تونس تفكك مجموعة تابعة لـ «القاعدة» خططت لأعمال تخريبية

محامي: «إف بي آي» يسأل متهما تونسيا عن «أبو عياض» ويرفض توقيع محضر التحقيق.. وقاض تونسي يعتبر ذلك «إهانة» للقضاء التونسي

وزير الداخلية التونسي خلال المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه عن تفكيك خلية تابعة لتنظيم القاعدة (أ.ف.ب)
TT

كشف علي العريض وزير الداخلية التونسي مساء أول من أمس أن المسلحين الذين قتلوا في العاشر من الشهر الحالي دركيا تونسيا بولاية القصرين (وسط غرب) قرب الحدود مع الجزائر، ينتمون إلى تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» وأنهم خططوا لتنفيذ أعمال تخريبية في تونس.

وقال العريض، وهو قيادي في حركة النهضة الإسلامية الحاكمة، في مؤتمر صحافي: «هي مجموعة إرهابية في طور التكوين أطلقت على نفسها اسم (كتيبة عقبة بن نافع) وهي تابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، تتمركز في جبال ولاية القصرين وأغلب عناصرها من تلك الجهة ويشرف على تدريبها ثلاثة جزائريين لهم علاقة مع أمير القاعدة في المغرب الإسلامي عبد المصعب عبد الودود».

وأضاف: «من أهدافها تكوين معسكر داخل تونس على الحدود وتركيز تنظيم (تابع للقاعدة) في تونس الغاية منه القيام بأعمال تخريبية تحت عنوان الجهاد أو إحياء الجهاد وفرض الشريعة الإسلامية كما يفهمونها هم طبعا».

وأوضح أن «المجموعة الإرهابية» كانت تنوي أساسا استهداف «المؤسسات الأمنية» في تونس. وتابع: «هدفها متعدد هو استقطاب عناصر شبابية متبنية للفكر المتشدد لتدريبها عقائديا وعسكريا (..) وإرسالها للتدرب في معسكرات تابعة للقاعدة في ليبيا والجزائر». ومضى يقول: «معسكر المجموعة الذي اكتشفناه (بولاية القصرين) هو للرسكلة (إعادة التأهيل) والتكوين في التدريبات النظرية أو التطبيقية التي لا تثير ضجيجا مثل تفكيك السلاح وصنع متفجرات أو شفرات، و(التأهيل) في الجانب العقائدي أو (التدريب على) كيفية الاختفاء. أما التدريب العسكري الحقيقي فيتم في الخارج بليبيا والجزائر». حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أن الأمن التونسي اعتقل ثمانية من عناصر هذه المجموعة وأنه يحاصر حاليا بقية أفرادها الذين لم يحدد عددهم في جبل الشعانبي بولاية القصرين، وهو أعلى جبل في تونس.

وقال إن من بين الموقوفين «عناصر كانت تمد المجموعة بالتموين أو عناصر الاتصال أو ما شابه ذلك». وأوضح أن بعض المعتقلين شوهدوا في مظاهرات واحتجاجات ومخيمات دعوية نظمها «أنصار الشريعة» التنظيم السلفي الجهادي الأكثر تشددا في تونس، «لكن ليس لدينا دليل على وجود علاقة تنظيمية بين هذه المجموعة التي هي بصدد التشكل وأنصار الشريعة».

وتنظيم «أنصار الشريعة» متهم بالمشاركة في مهاجمة السفارة الأميركية بتونس يوم 14 سبتمبر (أيلول) 2012 خلال احتجاجات على عرض فيلم أميركي مسيء للإسلام.

وأفاد علي العريض أن الشرطة ضبطت لدى المعتقلين مادة «تي إن تي» التي تستعمل في صنع المتفجرات ومسدسا وكميات من الذخيرة وخرائط عسكرية ومناظير ورموزا مشفرة وبدلات عسكرية وأسلحة بيضاء وأوراقا وكتابات مختلفة». وقال إن أفراد المجموعة المتحصنين في جبل الشعانبي لديهم أسلحة «كلاشنكوف»، لا نعرف كم قطعة، وهذه الأسلحة مصدرها ليبيا والجزائر.

وفي 10 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، قتل مسلحون عنصرا بجهاز الحرس الوطني (الدرك) في قرية درناية بمعتمدية فريانة الجبلية من ولاية القصرين.

