الزياني: دول الخليج تتعامل بإيجابية مع الأحداث دعما للاستقرار وتجنبا للفوضى

أمين مجلس التعاون الخليجي في حوار مع «الشرق الأوسط»: نحترم حسن الجوار مع إيران ويجب حل قضية احتلال الجزر الإماراتية سلميا

د. الزياني أكد دعم دول الخليج لأي قرار يصل إليه الشعب المصري طالما انه يحقق له تطلعاته في الازدهار والاستقرار
TT

أكد الدكتور عبد اللطيف راشد الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن قمة المنامة لمجلس التعاون لدول الخليج في دورته 33 سيتم فيها تناول ومناقشة التطورات والأحداث التي تعج بها المنطقة، خاصة مع المتغيرات التي تعيشها بعض الدول العربية، وقال الزياني في حوار مع «الشرق الأوسط» إن مجلس التعاون يتعامل بإيجابية مع التغيرات التي حدثت في المنطقة دعما للاستقرار وتجنبا للفوضى.

وحول التدخلات الإيرانية في الشؤون الخليجية الداخلية شدد الزياني على أن موقف دول الخليج واضح، ولا يوجد لديهم أي خلاف مع الشعب الإيراني المسلم الجار، وأن دول الخليج ملتزمة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وبالمقابل لا ترضى بأن تتدخل أي دولة في الشؤون الداخلية الخليجية، مجددا تأكيد أن موقف دول الخليج واضح من احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.

وفي الشأن السوري قال الزياني إن دول الخليج تطالب بنقل السلطة وتمكين الشعب السوري من تقرير مصيره، وفي الملف اليمني جدد الزياني دعوته لكل الأطياف اليمنية وتشجيعهم على الانضمام للحوار الوطني باعتباره ركيزة من ركائز المبادرة الخليجية لإنهاء الأزمة السياسية اليمنية.

الزياني تحدث عن تحول دول الخليج من مجلس إلى اتحاد وهو ما ينتظر أن يعلن في قمة خاصة تعقد في العاصمة السعودية الرياض، ومشروع الربط المائي الذي اعتبره من أهم المشاريع لدول الخليج لما فيه من استقرار لدول المنطقة فإلى نص الحوار:

* فلنبدأ من قمة المنامة لمجلس التعاون الخليجي في دورته الـ33.. الاثنين المقبل، ما أبرز المحاور والملفات التي سيتم طرحها خلال هذه القمة؟

- في الواقع.. إن القمة الخليجية المقبلة معنية في المقام الأول بما يحقق الخير لشعوب ودول المجلس وللمنطقة ككل. وخلال جولتي الأخيرة ولقائي بأصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس لمست الحرص والرغبة الصادقة في تطوير المكتسبات للمواطن الخليجي وتحقيق تطلعاته وازدهار المنطقة عموما.

وتأتي هذه القمة في ظروف صعبة تمر بها المنطقة، وسيتم فيها تناول ومناقشة التطورات والأحداث التي تعج بها المنطقة، وهي كما تعلم كثيرة.

* مقاطعا.. نعلم أن القمة تهتم بجانبين أولهما داخلي وثانيهما خارجي ولكن لو بقينا على المستوى الداخلي فهناك عملية تحول دول المجلس إلى الاتحاد الخليجي؟

- فيما يتعلق بموضوع الاتحاد الخليجي فهناك مباركة من قادة دول المجلس لمبادرة خادم الحرمين الشريفين في هذا الشأن. وقد تشكلت هيئة متخصصة لدراسة هذا المقترح وضمت ثلاثة أعضاء من كل دولة، وقدمت الهيئة تقريرها للمجلس الوزاري والمجلس الأعلى والذي اتخذ قرارا بتكليف المجلس الوزاري بمواصلة التشاور واستلام المرئيات من كل الدول، على أن يتم تقديم التقرير النهائي ومناقشة كل مرئيات الدول ونتائج التشاور في قمة تعقد لهذا الغرض في الرياض.

* في القمة السابقة كان هناك حديث عن تكامل الأسواق الخليجية.. غير أن هناك أصواتا تعتقد أنه لم يتم تفعيلها بالشكل الذي يرضي أبناء الخليج؟

- الحمد لله.. نحن في مجلس التعاون قادتنا طموحون ونظرتهم دائما نحو المستقبل، ودائما يسعون لتوفير عناصر تنشيط وتحقيق النمو الاقتصادي الخليجي حتى يؤدي إلى تحقيق الازدهار لكل مواطن. وما تم تحقيقه في الاتحاد الجمركي وفي السوق المشتركة يعتبر نتائج جيدة فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية، ولا شك أن هناك بعض العقبات التي تم على أثرها تشكيل هيئة الاتحاد الجمركي، وتم تكليفها بمعالجة كل المعوقات التي تواجه هذا الاتحاد، على أن تنتهي من معالجة تلك المعوقات قبل اللقاء التشاوري للقادة في عام 2014.

