أوباما يعين كيري وزيرا للخارجية.. بعد عدول رايس عن المنصب

سيناتور ماساتشوستس صاحب خبرة طويلة وبات أول أبيض يرأس الدبلوماسية الأميركية منذ 16 عاما

كيري يتحدث عبر الهاتف في الكابيتول هيل أول من أمس (أ.ب)
TT

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما مساء أمس تعيين السيناتور جون كيري وزيرا للخارجية خلفا لهيلاري كلينتون، وكان قرار أوباما هذا متوقعا منذ أن أعلنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سوزان رايس الأسبوع الماضي عدولها عن الرغبة في تولي هذا المنصب.

وكيري الذي لم يحالفه الحظ في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2004 أمام جورج بوش، والبطل الحاصل على وسام في حرب فيتنام قبل أن يصبح مناضلا ضد الحروب، هو سيناتور ماساتشوستس (شمال شرقي) منذ عام 1985، وقد بلغ مؤخرا التاسعة والستين من العمر.

وبحكم ترؤسه منذ أربع سنوات للجنة الشؤون الخارجية المهمة في مجلس الشيوخ خلفا لنائب الرئيس الحالي جو بايدن، يملك كيري بالفعل دراية واسعة بالملفات الدبلوماسية وكان مبعوثا لأوباما في ملفات حساسة، وخاصة في باكستان.

وتعرضت رايس، المقربة من أوباما، لانتقادات حادة من نواب جمهوريين بسبب تصريحاتها بعد اعتداء بنغازي الذي قتل خلاله أربعة أميركيين بينهم السفير الأميركي لدى ليبيا كريستوفر ستيفنز في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي.. فقد أكدت في 16 سبتمبر لشبكات تلفزيونية أن الهجوم «ليس بالضرورة اعتداء إرهابيا»، وإنما نجم على الأرجح عن «مظاهرة عفوية تطورت». وعلى الأثر اعترفت الإدارة بأن الهجوم كان عملا مخططا. واشتبه أعضاء في الكونغرس في أن رايس والبيت الأبيض تعمدا تضليل الأميركيين بشأن الطابع الإرهابي لهذا الهجوم لعدم التأثير على صورة أوباما قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي التي فاز بها في نهاية المطاف. ومن هؤلاء المشرعين البارزين السيناتور جون ماكين والسيناتورة ليندسي غراهام ذوا النفوذ الواسع والقادران على عرقلة تعيين رايس وزيرة للخارجية. ويخضع تعيين شاغلي المناصب الحكومية الأميركية لموافقة مجلس الشيوخ حيث يملك الديمقراطيون أغلبية بسيطة وليس أغلبية موصوفة لازمة لمنع أي عرقلة محتملة من المعارضة. ومن هذا المنطلق فإن كيري بخبرته الطويلة في الكابيتول ظل الأوفر حظا من رايس لخلافة هيلاري كلينتون، وهو يحظى بتأييد زملائه في الكونغرس لتولي المنصب.

ويحقق التعيين بالنسبة لكيري طموحا يعود إلى سنوات سابقة، فكان يأمل في الحصول على المنصب عندما انتخب أوباما للمرة الأولى في عام 2008، حيث قاد حينذاك الجهود للتصديق على معاهدة الحد من السلاح وأجرى سلسلة من المهمات الهادئة نيابة عن الرئيس وتحديدا أثناء الأزمة مع أفغانستان وباكستان. وأيضا سيصير أول وزير خارجية رجلا أبيض منذ 16 سنة. ويبين سجل كيري تركيزا واضحا على السياسة الخارجية، وربما هو أكثر عضو في مجلس الشيوخ تخصصا فيها. ويشبهه في جانب الجمهوريين السيناتور رتشارد لوغار، الذي كان لسنوات أيضا رئيسا للجنة العلاقات الخارجية. وإذ اشتهر لوغار بالاعتدال وسط الجمهوريين، فإن كيري اشتهر أيضا بالاعتدال وسط الديمقراطيين، خاصة في قضايا منطقة الشرق الأوسط، والحرب ضد الإرهاب، وتأييد إسرائيل، ومعاداة إيران.

ولد كيري في إيرورا بولاية كولورادو، في عام 1943، بينما كان والده ريتشارد كيري، تطوع في السلاح الجوي الأميركي أثناء الحرب العالمية الثانية. وبعد مولد الطفل، عادت العائلة إلى مسقط رأسها في ولاية ماساتشوستس. وفي الولاية، درس المراحل الأولية، ثم ذهب إلى جامعة ييل بولاية كونيتيكت، حيث درس العلوم السياسية وتخرج في عام 1966. وخدم في البحرية الأميركية من عام 1966 إلى 1970 خلال حرب فيتنام. عمل مساعدا للمدعي العام لمقاطعة مديل سيكي بولاية ماساتشوستس من 1977 إلى 1979 ثم محاميا من 1979 إلى 1982.

خاض كيري انتخابات مجلس النواب عام 1972 ولكنه لم يفز فيها، وانتخب بعد ذلك حاكما لماساتشوستس عام 1983 وانتخب في مجلس الشيوخ لأول مرة عام 1984 وأعيد انتخابه عامي 1990 و1996 وعمل من خلال منصبه على إصلاح التعليم العام والاهتمام بقضايا الأطفال وتعزيز الاقتصاد وتشجيع نمو اقتصاد التقنية المتقدمة وحماية البيئة وتقدم السياسة الخارجية الأميركية حول العالم.

في عام 2004 مع بداية حملة الانتخابات الرئاسية، رشح الحزب الديمقراطي كيري منافسا للرئيس جورج بوش الابن. وفاز بوش بالرئاسة الثانية، بعد حملة دعائية قوية ضد كيري اتهمته بما يشبه «الخيانة» عندما كان يحارب في فيتنام، لأنه عارض الحرب، ولأنه، كما قالت الحملة، لا يستحق الأوسمة التي حصل عليها خلال قيادته للزورق «سويفت» على نهر الميكونغ.

وعاد كيري إلى الكونغرس. وفي عام 2008، بعد أن فاز أوباما بالرئاسة، مرة أخرى ظهر اسم كيري من المرشحين لوزارة الخارجية. وهذه المرة فضل أوباما هيلاري كلينتون، التي كانت نافسته بالترشح باسم الحزب الديمقراطي. وتعمد أوباما اختيارها بسبب توتر في العلاقات بينهما، وبسبب شبه انشقاق داخل الحزب الديمقراطي بين أنصار أوباما وأنصار كلينتون. كما أن زوجها، بيل كلينتون، بعد تردد (أيضا، بسبب التوتر الشخصي بين زوجته وأوباما) تحمس لتكون زوجته وزيرة للخارجية. واستمر كيري رئيسا للجنة العلاقات الخارجية، حتى جاءت الفرصة الحالية، بعد فوز أوباما بالرئاسة الثانية، وبعد أن أعلنت هيلاري كلينتون أنها لا تريد الاستمرار في المنصب.