وفي اليوم التالي، عثرت الشرطة على بطاقة هوية جزائرية وشريحة هاتف محمول تونسي وبقايا أطعمة في معسكر أقامه المسلحون قرب قرية درناية. وأضاف وزير الداخلية: «ليس لدينا أدلة حتى الآن على وجود أماكن (معسكرات) أخرى كما ليس لنا اليقين بأنها غير موجودة».

وقال إن عناصر كتيبة «عقبة بن نافع» لها «علاقة عضوية» بمجموعتي «الروحية» و«بئر علي بن خليفة». قتل في أحداث بئر علي بن خليفة. وفي سياق متصل أعلن الوزير اعتقال ثمانية «متشددين» دينيين (سلفيين) في ولاية جندوبة (شمال غرب) قال إنهم حاولوا مساعدة أربعة «إرهابيين» (ثلاثة ليبيين وتونسي) قدموا من ليبيا على الانتقال إلى الجزائر.

وأضاف أن عناصر من نفس هذه المجموعة يتحصنون حاليا بجبال معتمدية عين دراهم بولاية جندوبة، وأن قوات الأمن تحاصرهم وتريد القبض عليهم أحياء.

وفي الثامن من ديسمبر الحالي، اعتقلت الشرطة سلفيين في بلدة فرنانة بولاية جندوبة القريبة من الحدود الجزائرية وصادرت منهما أسلحة ومتفجرات ومخدرات وخرائط وأزياء عسكرية.

وأشار علي العريض إلى ارتباط مجموعة عين دراهم والقصرين لأن هناك عناصر ضالعة في المجموعتين.

وترتبط تونس والجزائر بحدود برية يقارب طولها ألف كيلومتر.

وفي سياق آخر، رفض أربعة محققين من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) توقيع محضر تحقيق أجروه أول من أمس في محكمة تونس الابتدائية مع التونسي علي الحرزي (26 عاما) المشتبه به في قضية مقتل السفير الأميركي في ليبيا، على ما أفاد وكالة الصحافة الفرنسية عضو في لجنة الدفاع عن المتهم.

وقال المحامي عبد الباسط بن مبارك: «شاهدنا كيف انسحب المحققون الأميركيون ورفضوا طلب القاضي التوقيع على محضر جلسة التحقيق مع علي الحرزي مثلما ينص عليه القانون» معتبرا ذلك «إهانة للقضاء التونسي».

وأضاف أن الحرزي أبلغ لجنة الدفاع أن المحققين الأميركيين تعاملوا معه بوصفه متهما وليس شاهدا في قضية مقتل السفير في ليبيا. وتابع: «إن المحققين سألوا الحرزي خلال جلسة التحقيق التي استمرت ثلاث ساعات عن (أبو عياض) زعيم (أنصار الشريعة)، التنظيم السلفي الجهادي الأكثر تشددا في تونس والمتهم بالضلوع في هجوم استهدف في 14 سبتمبر (أيلول) 2012 مقر السفارة الأميركية في تونس خلال احتجاجات على فيلم أنتج في الولايات المتحدة مسيء للإسلام». وفشلت الشرطة التونسية أكثر من مرة في اعتقال أبو عياض الفار. وبحسب وسائل إعلام تونسية، قاتل «أبو عياض» مع تنظيم القاعدة القوات الأميركية في أفغانستان، والتقى سنة 2000 في قندهار الزعيم الراحل للتنظيم أسامة بن لادن. واعتقل أبو عياض سنة 2003 في تركيا التي سلمته إلى السلطات التونسية التي قضت بسجنه لفترات وصلت إلى 68 عاما بموجب قانون «مكافحة الإرهاب».

وفي مارس (آذار) 2012 تم الإفراج عنه بموجب «عفو تشريعي عام» أصدرته السلطات بعد الإطاحة في 14 يناير (كانون الثاني) بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وقال المحامي إن «القاضي رفض السماح للمحامين التونسيين بحضور جلسة التحقيق رغم أن المحققين الأميركيين وافقوا على حضورنا». واعتبر أن «منع محامين تونسيين من حضور تحقيق يجريه أجانب مع تونسي سيبقى وصمة عار في تاريخ العدالة التونسية».