الرئيس المصري يوجه دعوة رسمية للعاهل الأردني لزيارة مصر

الملك عبد الله الثاني بحث مع رئيس الحكومة المصرية استمرار التشاور والتنسيق بين البلدين

رئيس حكومة مصر هشام قنديل (يسار) في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأردني عبد الله نسور أمس (أ.ف.ب)
TT

تسلم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس، رسالة من الرئيس المصري محمد مرسي، تضمنت دعوة رسمية له للقيام بزيارة إلى مصر.

وذكر بيان للديوان الملكي أن الرسالة التي نقلها رئيس الوزراء المصري هشام قنديل للملك تضمنت التأكيد على ضرورة استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين حيال آليات تطوير التعاون الثنائي في شتى المجالات، إضافة إلى القضايا العربية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك وسبل التعامل معها.

وحسب البيان، أكد الملك عبد الله الثاني، خلال اللقاء، متانة العلاقات الأخوية بين الأردن ومصر، والحرص على تعزيزها والنهوض بها في مختلف المجالات، خصوصا السياسية والاقتصادية. وأشار الملك عبد الله الثاني إلى أهمية انعقاد اللجنة العليا الأردنية المصرية المشتركة لتعزيز ومأسسة علاقات التعاون الثنائي، موجها المسؤولين الأردنيين بالاستمرار في التنسيق مع نظرائهم المصريين لزيادة التعاون الثنائي بما ينعكس إيجابا على البلدين والشعبين الشقيقين.

وتناول اللقاء الأوضاع في المنطقة، خصوصا الوضع السوري، حيث شدد على وقوف الأردن ودعمه للحلول التي تضمن وقف إراقة الدماء وتحافظ على سلامة الشعب السوري وأمنه واستقراره. وبحث الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء المصري الظروف المتصلة بعملية السلام وسبل الاستفادة من الاعتراف الأممي بفلسطين كدولة غير عضو وبصفة مراقب في الأمم المتحدة، للوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة استنادا إلى حل الدولتين على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

وبدوره، ثمن رئيس الوزراء المصري المواقف الإيجابية للملك عبد الله الثاني تجاه مصر وشعبها، معربا عن شكره له على مواقفه الداعمة للقضايا العربية والإقليمية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة، مثنيا على رؤيته المستنيرة تجاه المستقبل ونظرته في التعامل مع هذه القضايا. وأشاد بالإصلاحات الدستورية والسياسية التي يقودها الملك في الأردن، مؤكدا أنها تعكس الرؤية الحكيمة له في قيادة المملكة الأردنية على المسار الإصلاحي الصحيح في مختلف المجالات.

وأعرب قنديل عن تقدير مصر لحرص الأردن على تعزيز العلاقات بين البلدين، وتوثيق التعاون بينهما في مواجهة التحديات المتشابهة وضرورة استمرار التحاور حول مختلف القضايا، والاستفادة من خبرات كلا البلدين تجاهها.

وقد أعلن رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور أن مباحثاته مع رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، أمس الخميس، أثمرت عن اتفاق الجانبين بشكل كامل على مختلف القضايا مدار البحث في المجالات السياسية والاقتصادية والعمالة والنقل، ودون أي اختلاف في وجهات النظر تجاهها، وأضاف النسور في مؤتمر صحافي مع نظيره المصري أن اللقاء لم يكن لقاء فنيا أو عابرا وإنما في إطار اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي لم تنعقد منذ عام 2009.

وبشأن العمالة المصرية في الأردن أكد رئيس الوزراء أن الشعب الأردني لا ينظر إلى أشقائه المصريين في الأردن كشيء طارئ أو ضيوف «وهم موجودون منذ عقود وهو ليس منة من أحد فهذا بلدهم»، لافتا إلى أن عدد المصريين في الأردن يزيد على 900 ألف شخص.

وأشار النسور إلى أن الأردن استقبل لاجئين من عدة دول بحيث أصبح الأردن أكبر حاضنة للاجئين في العالم مقارنة مع عدد السكان، مؤكدا أن الأوضاع والحروب في المنطقة تفرض تنظيم شؤون جميع القاطنين على أراضيه.

وردا على سؤال أكد النسور أن الأردن ليس جزءا من أي محور «وسياسة المحاور تعني تقسيم وتجزئة المجزأ أصلا في أمة منكوبة»، مشددا على أن سياسة المحاور فاشلة وغير صحيحة ولا مبرر لها ولا يوجد ما يفرقنا بل يوجد لدينا كل الجوامع باعتبارنا أمة واحدة.