وقد اجتمعت اللجنة عدة اجتماعات ، وهي ترفع تقاريرها إلى لجنة التعاون المالي، وعموما فإن المواطنين الخليجيين والشركات بدأت تلمس خطوات ملموسة نحو إنجاز السوق المشتركة وفوائدها سواء كان في مجال التنقل أو التملك أو في مجال تداول الأسهم ومجالات أخرى كثيرة.

* وماذا عن توحيد العملة الخليجية؟

- توحيد العملة الخليجية من اختصاص المجلس النقدي، وهو المسؤول عن متابعة هذا المشروع ، وجهود المجلس في هذا الشأن مستمرة.

* وماذا عن مشروع الربط المائي خاصة أنه مشروع مهم ومن أهم المشاريع المستقبلية في مجال التنمية المستدامة للخليجيين؟

- شكرا على إثارة هذا السؤال لما له من أهمية، وهو يعكس مدى الاهتمام الذي يبديه قادة دول مجلس التعاون تجاه المواطن الخليجي، فقد أجريت في السابق دراسات عن الربط المائي والأمن المائي بينت عدم الجدوى بجانب تكلفتها العالية، غير أن قادة دول المجلس قرروا أهمية تنفيذها بغض النظر عما أفضت إليه الدراسات بشأنها نظرا لقيمتها وأهميتها الاستراتيجية لمواطني دول المجلس في الحاضر والمستقبل. وقد وافق المجلس الوزاري على تكليف شركة متخصصة بإكمال الدراسة، وإن شاء الله خلال خمسة إلى ستة أشهر ستكتمل الدراسة ومن ثم سترفع مرة أخرى للقادة لاعتمادها.

* يوجد تباين في مواقف دول مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية.. هل تعتقدون أن هذا التباين مؤشر إيجابي أم سلبي؟ وهل هناك آلية لتحديد المواقف؟

- التعميم بهذه الطريقة غير عادل، فنحن ككتلة واحدة نحرص على التنسيق المشترك في المواقف المهمة، والظهور بمواقف موحدة، ولا أذكر أن هناك قضية محورية تهم دول المجلس إلا وكان هناك اتفاق حولها، فلدينا مواقف موحدة من القضايا الرئيسية مثل القضية الفلسطينية وسوريا وإيران واليمن وغيرها.

* أعلن قبل شهر من الآن عن خطة عمل مشتركة بين مجلس التعاون مع كل من المغرب والأردن.. ماذا تم في هذه الخطة؟ وما أهم الملفات التي تنطوي عليها؟

- كما تعلم فإن العلاقة مع المغرب والأردن علاقة خاصة وتهدف إلى شراكة استراتيجية بعيدة المدى، ونأمل من خلال هذا التعاون أن نقوي ونرسخ هذه العلاقات أكثر مما هي عليه، وهناك نوعان من التعاون أولهما يتعلق بالدعم الاقتصادي، فقد تم الاتفاق على أن يكون هناك دعم مالي للبلدين يعينهما على معالجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة على أن يتم ذلك في إطار ثنائي بين البلدين الشقيقين والدول المانحة.

أما بخصوص التعاون المشترك فقد تم تشكيل فرق عمل مشتركة ولجنة رئيسية تشرف على سير التعاون بين دول المجلس وكلتا الدولتين، كما أن هناك فرق عمل تنبثق من هذه اللجنة للنظر في سبل التعاون في كل المجالات بما فيها التعليم والصحة والتقنية والاقتصاد إلى غير ذلك، مبنية على خطة عمل ووفق جدول زمني محدد، وسيتم عرض هذا الموضوع على المجلس الأعلى في قمته المقبلة لاعتماد ما تم الاتفاق عليه والبدء في التنفيذ اعتبارا من بداية العام المقبل.

