مصر تحسم اليوم معركة الدستور في الجولة الثانية من الاستفتاء

«التأسيسية» تحاور نفسها بعد رفض المعارضة دعوتها.. والبرادعي: لا نسعى لإزاحة مرسي

إسلاميون يطالعون صحفا ويتناولون طعاما أمام مقر المحكمة الدستورية العليا في القاهرة أمس (أ.ب)
TT

يتوجه نحو 25 مليونا و495 ألف ناخب مصري في 17 محافظة، اليوم للإدلاء بأصواتهم، خلال المرحلة الثانية والأخيرة لحسم معركة الاستفتاء على الدستور الجديد للبلاد، المدعوم من قبل الرئيس المصري محمد مرسي وحلفائه من أنصار تيار «الإسلام السياسي»، في مواجهة التيار المدني المعارض، والذي دعا لرفض مشروع الدستور والتصويت بـ(لا)، واصفا إياه بأنه «دستور غير توافقي يدفع البلاد لحالة من عدم الاستقرار».

وبينما عقدت الجمعية التأسيسية للدستور مناظرة من طرف واحد أمس بعد رفض ممثلي قوى المعارضة الحضور. قال المعارض البارز الدكتور محمد البرادعي إن «هذا الدستور مظهر من مظاهر الفشل لغياب الإدارة والتخبط في السياسات»، مؤكدا أن «هدفه ليس إزاحة رئيس الجمهورية ولكن العمل على أن تسير مصر إلى الأمام».

ووفقا للنتائج غير الرسمية، فقد أيد نحو 57 في المائة من المشاركين في الاستفتاء مشروع الدستور، في المرحلة الأولى التي أجريت السبت الماضي، مقابل رفض 43 في المائة، وهي المرحلة التي أجريت في 10 محافظات فقط. ويكفي موافقة 50 في المائة+1 ممن شاركوا في الاستفتاء لإقرار الدستور.

وأعلنت قوى معارضة وجمعيات حقوقية راقبت عملية الاستفتاء، وجود مخالفات وعمليات تزوير شابت الجولة الأولى من الاستفتاء، في ظل رفض آلاف القضاة الإشراف بسبب ما اعتبروه تعديا من السلطة التنفيذية على استقلال القضاء بعد قرارات الرئيس مرسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. لكن اللجنة العليا المشرفة على الاستفتاء أعلنت وجود أعداد كافية من أعضاء الهيئات القضائية للإشراف على جميع لجان الاستفتاء وهي (176 لجنة عامة، و6724 لجنة فرعية، و4930 مركزًا انتخابيا على مستوى الجمهورية).

ويؤمن الجيش المصري عملية الاستفتاء على الدستور من خلال نشر جنوده لدعم الشرطة المدنية في تنظيم المرحلة الثانية من الاستفتاء، والمشاركة في تأمين اللجان والمراكز الانتخابية، في محافظات (الجيزة، القليوبية، المنوفية، البحيرة، كفر الشيخ، دمياط، الإسماعيلية، بورسعيد، السويس، مطروح، البحر الأحمر، الوادي الجديد، الفيوم، بني سويف، المنيا، الأقصر، قنا). ومنح الرئيس مرسي جنود القوات المسلحة (حق الضبطية)، حتى إعلان نتيجة الاستفتاء.

وكثف أمس مؤيدو ومعارضو الدستور حملاتهم ومسيراتهم ودعايتهم في جميع محافظات الجمهورية، لحشد المصريين للتصويت إما نعم وإما لا على الدستور، وقام عدد من الناشطين بعرض وجهة نظرهم عبر شاشات عرض في الميادين لمزايا وعيوب الدستور.

ودعت الجمعية التأسيسية التي صاغت مشروع الدستور، إلى جلسة حوار ومناظرة علنية مع القوى الرافضة، في مقر مجلس الشورى أمس، في محاولة منها لـ«البحث عن التوافق»، على حد قولها. لكن «جبهة الإنقاذ الوطني»، رفضت الدعوة وأرسل عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية والقيادي بجبهة الإنقاذ خطابا للجمعية قال فيه «لا أعتقد أننا بحاجة لمناظرة إضافية، بقدر حاجتنا إلى مواجهة الواقع الذي يؤكد غياب التوافق الوطني على الدستور». ونشرت الجمعية صورا لمقاعد خالية وكتبت عليها أسماء الشخصيات التي دعتها ورفضت الحضور ومنها (الدكتور محمد البرادعي، حمدين صباحي، عمرو موسى، السيد البدوي).

