السلطات الإيرانية تمنح مستشار أحمدى نجاد «إجازة من السجن»

مراقبون: اعتقال جوانفكر يعتبر مؤشرا على تقلص نفوذ الرئيس داخل الهيكل السياسي في إيران

TT

أكدت مصادر إيرانية لـ«الشرق الأوسط» نبأ الإفراج المؤقت عن أحد مستشاري الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد يوم الأربعاء الماضي، مشيرة إلى أن المستشار المفرج عنه حصل على ما يعرف في القانون الإيراني بـ«إجازة من السجن» وهو ما سيمكنه من قضاء بقية محكوميته خارج السجن في حين سيحظر عليه ممارسة النشاط الصحافي لمدة خمس سنوات أو يزيد على اعتبار أن القضية التي سجن على خلفيتها قضية صحافية.

وسمحت السلطات الإيرانية لعلي أكبر جوانفكر المستشار الإعلامي لأحمدي نجاد ورئيس وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالخروج مؤقتا من السجن يوم الأربعاء الماضي في أحدث منعطف في قضية يرى البعض أنها تبرز مدى تضاؤل نفوذ أحمدي نجاد في الساحة السياسية المنقسمة على نفسها، حيث جوانفكر سجن إيفين في طهران في سبتمبر (أيلول) بعدما تقرر حبسه ستة أشهر لنشره مقالا اعتبر منافيا للذوق العام وهو ما سيكلفه أيضا عدم مزاولة العمل الصحافي لمدة قد تصل إلى عشر سنوات.

ونقلت وكالة «فارس للأنباء» عن محمد بن جوانفكر قوله في وقت متأخر من ليل الأربعاء الماضي: «أبي في طريقه للمنزل برفقة أفراد من عائلته»، مضيفة: «إنه تقرر خروج جوانفكر من السجن مؤقتا بناء على طلب أسرته وإنه من غير المعروف إلى متى سيظل خارج السجن».

ويرى مراقبون أن اعتقال جوانفكر يعتبر مؤشرا على تقلص نفوذ أحمدي نجاد داخل الهيكل السياسي في إيران بعد خلاف علني مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي عام 2011. وكان محور الخلاف قرار المرشد الأعلى إعادة تعيين وزير الاستخبارات حيدر مصلحي بعد أن أقاله أحمدي نجاد.

ويعود الخلاف غير المسبوق بين المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد، على خلفية أزمة منصب وزير المخابرات حيدر مصلحي الذي استقال من منصبه أبريل (نيسان) من العام الماضي. وأكد خامنئي في حينها أنه قد يتدخل مرة أخرى في شؤون الحكومة فيما يخص قضية وزير المخابرات، وأمر المرشد على الفور بإلغاء قرار الرئيس الإيراني وإبقاء مصلحي في منصبه، مؤكدا أنه يدعم وزير المخابرات ولا يسمح لأي شخص بالتدخل في جهاز المخابرات.

لكن محمد صالح صدقيان، مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية قال إنه «عندما استدعي علي أكبر جوانفكر للمثول أمام القضاء الإيراني كمستشار لرئيس البلاد فذلك كان خطوة جريئة تتمثل باعتقال أحد مستشاري الرئيس، وهو دليل على الشفافية وفصل السلطات وسيادة القانون في إيران».

وأضاف صدقيان لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من طهران: «إنه لا علاقة للإفراج عن المستشار بالحراك السياسي الداخلي الذي تشهده إيران. صحيح أن الوضع في إيران غير بسيط، لكنني لا يمكنني أن أقول إن الأمر مرتبط بالمطلق بالحراك أو غير مرتبط به»، مستبعد أن تكون عملية الإفراج إحدى حلقات ما يعرف بالخلاف بين المرشد والرئيس، لافتا إلى أن «سلطة المرشد هي أعلى سلطة في إيران والرئيس لا يمكن أن يقف أمام سلطة المرشد بالمنطق والقانون»، مستطردا: «قد يكون هناك حراك داخل التيار الأصولي الذي ينتمي إليه نجاد».

وأثار اعتقال علي أكبر جوانفكر أيضا نزاعا علنيا في أكتوبر (تشرين الأول) عندما منعت الهيئة القضائية أحمدي نجاد من زيارة سجن إيفين. وقال أحمدي نجاد إن الحكم الصادر على جوانفكر حكم «ظالم»، لكن مصادر قالت لـ«الشرق الأوسط» إن نجاد لم يمنع من الزيارة ولكنها أجلت إلى وقت لاحق، علما بأن مستشار نجاد حكم ستة أشهر قضى منه أكثر من نصف المدة.

في غضون ذلك، أشار الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى الانتخابات القادمة، وأكد أن المشاركة الحماسية في الانتخابات تسلب الأعداء قدرة التأثير على الشعب الإيراني.

وأفادت وكالة مهر للأنباء بأن محمود أحمدي نجاد قال صباح أمس في اجتماعه بمحافظي البلاد إن حكومته ملتزمة حتى الفرصة الأخيرة بميثاقها مع الشعب.

وأشار إلى الانتخابات الرئاسية القادمة، والإجراءات التي ينبغي اتخاذها في هذا المجال، وقال: «لا أحد يمكنه أن يتخذ القرار نيابة عن الشعب الإيراني، وبالتأكيد فإن أي شخص ينتخبه الشعب الإيراني، سيكون الانتخاب الأفضل، وأن على الجميع أن يحترموه ويقدموا له العون».

ولفت إلى أن الهدف الرئيسي للحكومة هو إقامة انتخابات حماسية بمشاركة واسعة، لأن الحكومة إذا انتخبت بدعامة الأغلبية الساحقة للشعب، فإنها يمكنها أن تدير البلاد بشكل أفضل، وإذا كانت الدعامة الشعبية ضعيفة للحكومة، فمن المؤكد أنها ستواجه مشكلات في مسار تنفيذ الأمور.

وصرح نجاد بأنه في الظروف التي يضيق الأعداء حلقات الضغط ويعقدون الظروف، فإن على الشعب أن يبرز قوته لأنه من خلال استعراض قوة الشعب فإن الأعداء ينزوون. وأردف: «عندما تقام انتخابات حماسية بمشاركة الأغلبية الساحقة للشعب في البلاد، فلا الأعداء ولا أي قوة سيكون بإمكانها التأثير على إرادة وحركة الشعب، وحينذاك ستتغير حتى المعادلات السياسية على الصعيد الدولي».

وشدد على أن الانتخابات في إيران، تكتسب أهمية كبيرة، وفي الوقت الراهن تضاعف مستوى تأثيرها، نظرا إلى أن هذا البلد يقع في مركز الإلهام والتأثير على التطورات في جميع العالم.

وستكون هذه الانتخابات المقررة ليونيو (حزيران) 2013 أول انتخابات رئاسية تجرى بعد حملة قمع محتجين على نتائج انتخابات عام 2009 التي أعيد فيها انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد.