الجزائر تنفي السماح لقاض فرنسي بالتحقيق في هوية قاتلي 7 رهبان فرنسيين عام 1996

السلطات الجزائرية تعتبر ذلك تشكيكا في تصفيتهم على أيدي إرهابيين

TT

أفادت وزارة الخارجية الجزائرية أمس أن الأنباء التي تحدثت عن الترخيص لقاض فرنسي متخصص في قضايا الإرهاب، بالتحقيق في مقتل رجال دين مسيحيين فرنسيين بالجزائر «غير صحيحة». وتشكل هذه القضية فصلا من فصول توتر العلاقة بين الجزائر وفرنسا، والتي يحاول الرئيس فرنسوا هولاند أن يعالجها خلال زيارته الرسمية للجزائر التي تبدأ غدا (الأربعاء).

وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية عمار بلاني، في تصريح مكتوب وزع على الصحافة أمس، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن الطلب الذي رفعه القاضي الفرنسي مارك ترفيدتش إلى السلطات الجزائرية «لا يزال محل دراسة من طرف القضاء». وقال: «في حدود علمي طلب المساعدة القضائية التي أرسلها قاضي التحقيق (نهاية 2011) موجود بين يدي القاضي المختص في مثل هذه القضايا».

وبذلك، فند بلاني خبرا نشره الموقع الإلكتروني لقناة «فرانس 24» الفرنسية الأحد الماضي، مفاده أن القاضي الشهير مارك ترفيدتش سيتنقل إلى الجزائر في مارس (آذار) المقبل، بناء على ترخيص من الجزائر لبدء التحقيق في ظروف مقتل سبعة رهبان تقول السلطات إن «الجماعة الإسلامية المسلحة»، هي التي اختطفتهم وقتلتهم، وفصلت رؤوسهم عن أجسادهم، عام 1996 بمنطقة المدية جنوب العاصمة، والتي كانت من أخطر معاقل الإرهاب بالجزائر.

لكن رواية فرنسية جديدة، ظهرت قبل ثلاث سنوات، تتحدث عن قتلهم من طرف الجيش الجزائري «عن طريق الخطأ»، عندما كان يقصف مواقع الإرهابيين. بينما ظهرت رواية ثالثة أصحابها هم الملحق العسكري بسفارة فرنسا في الجزائر سابقا، ومنشقون عن الجيش الجزائري ولاجئون سياسيون بأوروبا، تقول إن الجيش الجزائري «قتلهم عمدا ليلحق تهمة الاغتيال بالجماعات الإسلامية المتشددة».

ونقلت القناة الفرنسية عن مصادر دبلوماسية، قولها إن القاضي ترفيدتش لم يحصل على أي ضمانات بخصوص طلبين تقدم بهما، الأول يتعلق باستجواب ما يقارب 20 شخصا يعتبر شهادتهم مفتاح القضية. أما الطلب الثاني فيتعلق باستخراج جثث الضحايا وإجراء تحاليل الحمض النووي الريبي على جماجمهم، للتأكد إن كانت تحمل آثار الرصاص وما إذا كانوا تعرضوا لقطع الرؤوس قبل أم بعد وفاتهم. ومن بين الأشخاص الذين يرغب القاضي في استجوابهم، عماري صايفي الملقب «عبد الرزاق البارا» القيادي في «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» سابقا (تحولت إلى القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بداية 2007) الموجود حاليا في السجن، وينتظر المحاكمة بتهم الإرهاب. ويسعى القضاء الألماني أيضا إلى استجوابه لضلوعه في خطف 32 سائحا أوروبيا، أغلبهم ألمان، في صحراء الجزائر عام 2003.

ومن أكثر ما يغضب السلطات الجزائرية، أن تنسب المجازر التي وقعت خلال الحرب الأهلية، إلى مؤسساتها الأمنية. ويفهم ذلك في الغالب على أنه تبرئة للجماعات الإرهابية من المذابح الشنيعة التي راح ضحيتها أكثر من 150 ألف قتيل. وتندرج قضية التحقيق في مقتل الرهبان، حسب الجزائريين، في إطار «إضفاء الغموض عمدا حول القتلة الحقيقيين».

وتعهد الرئيس الفرنسي ببحث طلب ترفيدتش، مع نظيره عبد العزيز بوتفليقة خلال مباحثات تجمعهما خلال زيارة الرئيس الفرنسي إلى الجزائر، يومي الأربعاء والخميس، وذلك بناء على طلب من عائلات الرهبان.