النظام يحشد قواته لاقتحام اليرموك.. والمعلم يحذر الفلسطينيين من إيواء «الإرهابيين»

انقسام في «الجبهة الشعبية».. والجيش الحر يسيطر على مقرها في المخيم

صورة بثها موقع سوري معارض لرجال يحاولون إجلاء مصاب في مخيم اليرموك بعد قصفه من طائرات «الميغ» السورية
TT

تواصل القصف المدفعي العنيف على مخيم اليرموك، الذي يأوي لاجئين فلسطينيين، وحشدت قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد دباباتها أمس أمام المخيم، جنوب العاصمة السورية، استعداد لاقتحامه، وذلك بعد توجيه نداءات للسكان لإخلائه. كما حذر وزير الخارجية السوري وليد المعلم الفلسطينيين في المخيم من إيواء «الإرهابيين أو تقديم أي مساعدة لهم» خلال مكالمة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.

وكانت مقاتلات سوريا قصفت أول من أمس وللمرة الأولى مخيم اليرموك استهدف أحدها محيط جامع عبد القادر الحسيني الذي التجأ إليه العشرات من المدنيين من النساء والأطفال، وتسببت القذيفة في مقتل وجرح العشرات.

وبحسب شهود عيان شوهد أمس عند دوار البطيخة في مدخل مخيم اليرموك انتشار كثيف للقوات السورية بالعتاد الكامل ونحو 100 عنصر باللباس المدني يقومون بمنع دخول السيارات إلى المخيم، مع نشر للقناصة على أسطح البنايات.

وقال ناشطون إن الاشتباكات تواصلت في حي التقدم بمخيم اليرموك بين مقاتلين من اللجان الشعبية الفلسطينية التابعة للجبهة الشعبية - القيادة العامة (التابعة لأحمد جبريل) ومقاتلي الجيش الحر الذين أعلنوا مساء أمس سيطرتهم على مقر القيادة العامة في المخيم، ويشار إلى سماع أصوات انفجارات في المنطقة وحي الحجر الأسود المجاور. من جانب آخر تحدث شهود عيان عن تجمع المئات من سكان المخيم عند دوار البطيخة نزحوا من المخيم ولا يدرون إلى أين يذهبون، وقالوا إن عشرات الأسر افترشت الأرض في الحدائق، ومداخل الأبنية، دون غذاء ولا كساء. ووجه ناشطون نداءات استغاثة لسكان دمشق لإيواء النازحين من المخيم وتقديم العون لهم. كما ازدحم مئات العائلات الفلسطينية أمام مركز الهجرة والجوازات الخاصة بالفلسطينيين للحصول على تصريح بالخروج إلى لبنان، و«يلاقي هؤلاء معاملة سيئة جدا من الموظفين بسبب الفوضى والازدحام الشديد. وبعضهم وقع على الأرض وتعرض للدهس بالأقدام من شدة التزاحم» بحسب شهود عيان. وقال عصام، وهو أحد سكان المخيم، لوكالة الصحافة الفرنسية إن اليرموك شهد صباح أمس حركة نزوح، بسبب شائعات غير معروفة المصدر مفادها أن أمام سكان المخيم ساعتين (بين السادسة والثامنة صباحا بالتوقيت المحلي، لمغادرته».

وأشار إلى أنه أمضى الليلة الماضية في مكان عمله بعدما لم يتمكن من العودة إلى منزله «بسبب الاشتباكات التي تدور في غالبية الشوارع ووجود القناصة على الأسطح»، وأنه انتقل أمس مع زوجته وأولاده للإقامة لدى أهله في دمشق.