وقال: «قلوبنا مع مصر التي لم تخرج أبدا عن طبيعتها وأصالتها وما يجري فيها هو ريادة وهكذا تولد الدول الحرة»، مؤكدا أهمية العلاقات الثنائية في كل صعيد، مشيرا إلى أن دور مصر لا ينكره أحد وتحتاجه الأمة العربية والإسلامية.

وأكد أن العلاقات بين الدول يجب أن تكون مبنية على الروابط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والإعلامية وفي كل صعيد: «وفي نيتنا أن لا نجعل الأحداث التي تمر بها المنطقة تغفلنا عن هذه الحقيقية، وسنستمر بالتقدم في كل صعيد».

وقال رئيس الوزراء الأردني «أكدنا أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى وتتقدم على كل القضايا وهي الشغل الشاغل لنا»، مؤكدا أن القضية الفلسطينية كانت حاضرة على طاولة المفاوضات وأخذت الحيز الذي تستحق.

من جهته، قال رئيس الوزراء المصري لقد جئت إلى الأردن في ظل مخاض تمر به مصر بميلاد دستورها الجديد الذي سيقول الشعب المصري كلمته به السبت المقبل.

ولفت إلى أن التحديات التي تمر بها الأمة العربية الآن غير مسبوقة ونحن نعمل على التعاون والتلاحم والتكامل حتى نعبر بمنطقتنا العربية إلى بر الأمان.

وأكد أن اللجنة المشتركة بحثت القضايا العمالية والطاقة والتعاون الثنائي، لافتا إلى أن التبادل التجاري بين الدولتين لا يزال بأرقام متواضعة للغاية وسنعمل على تعظيمها وزيادة التنسيق في المواقف وتبادل الخبرات.

وقال: إن مصر رغم انشغالاتها الداخلية تولي علاقاتها مع الأشقاء في الدول العربية خاصة الأردن عناية فائقة.

وأشار إلى أن أحد المستثمرين المصريين موجود حاليا في الأردن وهو ينوي الاستثمار في قطاع السياحة بإجمالي استثمار يصل إلى 350 مليون دولار.

وردا على سؤال بشأن اتفاقية الغاز أكد قنديل أن الاتفاقية مفعلة ولا تحتاج إلى تفعيل، لافتا إلى أن مصر مرتبطة بعقود تصدير للأردن ولإسرائيل وإسبانيا.

وبين أن قطاع الطاقة المصري يواجه تحديات حقيقية للإيفاء بالاحتياجات المصرية الداخلية والتصديرية، لافتا إلى أن التصدير توقف إلى إسرائيل وإسبانيا «والدولة الوحيدة التي نؤكد على أن نحافظ على استمرار الغاز إليها هي الأردن».

وبشأن قطع الغاز عن إسرائيل أكد أن الخلاف هو خلاف تعاقدي بين الشركة المصرية والشركة الموردة، وليس قطعا لدوافع سياسية، وقال: «بالنسبة للأردن الشقيق هناك اتفاقية بين الدولتين، وهناك رغبة حقيقية من قبل مصر لتلتزم بالاتفاقية، واعتبارا من اليوم نلتزم بتدفق الغاز بكميات مناسبة للجانب الأردني».

وبشأن المصريين في الأردن قال رئيس الوزراء المصري «نشعر بأنهم في بلدهم»، لافتا إلى بعض الإجراءات التنظيمية التي تمت.

وأكد أنه لا توجد أزمة سياسية بين الأردن ومصر وأن ما يربط بين الدولتين أكبر بكثير من أي مشكلة وإن وجدت أي مشكلة يتم حلها بالتواصل والتفاهم والحوار.

كما أكد أن مصر لم تكن يوما من الأيام دولة محاور وإذا كان هناك محاور «فمحورنا عربي أفريقي إسلامي يضم شعوب تلك الدول للتعاون مع التكتلات الأخرى، وليس لمواجهتها، ونحن في مصر وكذلك الأردن نريد أن نتعامل مع الدول الأخرى بندية وسلام ووفق التعاون الثنائي والإقليمي».

وبشأن القضية الفلسطينية أكد أن الأردن ومصر اتفقتا خلال مباحثات اليوم ولما لهما من باع في طريق السلام، أن يساهما في توحيد الصوت الفلسطيني كشرط أساسي للمضي قدما في تحقيق حلم الدولة الفلسطينية.

وبشأن الأزمة السورية قال قنديل «نأمل أن تنتهي الأزمة السورية في القريب العاجل ويحل السلام للشعب السوري، ويتوقف نزيف الدم وخروج اللاجئين»، وقال: «إننا نتألم أشد الألم لما يحدث في سوريا، ونأمل أن يعود الحاكم إلى رشده هناك، ويغلب المصلحة العامة ويعود السلام إلى هذا البلد الشقيق».