بوتفليقة يحقق لنفسه الدعاية لـ«الولاية الرابعة» من خلال زيارة الرئيس الفرنسي

لم يتفوه بكلمة واحدة ومع ذلك كان «نجم» الزيارة

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند في جامعة تلمسان في العاصمة الجزائرية (أ.ب)
TT

حقق الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مكسبين في آن واحد، من زيارة الدولة التي أداها للجزائر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند للجزائر الأربعاء والخميس الماضيين: الأول يتمثل في طي صفحة التوتر التي عانت منها العلاقات الثنائية، بسبب «آلام الذاكرة» المرتبطة بالاستعمار. أما الثاني وهو الأهم، فيتعلق بقياس مدى تجاوب الجزائريين مع رغبة مفترضة لديه في الترشح لولاية رابعة.

وكثف الرئيس الفرنسي من التصريحات أثناء وجوده بالجزائر، إذ نظم مؤتمرين صحافيين، وألقى خطابين (أمام البرلمان وفي جامعة تلمسان بالغرب)، وأجرى مقابلة تلفزيونية مع قناة فرنسية، وأعطى حوارين مكتوبين لصحيفتين محليتين، والتقى رجال الأعمال من البلدين لبحث ملف الشراكة الاقتصادية. بالمقابل لم يتفوه نظيره بوتفليقة بكلمة واحدة خلال كل أطوار الزيارة، فعلى خلاف ما هو معمول به عالميا لم يعقد بوتفليقة مؤتمرا صحافيا بالاشتراك مع ضيفه، ولم يصرح لأي وسيلة إعلامية بخصوص ما جرى مع هولاند من مباحثات، ولم يعط موقفا من قضايا كبيرة جمعه حديث حولها مع ضيفه، منها الأوضاع المتفجرة في مالي وسوريا.

لكن في المقابل، كان الرئيس بوتفليقة نجم «الزيارة الهولاندية» من دون منازع، بحسب مراقبين. والدليل أنه في المرتين اللتين نزل فيهما مع ضيفه الفرنسي إلى الشارع، كان الآلاف يهتفون بحياته ويناشدونه الترشح لفترة رئاسية رابعة بمناسبة الانتخابات المرتقبة في ربيع 2014: المرة الأولى كانت الأربعاء بالعاصمة، حيث اصطف تلاميذ المدارس، الذين منحتهم وزارة التربية عطلة بمناسبة الزيارة، بالشوارع رفقة العمال والموظفين الذين حصلوا هم أيضا على ترخيص بالخروج وقت مرور موكب الرئيسين لاستقبالهما. وكانت المرة الثانية بتلمسان (500 كلم غرب العاصمة)، حيث نظمت السلطات الديكور نفسه؛ إذ وقف الآلاف في شوارع المدينة منذ الصباح الباكر (هولاند وصل إلى المدينة في حدود الرابعة بعد الظهر) ينتظرون قدوم الرئيسين، رافعين صور بوتفليقة ولافتات كتب عليها «بوتفليقة رئيسنا» و«نريد عهدة (ولاية) رابعة». يشار إلى أن تلمسان هي المنطقة التي يتحدر منها بوتفليقة، وطلب هولاند زيارتها لهذا الغرض.

وتفيد مصادر قريبة من الجهات الرسمية التي نظمت الزيارة، لـ«الشرق الأوسط»، بأن مديري الشركات والمؤسسات التعليمية تلقوا أوامر بإخراج التلاميذ والعمال إلى الشوارع بالعاصمة وتلمسان، للترحيب ببوتفليقة وإظهار رغبتهم في الاستمرار في الحكم. وقالت المصادر بأن السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير مستشاريه وقف بنفسه على ترتيبات «مناشدة الرئيس الترشح لولاية رابعة». وظهر بوتفليقة مبتهجا وهو يسمع الهتافات تطلب منه تمديد حكمه إلى 2019، بمعنى أن يبقى في الرئاسة 20 سنة، وحينها سيبلغ عمر الرئيس 81 سنة.

ويرجح مراقبون أن يستعين بوتفليقة بـ«التأييد الشعبي» له من خلال زيارة هولاند، لتأكيد رغبته في الترشح عام 2014. ويعتبر خروجه إلى الشارع بالعاصمة وتلمسان، رسالة منه على أنه يملك اللياقة البدنية التي تتيح له الاستمرار. وهو في الوقت نفسه رد على تعليقات صحف ومعارضين، مفادها أن مرض الرئيس وسنه المتقدمة يمنعانه من البقاء في الرئاسة.

وصرح بوتفليقة في خطاب في مايو (أيار) الماضي، بما يفهم منه أنه ينوي عدم الترشح مجددا؛ فقد قال عن جيله الذي حكم البلاد مدة 50 سنة «طاب جناننا». وتعني هذه الكلمة بالعامية الجزائرية: «هرمت ولم أعد أقوى على الاستمرار». وتعني أيضا أن صاحبها يعلن الاعتزال، لكن في الأسابيع الماضية لوحظ نشاط لافت لما يعرف بـ«لجان مساندة برنامج الرئيس»، التي تؤدي في الغالب دور آلة دعائية لفائدة بوتفليقة وتتحرك بإيعاز من شقيق الرئيس.