«فيس بوك».. الصحيفة الشعبية للنشطاء السوريين في الداخل والخارج

أصبح الأكثر فعالية لنقل الصورة والخبر دون إظهار الهوية الحقيقية

TT

أصبح الـ«فيس بوك» من أكثر شبكات التواصل الاجتماعي التي يلجأ إليها النشطاء السوريون للتعبير عن حالة الداخل السوري، خاصة بعد تدهور الحالة الاقتصادية من نقص وشح في المواد الغذائية الأساسية وكذا المحروقات والانقطاع الذي يصل إلى قرابة 15 ساعة يوميا للتيار الكهربائي.

وقال الناشط السوري عمر العرموني لـ«الشرق الأوسط» إن «(فيس بوك) أهم شي في الثورة السورية لأن الكل كان في بداية الثورة وحتى اليوم يحتاج للتواصل بصورة مزيفة دون إظهار هويته الحقيقية لتجنب الاعتقال أو اعتقال ذويهم، وهو الوسيلة الأكثر فعالية لنقل صورة الداخل».

ولجأ الناشطون السوريون إلى صفحات «فيس بوك» لنشر الصور الفوتوغرافية والرسوم الكاريكاتيرية ومقاطع الفيديو التي باتت تصل إلى الملايين في وقت قصير وأسرع من عمل الوكالات الدولية، ويتضمن «فيس بوك» عددا من السمات التي تتيح للمستخدمين إمكانية التواصل مع بعضهم بعضا ومن أشهر التطبيقات على موقع «فيس بوك» تطبيق الصور (Photos)، حيث يمكن المستخدمين من تحميل الألبومات والصور إلى الموقع، كما يوفر لمستخدميه إمكانية تحميل كم هائل من الصور إلى الموقع مقارنة بالمواقع الأخرى.

وذكر بعض المستخدمين أنه يمكن إنشاء ألبومات بحد جديد للصور قد يصل إلى 200 صورة، ومن ثم أسرع الشباب السوريون إلى نقل الواقع المرير من مناطقهم إلى أصدقائهم في الداخل والخارج وعلى صفحات الثورة السورية الكثيرة على الموقع فكانت الصورة أقواها تأثيرا وتعبيرا.

وعلى صفحات «فيس بوك» تم نشر صور الطوابير الطويلة أمام الأفران والمخابز، ونور الشمع في المساء في البيوت والمحلات التجارية بمختلف أنواعها وصور المباني والمنازل المدمرة جراء أعمال القصف الجوي والمدفعي من قبل قوات الرئيس بشار الأسد، وصور القتلى من الأطفال والنساء والشباب الملطخة أجسامهم بدماء وعليها آثار التعذيب، ولم تخل الصفحات من الصورة المحظور نشرها لما تحمله من تشويه أو بتر وتناثر للأعضاء البشرية.

ففي صورة نشرت على «فيس بوك» من قبل أحد الناشطين لفرن حكومي يقف أمامه طابور طويل لم تستطع الكاميرا التقاط نهاية الطابور الممتد إلى جانب الفرن. وعلى جانب الرصيف رجل يخطو بالشارع خارجا من أمام الطابور وبيده الخبز. وكتب النشطاء على الصورة فوق رأس الرجل: «انظروا إلى هذا البطل بعد خروجه من المعركة»، دليلا على صعوبة وقسوة الحصول على الخبز اليومي بالنسبة للمواطن السوري.

ويضيف العرموني: «انتشر (فيس بوك) في سوريا بين المراهقين والشباب على عكس (تويتر) الذي يحتاج إلى أن تكون شخصية معروفة لتحصل على متابعين بعكس (فيس بوك) وهو دليل على أن الثورة السورية ثورة شعبية وليست ثورة نخبوية مقتصرة على المغردين على التوتير».

ومن السمات التي تساعد النشطاء السوريين على «فيس بوك» أو (لوحة الحائط) وهي عبارة عن مساحة مخصصة في صفحة الملف الشخصي لأي مستخدم بحيث تتيح للأصدقاء إرسال الرسائل سواء كانت كتابات أو روابط لتحميل مقاطع الفيديو من موقع «يوتيوب» أو الصور إلى الأصدقاء في الموقع وكما ينشر النشطاء مقاطع الفيديو لمعارك الجيش الحر ضد القوات الحكومية.

ويقول شيار خليل وهو إعلامي سوري: «أصبح (فيس بوك) الصحيفة الشعبية ذات المساحة اللامتناهية في الثورة السورية منذ قرابة 20 شهرا على بدء الانتفاضة ضد نظام الأسد، فمن خلاله ننشر أكبر كمية من المعلومات والصورة التي هي من واقع الثورة، والوصول إلى عدة جهات عاملة في الثورة وتبادل الخبرات والتحقق من صحة الأخبار، وهو الموقع الإلكتروني الوحيد، الذي نجيد استخدامه من بين مواقع التواصل الاجتماعي كـ(تويتر) أو غيره».

وفي صورة كاريكاتيرية نشرت على «فيس بوك» بإحدى الصفحات الثورية لتعبر عن معاناة الداخل السوري من الانقطاع المزمن الحاد للتيار الكهربائي الذي يصل إلى قرابة 15 ساعة يوميا في جميع المحافظات السورية، نجد مصباح كيروسين ممسكا بيد شمعة ويسيران وهما مبتسمان والشمعة تنظر إلى المصباح الأثري ولسان حالها يقول: «والله رجعت أيامنا».