ويذكر أن المخيم أحد المناطق الشعبية الأكثر اكتظاظا بالسكان، وهو أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين والذين يقدر عددهم في مخيم اليرموك بنحو 150 ألف نسمة، من 500 ألف فلسطيني يعيشون في سوريا، كما يسكن في مخيم اليرموك آلاف السوريين من ذوي الدخل المحدود من المناطق الأخرى، كما كان المخيم خلال الأشهر الماضية ملاذا لآلاف النازحين السوريين من الأحياء والبلدات الساخنة المجاورة والبعيدة. وبدوره قال وزير الخارجية السوري وليد المعلم للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في اتصال أجراه الأخير أن سوريا «سبق لها أن حذرت مرارا من خطورة زج الفلسطينيين بالأزمة السورية ومن محاولات حرفهم عن حقوقهم وفي مقدمتها حق العودة»، لافتا إلى أن «ما تقدمه سوريا للفلسطينيين فيها منذ عقود لم تقدمه أي من الدول المضيفة لهم». وحول ما يجري في مخيم اليرموك قال المعلم: «إنه منذ أربعة أيام دخلت مجموعات إرهابية مسلحة تابعة لـجبهة النصرة إلى بعض أحياء المخيم الذي يقطنه فلسطينيون وسوريون بعد قيام تلك المجموعات الإرهابية المسلحة بقصف مدفعي على أحياء في المخيم أصابوا خلاله جامعا ومشفى وعلى الرغم من مناشدات السكان لقواتنا المسلحة بالتدخل إلا أن الجيش السوري لم يدخل إلى المخيم والاشتباكات الجارية منذ بضعة أيام هي بين هذه المجموعات الإرهابية التي تتلقى الدعم بالسلاح والمال من بعض دول الجوار وعناصر من المخيم شكلتها اللجان الشعبية الفلسطينية المقيمة فيه». وحذر المعلم الفلسطينيين من «إيواء أو مساعدة هذه المجموعات الإرهابية الدخيلة على المخيم» وطالبهم بـ«العمل على طردها».

وفي أول انتقاد من نوعه للنظام السوري واتهامه بقصف المخيم، طالب المتحدث باسم الجبهة الشعبية حسام عرفات في بيان باعتذار من الأسد، وقال في بيانه من رام الله، إن «القصف الذي قامت به طائرات النظام السوري لجامع عبد القادر الحسيني (في المخيم) لا يدع مجالا للشك بالجهة التي تقف خلف هذا القصف وهي سلاح الجو السوري». وأضاف: أن «الجبهة الشعبية - القيادة العامة تطالب القيادة السياسية في سوريا وفي مقدمتهم الرئيس السوري بشار الأسد بتقديم توضيح تفصيلي لهذه الجريمة ومحاسبة مرتكبيها والاعتذار العلني عنها». ووصف عرفات القصف بأنه «جريمة لا يمكن تبريرها أزهقت أرواح العشرات من أبناء شعبنا الفلسطيني في مخيم اليرموك وجريمة مدانة بأشد العبارات ومحاولة مرفوضة لإقحام المخيمات الفلسطينية في الأزمة السورية الحالية وتطور خطير لا يمكن المرور عليه مرور الكرام».

إلا أن المتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة أنور رجا برأ القيادة العامة من تصريحات حسام عرفات، وأكد في تصريحات صحافية من دمشق «وقوف الجبهة إلى جانب النظام السوري» وقال رجا: إن «الجبهة تؤكد ثبات موقفها تجاه ما تتعرض له سوريا من مؤامرة وحرب كونية»، معتبرا أن التصريح الصادر في رام الله «لا علاقة للجبهة فيه».

وتتخذ الجبهة بزعامة أحمد جبريل من دمشق مقرا لها، وشارك مقاتلون تابعون لها في اشتباكات في مخيم اليرموك ضد مقاتلي الجيش الحر. وكان معارضون سوريون ومصادر فلسطينية أفادوا بمغادرة أحمد جبريل للمخيم اليرموك السبت مع نجله متوجها إلي مدينة طرطوس على البحر المتوسط وهي معقل للأقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد. من جهته، حمل نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية أمس السلطات السورية مسؤولية أمن المخيمات الفلسطينية، معربا عن «قلقه البالغ» لأعداد الضحايا الفلسطينيين الذين سقطوا في مخيم اليرموك. وحمل السلطات السورية مسؤولية أمن المخيمات الفلسطينية، وحذر من «مخاطر إقحامها في النزاع الدائر في سوريا».

ودعا السلطات السورية وكافة الأطراف المتنازعة إلى «المحافظة على أمن اللاجئين الفلسطينيين، وعدم إقحامهم في الصراع الدائر وتجنيبهم مخاطر الاقتتال والتهجير والنزوح وتوفير الحماية اللازمة لهم». وأشار البيان إلى أن العربي أجرى مباحثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس جرى فيها التداول حول سبل التحرك من أجل ضمان حماية اللاجئين الفلسطينيين وأمنهم في سوريا.