حرب شوارع بين إسلاميين ومعارضين للرئيس والدستور في الإسكندرية

إصابة العشرات في مليونية «حماية المساجد».. والداخلية تحذر من تصاعد الاشتباكات

قوات مكافحة الشغب تفصل بين المتظاهرين في الإسكندرية عشية المرحلة الثانية والأخيرة من الاستفتاء على مسودة الدستور الجديد (أ.ف.ب)
TT

في وقت اشتعل فيه الموقف أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية ليتفوق على برودة الجو والأمطار، وبينما تحولت الإسكندرية لساحة كر وفر بين إسلاميين ومعارضين للدستور الجديد خلال مليونية «حماية العلماء والمساجد» التي دعت إليها قوى إسلامية أمس (الجمعة)، شهد التحرير بالقاهرة هدوءا تاما في ظل توافد أعداد قليلة من المتظاهرين على الميدان نظرا لبرودة الجو، فيما واصل العشرات من ممثلي القوى المدنية اعتصامهم بالميدان لليوم الـ31 اعتراضا على مشروع الدستور.

واحتشد الآلاف من أنصار حركة حازمون المؤيدة للشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل، والدعوة السلفية، وحزب الحرية والعدالة، وجماعة الإخوان المسلمين، بمحيط مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية، ردا على ما وصفوه بتعدي أنصار القوى المعارضة على مسجد القائد إبراهيم ومحاصرة خطيبه الشيخ أحمد المحلاوي لأكثر من 14 ساعة داخل المسجد ومحاولة التعدي عليه الجمعة الماضي. ووقعت أمس اشتباكات عنيفة بين الإسلاميين والمتظاهرين، حيث تراشق كل من الطرفين بالحجارة، وسمع دوي طلقات رصاص حي وخرطوش، وأسفرت الاشتباكات عن إصابة 58 من الجانبين بينهم 6 مجندين من الشرطة حسب بيان لوزارة الصحة، بالإضافة لحرق حافلتين وسيارة شرطة. وحمل المتظاهرون لافتات بيضاء كتبوا عليها: «إلا العلماء والمساجد»، و«قادرون على حماية مساجد الله من البلطجية وفلول الحزب الوطني». وهتف المتظاهرون عقب صلاة الجمعة: «إسلامية إسلامية.. مصر حتفضل إسلامية»، و«بالروح بالدم نفديك يا إسلام».

ومع هطول الأمطار الغزيرة المتواصلة التي شهدتها الإسكندرية أمس مع نوة الفيضة الكبرى، قام شباب تيارات الإسلام السياسي، بالهتاف «الله أكبر»، واعتبروا أن السماء تستجيب لمطالبهم.

وفي المقابل، احتشد مئات المتظاهرين من المعارضين للرئيس مرسي، اعتراضًا على مشروع مسودة الدستور الجديد، وطالبوا بوقف المرحلة الثانية من الاستفتاء المقرر لها اليوم (السبت)، وهتف المعارضون: «مدنية مدنية مصر حتفضل مدنية»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، و«لا إخوان ولا سلفية.. مصر حتفضل مدنية».

وقال شهود عيان إن «عددا من الملثمين اشتبكوا مع أحد المؤيدين للرئيس مرسي، ووقعت بينهم اشتباكات بالأيدي، تلاها انضمام العشرات للاشتباكات التي تطورت إلى تراشق بالحجارة وحالة كر وفر، تخللها إلقاء قنابل غاز مسيلة للدموع، فيما فرضت قوات الأمن طوقا أمنيا حول المسجد تحسبا لتجدد الاشتباكات».

وقال الشيخ المحلاوي في خطبته أمس إن «الوقائع التي حدثت الأسبوع الماضي لن تتكرر مرة أخرى، لأنها جديدة، ولم تهاجم مساجد خلال التاريخ الإسلامي إلا من أعداء الدين».