* تواجه دول الخليج تجاوزات إيرانية بتدخلها في الشؤون الداخلية للخليج وأيضا تحتل جزرا خليجية فما موقف دول الخليج من تلك التجاوزات؟

- نحن في مجلس التعاون موقفنا واضح وسياستنا واضحة ، ولا يوجد لدينا أي خلاف مع الشعب الإيراني المسلم الجار، ونحن نلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ونحترم علاقة حسن الجوار ونؤمن بمعالجة النزاعات بالطرق السلمية، وبالمقابل لا نرضى ولا نقبل بأن تتدخل أي دولة في شؤوننا الداخلية. وموقفنا من احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، واضح وثابت إذ إنه احتلال إيراني لجزر خليجية. وبالتالي فإن أي قرارات أو إجراءات يتم اتخاذها من قبل إيران لن تغير من الحقائق التاريخية والقانونية لسيادة الإمارات على جزرها. ونأمل في حل هذه القضية بالطرق الدبلوماسية أو باللجوء إلى محكمة العدل الدولية.

* تشهد المنطقة العربية تغيرات سياسية كثيرة خاصة في دول الجوار مثل سوريا ومصر واليمن نجم عنها تغير في الخريطة والثقافة السياستين.. هل وضعتم أطرا تتعاملون من خلالها مع هذا المشهد السياسي المتغير كمنظومة تعاون خليجي؟

- إن مجلس التعاون تعامل بإيجابية مع التغيرات التي حدثت في المنطقة دعما للاستقرار وتجنبا للفوضى. فعلى سبيل المثال في اليمن كانت المبادرة الخليجية والتي نالت احترام العالم وتقدير المجتمع الدولي وهذا دليل لتضامن ودعم خليجي للأشقاء في اليمن. وبطبيعة الحال لم يكن ذلك وليد هذه الأزمة فقط، وإنما هو نتاج طبيعي لدعم ممتد لليمن من زمن طويل وقبل الأزمة الأخيرة، خاصة أن اليمن عضو في معظم المنظمات الخليجية، وساهمت دول المجلس في دعم وتنمية الاقتصاد اليمني، ولكن للأسف عندما جاءت الأزمة الأخيرة أثرت سلبا على برنامج عمل هذه المنظمات الخليجية، وقد كان لمجلس التعاون دور سياسي مهم جدا لمساعدة اليمن بحل أزمتها السياسية والبدء مرة أخرى في إعادة تنفيذ البرامج والمشاريع التنموية. وما زلنا في مجلس التعاون نعمل مع اليمن للوصول لمعالجات سياسية نهائية لأزمته، بجانب عملنا الاقتصادي التنموي من خلال برنامج أصدقاء اليمن برئاسة السعودية، والمملكة المتحدة بالإضافة إلى الدول المانحة، حيث تم عقد لقاءين أحدهما عقد في العاصمة السعودية الرياض في 4 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي وعمل على جمع 6،4 مليار دولار من الدول المانحة، وفي 29 سبتمبر عقد اللقاء الثاني في نيويورك وتم جمع ما يعادل 1،5 مليار دولار، حيث وصل المبلغ الكلي إلى نحو الـ8 مليارات دولار لدعم اليمن على مدى عامين، كانت النسبة الأكبر منه من دول مجلس التعاون، وهذا الجهد يعطي رسالة بأن المجتمع الدولي داعم للمبادرة الخليجية من ناحية سياسية، بجانب دعمه للجهود المتعلقة بالتنمية الاقتصادية، ما يوضح دور وسياسة دول المجلس تجاه قضية اليمن، وقد لقيت هذه المبادرة دعما دوليا بقرارين صدرا من مجلس الأمن الدولي.

وفي سوريا فإن دول مجلس التعاون بذلت جهدا كبيرا لحل الأزمة السورية بالطرق السياسية منذ بدايتها، ودعت النظام السوري لتحكيم العقل وعدم اللجوء إلى العنف والقتل والتدمير، ولكن مع الأسف النظام اختار التعامل مع الأحداث بالحل الأمني، إلى أن وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن. وقد رأينا مؤخرا توحد فصائل المعارضة السورية في ائتلاف واحد بجهود مشكورة من دولة قطر والجامعة العربية. وكانت دول المجلس أول من اعترف بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية كممثل شرعي للشعب السوري. ونحن نتمنى أن يتوحد المجتمع الدولي كما توحدت المعارضة السورية لمساعدة الشعب السوري على تحقيق مطالبه المشروعة.

