رئيس المؤتمر الوطني الليبي: لن نسمح لجماعة أو فرد بالوصاية على الشعب

الداخلية تعلن تسليم المتورطين في الهجوم على بنغازي للنائب العام في طرابلس

موظفون في دائرة المباحث يحاولون أمس انقاذ ما يمكن انقاذه من وثائق في أحد مكاتبهم الذي احترق مؤخرا (رويترز)
TT

في وقت كشف فيه عاشور شوايل وزير الداخلية الليبي عن اعتقال مجموعة من المتهمين متورطين في الهجوم الذي تعرض له مقر مديرية الأمن في مدينة بنغازي بشرق البلاد، وتسليمهم إلى النائب العام في العاصمة طرابلس خوفا على حياتهم، قال الدكتور محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني العام (البرلمان)، إن «ليبيا لن تسمح لأي فئة بأن تستأثر بالقرار نيابة عنها ورغما عنها»، داعيا إلى التمسك بقيم الحوار الجاد والتشاور والديمقراطية كأساس لبناء ليبيا الجديدة. وأعرب المقريف عن الأسف على أن تكون مدينة بنغازي منشغلة بتداعيات هذه الأحداث المؤلمة والمتواصلة بدلا من أن تكون منكبة على قضايا أكبر وأهم تتعلق ببناء الدولة والدستور وإقامة المشاريع الإنمائية والخدمية، وخاصة بعد أن خصصت لها الحكومة المؤقتة حصة من ميزانية الطوارئ.

من جانب آخر، عقد نائب رئيس الوزراء الليبي الدكتور عوض البرعصي اجتماعا مغلقا في بنغازي مع رئيس وأعضاء مجلسها المحلي ومندوبين عن وزارتي الداخلية والدفاع ونائب المفتي وعدد من القيادات واللجان الأمنية والثوار وممثلي مؤسسات المجتمع المدني وأعيان ووجهاء المدينة. وقالت مصادر حكومية، إن «الاجتماع دعا إلى ضرورة التحلي بضبط النفس من قبل الجميع وبالمسؤولية وعدم جر بنغازي للفوضى وإعطاء فرصة للتحقيقات أن تأخذ مجراها».

واحتشد المئات من أهالي مدينة بنغازي وممثلي مؤسسات المجتمع المدني مساء أمس بوسط المدينة، مطالبين بالإسراع بتفعيل الجيش والشرطة وسيادة القانون والعدالة واحترام حقوق الإنسان، ونددوا بالاغتيالات والتفجيرات والاعتداءات التي شهدتها المدينة مؤخرا.

من جانبه، برأ شوايل في كلمة متلفزة وجهها إلى الشعب الليبي مساء أمس كلا من القيادي الإخواني إسماعيل الصلابة بالإضافة إلى كتائب 17 فبراير وأنصار الشريعة والسحاتي، من التورط في هذه الأحداث، لافتا إلى أن ما يحدث يعكر الأمن والاستقرار في بنغازي مهد الانتفاضة الشعبية ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي العام الماضي. واعتبر أن هناك أطرافا وأسماء أخرى يترك أمر اتهامها للنيابة القضائية، وأن هناك من يستغل الظروف لإشاعة الفتنة، مشددا على أن الموقف حساس جدا ويجب أن تتولى التحقيقات سلطة قضائية.

وطبقا لما أعلنه وزير العدل الليبي صلاح المرغني، فإن الهجوم على مديرية أمن بنغازي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، ثلاثة منهم مواطنون والآخر جندي من كتيبة شهداء الزاوية بالجيش الليبي، بالإضافة إلى جرح عشرة آخرين.

من جهته، شدد الدكتور المقريف على أنه ليس من حق أي فرد أو جماعة أن تأخذ القانون بيدها، وأن تنصب نفسها قيمة ووصية على الشعب الليبي دون اختياره الحر، مشيرا إلى أن هذه الأفعال من شأنها أن تؤجل وتعرقل قيام مؤسسات الدولة.

ودعا المقريف إلى نشر ثقافة الاعتدال والوسطية في ليبيا الحرة ونبذ العنف وعدم الاحتكام إلى السلاح بين الإخوة تحت أي مبرر، قائلا في كلمة ألقاها أمس لدى افتتاح أعمال مؤتمر تحديات ما بعد الربيع العربي في العاصمة الليبية طرابلس، إننا «في حاجة إلى خطاب إسلامي يعي العصر ومتطلباته، وإلى فتاوى تسند إلى فقه الواقع المحلي وخصوصية البلد، وإلى سلوك وخطاب يدعو للمصالحة الوطنية المؤسسة على الإنصاف والعدل ويدعو للوحدة والبناء والتكاتف ويبتعد عن الإقصاء والتكفير ويدعو للتسامح ويرتفع لهموم الوطن ويبتعد عن الانتماءات والحزبية الضيقة».

واعتبر المقريف أن ليبيا تعيش مرحلة الانتقال من الثورة إلى الدولة وسط تحديات صعبة وكبيرة وفي مرحلة حساسة وعصيبة من تاريخ هذا البلد، لافتا إلى أن هناك سقف توقعات عاليا جدا ومستعجلا من الناس، وهناك شباب مفعم بالحيوية وبالإيمان يريد أن يحرق المراحل والزمن ويصل للدولة المنشودة بين ليلة وضحاها، موضحا أن هناك من يرفض الحوار ويرفض الانتخابات، وهناك من يعتقد أنه بمعزل عن العالم وعن التأثير الخارجي الإيجابي والسلبي، مضيفا أن «هناك للأسف الشديد من يحمل السلاح باسم الشريعة تارة وباسم الثورة تارة أخرى ويستبيح دماء الأبرياء وديارهم وأموالهم».

وقال المقريف إنه «رغم كل الظروف والملابسات، فإننا على يقين أن الشعب الليبي الذي فاجأ العالم كله بثورته ضد الظلم والطغيان، سيفاجئ العالم مرة أخرى وهو يقيم دولة الحق والعدل والمؤسسات».

في المقابل، أبدى الشيخ الصادق الغرياني رئيس المجلس الأعلى للإفتاء وجهة نظر متشددة حيال ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في ليبيا، وقال إنه «لا يكفي لتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية أن يكون لنا دستور جيد، فالقانون على من يتولى تطبيقه ولا تكفي صياغته»، مضيفا في كلمته بمؤتمر تحديات ما بعد الربيع العربي، أن «الشريعة الإسلامية لا تتعارض ألبتة مع التنمية والتطور وبناء الاقتصاد والأخذ بوسائل الإدارة الحديثة، إلا أن البعض يدخل في أذهان الناس أن هناك تعارضا».

في غضون ذلك، شهدت عدة مدن ليبية من بينها طرابلس ومصراتة وشحات والزاوية مظاهرات للمطالبة بالعزل السياسي لرموز النظام السابق. ويطالب المتظاهرون بعزل كل من تقلد مناصب وساهم في ترسيخ الاستبداد وإضفاء الشرعية على النظام السابق حتى اندلاع ثورة السابع عشر من فبراير عام 2011.