وقال الدكتور محمد محسوب وزير الدولة للشؤون القانونية خلال الجلسة إن مصر تشهد حاليا قدرا من الاستقرار، وسوف يتم استكماله مع الانتهاء من إعلان نتائج مختلف الانتخابات التشريعية التي ستجرى خلال الفترة المقبلة، موضحا أن الاستفتاء العام للدولة على الدستور من أعمال السيادة ولا يجوز الطعن عليه، مشيرا إلى أن الانتهاء من الاستفتاء على الدستور سيؤدي إلى تحقيق حالة من الاستقرار للدولة.

وقال: «الخلافات السياسية ستستمر ولكنها ستكون طبيعية في ظل الاستعدادات للانتخابات البرلمانية وبمقتضى هذا الدستور لن تكون الحكومة سكرتارية للرئيس وإنما سيكون لها سلطات وصلاحيات حقيقة».

في المقابل، وجه الدكتور محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور المعارض، نداء للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين بإلغاء الاستفتاء على الدستور والاستعانة بدستور 1971 المعدل حتى إنشاء جمعية تأسيسية ممثَّلة من جميع أطياف الشعب المصري لعمل دستور يليق بمصر الثورة. وقال البرادعي في كلمة مسجلة له أمس للرئيس مرسي وجماعته: «اتقوا الله في مصر».

وأضاف البرادعي، وهو زعيم «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة التي رفضت دعوة الرئيس مرسي للحوار الوطني منذ أسبوعين: «هذا الدستور ليس له علاقة بالشريعة أو الدين، والكل يعلم الدين سواء مسلم أو مسيحي»، داعيا كل المصريين إلى التصويت بـ«لا»، معتبرا أن مشروع الدستور «مظهر من مظاهر الفشل لغياب الإدارة والتخبط في السياسات»، مؤكدا أن «الهدف ليس إزاحة رئيس الجمهورية ولكن العمل على أن تسير مصر إلى الأمام».

وأضاف البرادعي أن الدستور عقد واضح وصريح يضمن لكل فرد حقه وكرامته حتى لا يهان يوميا، مؤكدا أن ذلك لن يتم إلا بدستور متفق عليه، مشيرا إلى أن فرنسا أقرت دستورا سنة 1946 بأغلبية 53 في المائة ولم تستقر اقتصاديا أو اجتماعيا حتى أقرت دستورا في 58 بأغلبية 83 في المائة غيرت خلالها أكثر من 20 وزارة.

من جانبه، قال الدكتور أحمد دراج وكيل مؤسسي حزب الدستور إن الدستور الجديد إذا تمت الموافقة عليه لن يستمر أكثر من عدة أشهر وسنواصل النضال من أجل إسقاطه بكافة الطرق السلمية، مهددا برفض نتائج الاستفتاء على الدستور الجديد. وقال «لن يتم السكوت على الدستور إذا تم تمريره والموافقة عليه في المرحلة الثانية للاستفتاء المقرر إجراؤها السبت.. نصف الشعب رافض لهذا الدستور». وفي السياق ذاته، قال الفريق أحمد شفيق مؤسس الحركة الوطنية المصرية والمرشح السابق لانتخابات رئاسة الجمهورية: «أجدد مطالبتي لجماهير الناخبين المصريين بأن يواصلوا تمسكهم برفض الدستور المطروح للاستفتاء»، مضيفا في بيان له أمس: «إن رسالة (لا) التي وجهها المصريون خلال الأسبوع الماضي كانت مدوية رغم عمليات التزييف السافرة التي قامت بها الحكومة وحزب الحرية والعدالة». وأكد أن وجود الناخبين في حد ذاته هو نوع من الحماية للإرادة الشعبية وإعلاء لصوت تلك الإرادة حتى لو تم تزييفها.