إضراب شامل يشل السلطة الفلسطينية بعد تأخر صرف الرواتب

الموظفون يتجهون للتصعيد وفياض لا يعد بشيء سريع.. والآمال معقودة على زيارة الأمير القطري

TT

شل الإضراب الذي نفذه موظفو الحكومة الفلسطينية أمس، جميع المدارس والوزارات والمؤسسات الرسمية، في تصعيد مهم بعد تأخير صرف رواتبهم عن الشهر الماضي، بينما قال رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض، إنه «لا موعد محدد بعد لصرفها».

وتمر السلطة بأزمة مالية خانقة، منذ عامين، لكنها ازدادت سوءا هذا الشهر، بعدما حجبت إسرائيل عوائد مالية شهرية تجمعها بدل ضرائب وجمارك على بضائع فلسطينية لصالح السلطة، في خطوة عقابية بعد ذهاب الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة وحصولهم على اعتراف بالدولة المراقب، وفي ظل توقف ورود مساعدات أجنبية وعربية. وإضراب أكثر من 50 ألف موظف في الضفة من دون عناصر الأمن. قال رئيس نقابة الموظفين العموميين: «الموظفون لم يعودوا قادرين على الوصول إلى مؤسساتهم».

ويريد الموظفون الحصول على راتب شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والمفروض أن يحصلوا بعد أيام أيضا على راتب شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وكتب موظفون على «فيس بوك» ساخرين «ينعون الراتب».

وتنتظر السلطة وصول 100 مليون من الدول العربية حسب ما تقرر في الاجتماع الأخير للجنة المتابعة العربية، تنفيذا لقرار قمة بغداد رقم 551 بتاريخ 29 مارس (آذار) 2012، والقاضي بتوفير شبكة أمان مالية بهذا المبلغ للسلطة. واستنجد فياض بالعرب مرارا لتمويل السلطة. وقال إنه يحتاج 240 مليون دولار شهريا.

ولا يجد فياض بدائل للخروج من الأزمة الحالية، وقال لـ«الشرق الأوسط»، الأحد الماضي، إنه «لا يملك عصا سحرية لحل الأزمة». وطالب فياض بقمة عربية طارئة لبحث الوضع المالي الخطير إذا لم يحول العرب الأموال بسرعة كبيرة. وتبدو الأزمة مرشحة للاستمرار التصاعد، وقد يدخل على الخط الأطباء أيضا بعدما بدأ المدرسون والموظفون ومستخدمو الصحة، إضرابا سيتواصل اليوم كذلك، خصوصا بعدما رسم فياض صورة قاتمة للوضع.

وقال فياض، أمس، إنه لا يوجد آفاق تؤشر إلى إمكانية دفع الرواتب في الأيام القليلة المقبلة. وأضاف في كلمة له خلال اللقاء الأول لرؤساء الهيئات المحلية: أن «الحكومة وهي في حالة انعقاد دائم تعمل بأقصى ما لديها من قدرة لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة، وبلورة السبل الكفيلة بمواجهة القرصنة الإسرائيلية على أموال شعبنا الفلسطيني». وجدد فياض دعوته إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، مؤكدا أن الحكومة تواصل دراسة كيفية تحويل ذلك إلى سياسة ملزمة.

ومن غير المعروف إلى أي مدى يمكن أن تسيطر الحكومة على غضب الموظفين. وفي مرات سابقة، خرج الفلسطينيون إلى الشوارع وهتفوا ضد السياسات المالية للحكومة، وكادت الأحداث تتطور بعد اشتباكات محدودة مع الأمن في نابلس والخليل.

وقال زكارنة أن الموظفين يتجهون للتصعيد يوميا بعد يوم. ولم يفضي اجتماع بين النقابات وفياض قبل يومين إلى أي حل للأزمة أو اتفاق. وأصبحت وزارة التربية تفكر في تبكير موعد العطلة الشتوية للتحايل على المشكلة القائمة بتعطيل المدارس، وإنقاذ الموسم. وقال زكارنة إنه أبلغ فياض بصعوبة ظروف الموظفين من توفير قوت أبنائهم وتوفير بدل المواصلات للوصول لعملهم، وهو ما يهدد العملية الصحية وانتشار الأمراض وانهيار التعليم في فلسطين وتوقف الخدمات للموطنين في كل الوزارات.

وأضاف: «طالبنا رئيس الوزراء ببذل الجهد لدى الجامعات للتسجيل لأبناء الموظفين وتأجيل رسوم ترخيص السيارات والتأمينات ودعوة شركات الاتصالات لعدم قطع الهواتف، والمطالبة بشحن الكرت للموظفين من قبل شركات الكهرباء ودعوة البنوك لصرف سلف للموظفين وأن تقوم الحكومة بدفع أي مبالغ تتوفر بالخزينة للموظفين». وفي غمرة العجز الرسمي والغضب الشعبي، ثمة آمال بإنهاء الأزمة هذا الشهر، على الأقل، مع وصول أمير قطر، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني لرام الله خلال أيام. ولم تعلن أسباب زيارة الأمير أو موعدها، وفوق أنها تأتي لدعم الدولة سياسيا بعد خطوة الأمم المتحدة، وتحدث توازنا بعد زيارته غزة، لكن توقعات رسمية وشعبية بدعمه السلطة ماليا، تبدو مرتفعة للغاية، وربما الأهم.