من جهته، أدان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، حصار المساجد والاعتداء على حرمتها؛ لما لها من مكانة عظيمة في الإسلام باعتبارها بيوت الله في الأرض. واستنكر الدكتور الطيب في بيان له أمس (الجمعة) ما حدث أمام مسجد القائد إبراهيم واعتداء البعض على حرمته مما يعتبر مخالفا لحرمة المساجد، وناشد شيخ الأزهر جميع أبناء الشعب المصري بألا تنعكس الحالة الراهنة التي يمر بها الوطن على المساجد وألا يمسها أحد بسوء.

وحذرت وزارة الداخلية من تداعيات الاشتباكات بمحيط مسجد القائد إبراهيم. وقال مصدر أمني مسؤول بوزارة الداخلية في بيان له أمس (الجمعة): «سبق للوزارة أن حذرت من تداعيات الدعوات للمظاهرات بمدينة الإسكندرية، في تلك المرحلة، وحملت المسؤولية للداعين والمنظمين لتلك المظاهرات. وأضاف أن «وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين أصدر توجيهاته للقيادات الأمنية الميدانية بالتعامل والتصدي لمثيري الشغب بكل حسم وقوة وضبطهم واتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم».

وتابع المصدر الأمني نفسه: «تحذر وزارة الداخلية من مغبة تصاعد تلك التداعيات، وتهيب بجميع الأطراف الموجودة بنطاق الأحداث الاحتكام لصوت العقل حفاظا على سلامة المواطنين وتماسك النسيج الوطني».

وفي القاهرة، أدى الرئيس محمد مرسي صلاة الجمعة في مسجد الحمد بالتجمع الخامس بالقاهرة الجديدة، وسط المئات من المصلين. وتحدث الشيخ عبد الرحمن يعقوب خطيب المسجد عن التنابذ بالألفاظ وخطورة الشائعات التي يتم تداولها، مبررا الاعتراضات التي تطاله دائما حينما يقول فخامة الرئيس، قائلا: إن «الإسلام لا يتعارض مع ذلك والمنظمات العالمية والمسؤولون يقولون ألقابا لا يعترض عليها أحد». من جانبه التزم الرئيس مرسي الصمت ولم يتحدث كعادته في الآونة الأخيرة عقب صلاة الجمعة.

وشهد ميدان التحرير بوسط القاهرة، هدوءا تاما وغابت عنه لأول مرة صلاة الجمعة بالميدان، فيما تجمع العشرات من الموجودين بالميدان عقب الانتهاء من صلاة الجمعة بالمساجد أمام شارع محمد محمود (محيط وزارة الداخلية)، مرددين الهتافات المناهضة للرئيس مرسي ولجماعة الإخوان، كما رفعوا لافتات تدعو للتصويت بـ«لا» في المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور.

وفي السويس، نظم تيار الإسلام السياسي، مسيرة عقب صلاة الجمعة لتأييد مشروع الدستور، شارك فيها المئات. وردد المشاركون هتافات منها: «قولوا نعم للدستور خلي بلادنا تشوف النور»، و«ودستورنا استقرارنا».

وأضاف الشيخ محمد حسان، الداعية الإسلامي، خلال خطبة صلاة الجمعة بمسجد الصحابة بحي فيصل، التي أقيمت وسط إجراءات أمنية مكثفة، أن الاختلاف أمر قدري؛ لكن لا يجب أن يكون سببا في بناء الدولة، ولا هدمها.

وفي الإسماعيلية، وقعت اشتباكات داخل مسجد الشيخ زايد خلال خطبة الجمعة، بسبب هجوم الشيخ محمد فاروق إمام المسجد، على رافضي الدستور، ووصفه لهم «تلميحا»، بأنهم يدلون بشهادة زور.

ورد مجموعة من المصلين على الإمام بالهتاف: «باطل.. باطل»، وأقدم بعضهم على الاشتباك مع الشيخ فاروق، مما أدى لوقوع اشتباكات بين المؤيدين والمعارضين داخل المسجد.