اليمين اليهودي في أميركا يحاول إجهاض تعيين وزير للدفاع ينتقد إسرائيل

قال إن تشاك هيغل «لاسامي» ويعتبر الدولة العبرية عبئا على واشنطن

TT

يدير الجناح اليميني في اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، هذه الأيام، حملة تحريض منظمة ضد السيناتور الجمهوري السابق تشاك هيغل، منذ أن تسرب للصحافة أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ينوي تعيينه وزيرا للدفاع في حكومته المقبلة، خلفا للوزير ليؤون بانيتا، الذي أعلن رغبته في الاعتزال.

وقالت مصادر سياسية في إسرائيل إن مصدر هذه الحملة هو القلق الذي يسود أروقة الحكومة الإسرائيلية اليمينية، بقيادة بنيامين نتنياهو، جراء ما نشر عن تعيينات متوقعة في الإدارة الجديدة في واشنطن، خصوصا تعيين هيغل في الدفاع وتعيين السيناتور الديمقراطي جون كيري في وزارة الخارجية، خلفا للوزيرة المستقيلة، هيلاري كلينتون. فهي ترى أن هيغل معروف بمواقف حادة ضد السياسة الإسرائيلية بمجملها من عملية السلام والعلاقات في الشرق الأوسط، وأن كيري معاد لسياسة الاستيطان في الضفة الغربية والقدس المحتلين.

وأضافت هذه المصادر في حديث مع الموقع الإخباري الإسرائيلي «واللا»، أن تعيين هيغل كان بمثابة «نذير سوء لنتنياهو، وكذلك اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة (أيباك) التي تضم غالبية التنظيمات اليهودية في الولايات المتحدة»، وأن «اللوبي اليهودي يعارض بشدة هذا التعيين بسبب ما ينسب إليه من تصريحات معادية لإسرائيل، وبسبب موقفه الثابت بضرورة فتح حوار بين الولايات المتحدة ودول محور الشر، بدءا من إيران وحتى سوريا ومن كوريا الشمالية وحتى كوبا، وهو يعارض حتى اتخاذ إجراءات عقابية ضد هذه الدول».

ولم تستبعد هذه المصادر أن يؤدي تعيين هيغل إلى تفاقم الخلافات بين إسرائيل والإدارة الأميركية حول الموضوع الإيراني. ونقلت على لسان رئيس الائتلاف اليهودي في الحزب الجمهوري، مات بروكس، قوله: «تعيينه سيكون بمثابة صفعة لوجه كل أميركي حريص على أمن إسرائيل». وأخذت على هيغل أنه «كان قد تباهى بأنه مستقل تماما عن ضغوط وتأثيرات اللوبي اليهودي في أميركا. وقال في مقابلة مع ديفيد ميلر، نشرت في كتابه حول الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، إن «اللوبي اليهودي يخيف كثيرا من السياسيين، ولكنني أعتبر نفسي سيناتور أميركيا وليس إسرائيليا، لذلك فأنا لا أخافهم»، وهو الأمر الذي جعل مجموعات يهودية ترى فيه «لاساميا» ومعاديا لإسرائيل.

وهيغل هو من القادة المعتدلين في الحزب الجمهوري. وكان اختياره كأحد أقوى المرشحين لمنصب وزير الدفاع بمثابة محاولة من أوباما لتحسين العلاقات مع هذا الحزب، حتى يخفف من معارضته لسياسة أوباما في القضايا الاقتصادية. وهو يرى أن الولايات المتحدة، بوصفها الدولة العظمى والأمة العظمى في العالم، يجب أن تتصرف كأخ كبير إزاء دول العالم، حتى لا تتسبب في حصول صدامات كارثية. ومنذ سنة 2001 وهو يعارض فرض عقوبات على إيران وقبلها على ليبيا في زمن معمر القذافي. وعارض عزل كوريا الشمالية قائلا: «إن هذا سيعزز لديها النزعة العدائية والشعور بالحاجة إلى مفاجأة العالم بضربات غير متوقعة». وعارض أيضا الاحتلال الأميركي للعراق في حينه.

وكان الكاتب الصحافي، دانا ميلبانك، قد كتب في صحيفة «واشنطن بوست»، أول من أمس، أن «القول عن هيغل إنه معادٍ للسامية ولإسرائيل هو كلام سخيف. فالرجل متحيز لأميركا وما قاله عن اللوبي اليهودي يقوله عن اللوبي اليوناني واللوبي البرتغالي في أميركا. إنه يريد تقليص ميزانية وزارة الدفاع، حتى يواجه الأزمة الاقتصادية بنجاعة». لكن الكاتب اليميني بيل كريستول، محرر مجلة «ويكلي ستاندارد»، يرد بالقول إن «هناك رصيدا غنيا يدل على أن هيغل معادٍ لإسرائيل ويتخذ مواقف مهادنة لإيران. فهو كان بين المعارضين ليس فقط لضرب إيران عسكريا ولفرض عقوبات عليها، بل عارض حتى اعتبار تنظيم الحرس الثوري الإيراني تنظيم إرهاب. وفي سنة 2008، وجه رسالة إلى الرئيس أوباما يقترح عليه فيها أن يفتح حوارا مع حركة حماس ومع نظام بشار الأسد في سوريا».

وفي موقع «نعناع» التابع للقناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي، نشرت أمس تصريحات لمدير «العصبة اليهودية لمكافحة الإهانات»، ايب فوكسمان، قال فيها إن تعيين هيغل سوف يقلق جدا الآلية اليهودية في الولايات المتحدة.

وأضاف: «عزائي أن أوباما لم يتخذ قرارا نهائيا بهذا التعيين بعد، وأنا لا أستبعد أن يعين شخصا آخر، وربما امرأة في منصب وزير الدفاع للولايات المتحدة».