* بالعودة إلى الشأن اليمني في ظل حكومة الوفاق الوطني حيث كانت لك الكثير من اللقاءات مع عدد من الأطراف بمختلف مشاربها المعنية بالمسألة اليمنية.. ما قراءتكم للمشهد السياسي في اليمن حاليا ومدى إمكانية التقارب بين طوائفه السياسية المختلفة؟

- ثقتي كبيرة في إخواننا باليمن، والدليل هو مشوارنا للوصول إلى التوقيع على المبادرة الخليجية والبدء بتنفيذها والانتهاء من مراحلها الأولى من التنفيذ. وقد أوضحت تلك الجهود بجلاء المعدن الأصيل للشعب اليمني والحكمة اليمانية وحرصهم على الوصول إلى حل سلمي، سواء من حيث نقل السلطة أو التقيد بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، إذ إن القرارات التي اتخذها الرئيس اليمني قرارات صائبة وتلقى دعما إقليميا ودوليا، وكان آخرها قرار إعادة هيكلة القوات المسلحة.

ونحن مقبلون على المرحلة الثانية من المبادرة الخليجية، وهي مرحلة الحوار الوطني لتعقبه مسألة إعداد الدستور والتصويت عليه ومن ثم إجراء الانتخابات. وأعتقد أن هذه المرحلة حساسة ومهمة لمستقبل اليمن. وثقتي كبيرة في إخواننا اليمنيين، إذ طالما أننا وصلنا بتوجه صادق إلى هذه المرحلة فبالتأكيد أن مرحلة الحوار الوطني ستكون على قدر المسؤولية، وستلفت أنظار العالم الذي يرقب الوضع بعين مفتوحة، حتى تكون الأزمة اليمنية أنموذجا لشكل الحلول السياسية السلمية الحضارية.

* هل لمست في اجتماعاتكم الأخيرة مبادرات إيجابية من قبل الأطياف المختلفة خاصة فيما يتعلق بالحراك السياسي لجنوب اليمن بشكل يوضح ذوبانها في بوتقة حوارية واحدة؟

- نحن نشجع الجميع للدخول في مؤتمر الحوار الوطني باعتباره ركيزة من ركائز المبادرة الخليجية.

* بالانتقال لموضوع سوريا.. كيف تنظرون إلى خارطة الحل السياسي من خلال الائتلاف الوطني السوري؟

- لا يوجد على وجه البسيطة من لا يتمنى أن يتم إيقاف حمام الدم في سوريا. إن دول مجلس التعاون بصفتها أعضاء في الجامعة العربية فهي تدعم جهود الجامعة العربية، إلا أنه للأسف لا توجد رؤية موحدة للموقف الدولي تجاه القضية السورية في مجلس الأمن الدولي لأنه منقسم على نفسه، وهذا يزيد من استمرارية وقوع أكبر عدد من الضحايا من الشعب السوري الشقيق. وكما ذكرت لك قبل قليل فنحن نتمنى أن يكون هناك موقف دولي جاد وصارم تجاه هذه القضية لدعم الشعب السوري وإنهاء مأساته ووقف حمام الدم، ونحن في مجلس التعاون موقفنا واضح وهو المطالبة بنقل السلطة وتمكين الشعب السوري من تقرير مصيره وتحقيق تطلعاته.

* بالعودة إلى انقسام مجلس الأمن تجاه القضية السورية في ظل الموقف الروسي وتشدده في الاتجاه المعاكس.. هل لمست تغييرا في الموقف الروسي خاصة أن أكثر من 120 دولة اعترفت بالائتلاف الوطني السوري؟

- روسيا الاتحادية دولة مهمة ولها مواقف إيجابية من عدد من القضايا العربية، ونحن نأمل أن تأخذ روسيا موقفا إيجابيا تجاه الأزمة السورية، خاصة أن الوضع هناك وصل إلى حد المأساة الإنسانية الحقيقية المؤلمة بما في ذلك قتل المدنيين وتهجيرهم وتدمير المدن والقرى والبنية التحتية.

* على الصعيد المصري.. كيف تنظرون إلى المشروع السياسي الإخواني في المشهد السياسي الحالي والمستقبلي؟

- مصر دولة محورية ولها ثقل كبير في الوطن العربي وفي منطقة الشرق الأوسط، وهي دولة شقيقة نتمنى لها ولشعبها الأمن والأمان والاستقرار والرخاء. ونحن ندعم أي قرار يصل إليه الشعب المصري طالما أنه يحقق له تطلعاته في الازدهار والاستقرار. وأنا واثق أن الشعب المصري قادر على حل مشكلاته وتجاوز الأزمة التي يمر بها حاليا بكل حكمة وذكاء. وما يحدث في مصر الآن هو حراك سياسي وشأن داخلي نتمنى من الله أن يفضي إلى ما يتمناه الشعب المصري الشقيق.