دبلوماسيون إسرائيليون يحذرون من أخطار حملة الاستيطان على العلاقات مع الغرب

يعتبرون الرد الأميركي والأوروبي غير مسبوق في حدته

TT

حذر موظفون كبار في وزارة الخارجية الإسرائيلية، أمس، من «دفع إسرائيل نحو أخطر أزمة دبلوماسية في العقود الأخيرة»، وذلك بسبب كثرة مشروعات الاستيطان في القدس والضفة الغربية وما تثيره هذه المشروعات من ردود فعل غاضبة في العالم.

وأشار هؤلاء المسؤولون بشكل خاص إلى الموقف الأميركي، الذي اعتبروه «غير مسبوق في حدته»، وإلى الدول الأوروبية «التي تنوي اتخاذ موقف موحد في مجلس الأمن الدولي ضد الاستيطان»، وقالوا لوسائل الإعلام الإسرائيلية إن «الأمر يقود إلى تدهور خطير إذا لم يتم تداركه بسرعة، فإن نتائجه قد تكون غير قابلة للتصليح». وكانت الناطقة بلسان وزارة الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، قد انتقدت في الليلة قبل الماضية، مواصلة البناء في المستوطنات، واعتبرته «استفزازا غير مقبول». وقالت في تصريح وصف في إسرائيل بأنه غير عادي، إن «هناك خيبة أمل في الولايات المتحدة من إصرار إسرائيل على مواصلة الأعمال الاستفزازية». وإن «الإعلانات المتكررة ونية إسرائيل في البناء مجددا تتناقض مع محاولة التوصل إلى سلام». وأضافت: «إن قادة إسرائيل يصرحون كل الوقت بأنهم يدعمون حل الدولتين، ولكن أعمالهم تبعد هذا الهدف. وبناء عليه فإن الولايات المتحدة تطالب إسرائيل والفلسطينيين بالتوقف عن عمليات من جانب واحد، وتطالب بالقيام بخطوات للعودة إلى طاولة المفاوضات».

وكانت دول الاتحاد الأوروبي قد أعلنت نيتها التوصل إلى موقف واحد في مجلس الأمن الدولي ضد الاستيطان. وصدمت إسرائيل بموقف أكثر الدول الأوروبية صداقة مع إسرائيل، وهي التشيك، التي استدعت السفير الإسرائيلي في براغ وأبلغته بأنها لا تقبل ولا تفهم حملة الاستيطان الهوجاء في الضفة الغربية والقدس، التي تتواصل رغم الرفض الشامل من المجتمع البشري.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد مضت في مشروعاتها الاستيطانية أمس أيضا. فأقرت اللجنة الفرعية للتخطيط والبناء في مدينة القدس، أمس الأربعاء، بناء 2126 وحدة استيطانية جنوب مدينة القدس فيما تسميها إسرائيل «جفعات همتوس». وأقرت مخطط البناء في هذه المنطقة المحاذية لمستوطنة «جيلو» جنوب مدينة القدس الواقعة شرق الخط الأخضر. وللتغطية على قرارها أقرت اللجنة بناء 542 وحدة سكنية لسكان بلدة بيت صفافا العربية، في حين رفضت اللجنة بناء 800 وحدة لليهود في منطقة قريبة.

ومن جهة ثانية كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» في موقعها على الشبكة، أمس، عن أن وزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك كان قد وقع على مصادقة ببناء 523 وحدة استيطانية في مستوطنة «جفعوت» في المجمع الاستيطاني «غوش عتسيون» قرب بيت لحم، وذلك قبيل توجه السلطة الفلسطينية للحصول على دولة مراقب في الأمم المتحدة. وقالت الصحيفة إن هذه المصادقة هي هدية باراك للمستوطنين قبيل اعتزاله العمل السياسي. وأضافت أن هذا الإعلان يأتي بالتوازي مع التصريح ببناء 612 وحدة استيطانية في مستوطنة «جفعات همتوس»، ناهيك عن نشر وزارة الإسكان الإسرائيلية أمس مناقصة لبناء 5760 وحدة بناء في مختلف أنحاء إسرائيل، بينها 1000 وحدة استيطانية في مستوطنات الضفة الغربية «جفعات زئيف» (قرب القدس)، وهار حوما (جنوب القدس)، و«كارني شومرون» قرب نابلس، و«أفرات» قرب بيت لحم. يشار أن مستوطنة «جفعوت» الواقعة شرق «غوش عتسيون» خطط لها منذ عام 2000 بأن تتحول إلى مدينة، وذلك بهدف خلق تتابع سكاني بين موقعها وبين الخط الأخضر وشبكة الشوارع التي تفضي إلى مركز إسرائيل، إلا أن هذا التخطيط قد تأجل عدة مرات آخرها رفض وزارة الأمن عام 2007 المصادقة على بناء 523 وحد استيطانية.

ولا تكتفي الحكومة الإسرائيلية بكل هذا، وتخطط وزارة الإسكان فيها لنشر مناقصات في القريب لتسويق مئات الوحدات السكنية خارج الخط الأخضر في الضفة الغربية.

وتأتي هذه الهجمة الاستيطانية في إطار الصراع الذي يخوضه حزب الليكود مع الأحزاب الاستيطانية خلال المعركة الانتخابية، وليس فقط عقابا للسلطة الفلسطينية على توجهها للأمم المتحدة وتحصيلها الاعتراف بفلسطين دولة. فتجمع الأحزاب الاستيطانية الذي يتمثل في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) اليوم بسبعة مقاعد، يجرف أصواتا كثيرة من الليكود وتمنحه الاستطلاعات 12 مقعدا. وحسب تقديرات الخبراء، فإن هذه الأصوات يحصل عليها المستوطنون من مصوتي حزب الليكود أساسا، وكذلك مصوتو حلفائه في معسكر اليمين. ويسعى نتنياهو بهذه الهجمة إلى وقف هذا المد الجارف واستعادة أصوات المتطرفين لصالحه. وهو مستعد، لأجل ذلك، للدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي.