيابة عن الرئيس وتحديدا أثناء الأزمة مع أفغانستان وباكستان.

لكنه سينضم إلى إدارة وضعت استراتيجيات سياستها الخارجية بالفعل، على الرغم من محاولتها استخدام النفوذ الأميركي في التعامل مع الشرق الأوسط الذي بات تحت قبضة الحكومات الإسلامية المتشددة وإيران التي تقترب بشدة من الحصول على قدرات نووية.

ويقول مسؤول كبير في وزارة الخارجية يتولى الإعداد لاستقبال وزير الخارجية الجديد إنه بخروج رايس من السباق بات تعيين كيري هو «الافتراض الأكثر صحة». لكن مسؤولي البيت الأبيض قالوا إن الأمر لم يحسم كلية لأن القائمة التي تتم دراستها في الوقت الراهن، والتي تضم تشاك هاغل السيناتور السابق لرئاسة وزارة الدفاع والقائم بمهام مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، مايكل موريل، يتوقع تسميته بشكل دائم بهذا المنصب، تبدو أشبه بفريق أمن قومي من حقبة سابقة.

بالنسبة لأوباما، سيكون لدى فريق الأمن القومي يقوده كيري وهاغل، وزميلهما القديم في مجلس الشيوخ جوزيف بايدن نائب الرئيس، خبرة كبيرة لكنه سيكون فريقا تقليديا أيضا، من نواح عدة. فكان الثلاثة أعضاء في مجلس الشيوخ خلال الحرب الباردة قبل فترة طويلة من ظهور أوباما على الساحة السياسية. وهم يصفون أنفسهم بأنهم براغماتيون لا أيديولوجيون، وأصبحوا متشككين ثم منتقدين، للسياسة الأميركية في العراق منذ البدايات الأولى لحرب عام 2003.

بيد أن مسؤولي الإدارة أشاروا إلى أنه حتى الآن لا يوجد مرشحون جادون لتولي وزارة الخارجية أفضل من كيري. وسيكون الرجل الأبيض الأول الذي يشغل المنصب منذ تخلى وارين كريستوفر عن المنصب في بداية عام 1997؛ حيث خلفه في المنصب مادلين أولبرايت ثم كولن باول ثم كوندوليزا رايس وأخيرا هيلاري كلينتون.

وقد أكد زملاء كيري في مجلس الشيوخ أنه سيتجاوز لجنة التصديق في مجلس الشيوخ. وقد بدأ السيناتور جون ماكين، الجمهوري عن ولاية أريزونا، في المزاح مع كيري بدعوته «سيادة الوزير». وكلا الرجلين كان ممن شاركوا في حرب فيتنام وعملا سويا في ظل إدارة بيل كلينتون مع غطاء سياسي لمنح الاعتراف الدبلوماسي لفيتنام. وقال ماكين عن كيري مؤخرا إنه من المتوقع أن يفوز بعدد كبير من أصوات الجمهوريين في التصديق على تعيينه. وطفت مسألة تشكيل فريق أوباما إلى السطح من جديد عندما انسحبت رايس. فإذا كانت ستحتفظ بمكانتها الحالية كسفير للولايات المتحدة وسوف تظل في وزارة أوباما وفي فريقه للأمن القومي. وهي تعتبر أيضا الخليفة المحتملة لتوماس دونيلون، كمستشار للأمن الوطني. لكن دونيلون لا ينوي أن يترك هذا الموقع لعام أو عامين، بحسب أصدقائه ما يتم ترشيحه كرئيس لطاقم العاملين في البيت الأبيض.

وتظل ميشيل فلورني، وهي وكيلة وزارة سابقة لشؤون السياسة في وزارة الدفاع، مرشحة لأن تصبح أول سيدة تتولى منصب وزير الدفاع، غير أن مسؤولي البيت الأبيض في مناقشاتهم الداخلية يقولون إن تحدي الأعوام القليلة المقبلة سوف يتسبب إلى جانب الكونغرس في تقليص ميزانية الدفاع وإعدام بعض أنظمة الأسلحة الكبرى من أيام الحرب الباردة. ولهذا السبب يعتبر هاغل، وهو جمهوري من ولاية نبراسكا، أكثر قدرة على الفوز بالأصوات من زملائه السابقين. وقد ورد اسم فلورني أيضا ضمن الترشيحات لمنصب رئيس «وكالة الاستخبارات المركزية»، غير أن موريل — الذي كان يتولى إدارة قسم التحليلات في الجهاز — هو المفضل لدى مسؤولي الوكالة؛ حيث ذكر مؤخرا ضابطا عسكريا كبيرا سبق له التعامل مع الرجل: «لقد كان مايك قلقا من المبالغة في عسكرة وكالة الاستخبارات المركزية، وكذلك كان الحال مع الكثيرين داخل الوكالة، الذين يخشون من أن يكونوا قد انحرفوا كثيرا بعيدا عن مهمة تحليل الاتجاهات والحصول على الأسرار».

ويعتبر جون برينان، وهو مساعد مقرب من أوباما ورئيس سابق لمكتب الوكالة في السعودية كان يدير نشاط محاربة الإرهاب من مكتبه داخل قبو البيت الأبيض، هو الآخر مرشح لمنصب مدير «وكالة الاستخبارات المركزية»، إلا أن المسؤولين يؤكدون أن منصبه الحالي يمنحه بالفعل السيطرة على جميع وكالات الاستخبارات التي يبلغ عددها 18 وكالة.

وقد كان كيري حريصا على توطيد علاقته بأوباما، ويقول المساعدون إن الرئيس في بعض الأحيان كان يعتبره ثرثارا وارتدادا إلى جيل سابق من الدبلوماسيين، إلا أن كيري أثار انبهار أوباما ودونيلون حينما تم إرساله للتعامل مع حميد كرزاي، ذلك الرئيس الأفغاني الذي جاء على عكس كل التوقعات كما هو معروف، بعد قيام أنصاره بتزوير الانتخابات الرئاسية عام 2009 ورفضهم إجراء جولة ثانية من التصويت. كما زار كيري باكستان عدة مرات في محاولة لتخفيف حدة التوترات المتكررة، ومن بينها زيارة امتدت أسبوعين بعد الغارة التي قتل فيها أسامة بن لادن. وقد حاول المسؤولون الباكستانيون إقناع كيري بكتابة ما أطلقوا عليه «قسم بالدم» ينص على أن الولايات المتحدة لن تتخذ أبدا أي إجراء للاستيلاء على الترسانة النووية الباكستانية. وقد وجد كيري طريقة دبلوماسية للخروج من هذا الموقف؛ حيث أخبرهم بأن الولايات المتحدة ليست لديها أي «مخططات» ضد الأسلحة الباكستانية. وقد علق عضو في فريق الأمن القومي التابع لأوباما في وقت لاحق: «لم يكن هذا يعني أي شيء، وقد حل المشكلة.. ببراعة».

* خدمة «نيويورك تايمز»