تصعيد متبادل بين القائمة العراقية وائتلاف دولة القانون.. وثلاثة سيناريوهات تنتظر العيساوي

قيادي في قائمة علاوي منعت حراسته من الدخول إلى بغداد لـ «الشرق الأوسط»: الصبر ينفد

صورة من موقع رئاسة الحكومة العراقية لرئيس الوزراء نوري المالكي وهو يتحدث في «المؤتمر التأسيسي الأول لتيار شباب العراق» في بغداد أمس
TT

دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي شركاءه السياسيين (في إشارة إلى القائمة العراقية) إلى ما اسماه عدم المراهنة «على الأجندة الخارجية» و«المشاركة في بناء العملية السياسية والبلاد». وأضاف المالكي في كلمة له في «المؤتمر التأسيس الأول لتيار شباب العراق» في بغداد أن «هناك البعض يحاول أن يبقى يلعب على الوتر الطائفي، وتنفيذ الأجندة الخارجية، مطالبا باحترام السلطة القضائية».

وقال المالكي في كلمته: «لنقف صفا واحدا في مواجهة هذه الفتنة التي يراد للعراق أن يعود إليها»، مضيفا: «لا تعودوا لإشعال الفتنة الطائفية من جديد». وتابع: «أنسيتم يوم كنا نجمع الجثث من الشوارع؟ أنسيتم يوم كنا نجمع الرؤوس المقطعة من الشوارع؟ أنسيتم يا دعاة الطائفية من الجانبين يوم اضطررتم إلى الهرب؟». وبينما طالب زعماء العشائر بمواجهة الفتنة «كمواجهتهم الإرهاب»، دعا رئيس الوزراء خصومه السياسيين إلى التنافس «لكن دون إثارة فتنة طائفية كي تكسب صوتا هنا أو صوتا هناك مغمسا بدم الأبرياء».

وفي اليوم الثاني للأزمة الجديدة بين القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي والمالكي على خلفية اعتقال عشرة من عناصر حراسة وزير المالية والقيادي في القائمة العراقية رافع العيساوي، أكد الأخير «على ضرورة أن لا تتعامل الكتل السياسية بلغة الفرض والإلغاء والتعطيل».

بدوره، عبر خالد الأسدي، النائب في البرلمان والقيادي البارز في ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، قد عبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن «الأسف من لغة التصعيد التي صدرت عن قيادات في القائمة العراقية بما في ذلك التحريض على العنف الطائفي وهو أمر في غاية الخطورة». وأضاف الأسدي أن «ما حصل لحمايات السيد رافع العيساوي أمر قضائي لا صلة لا للحكومة ولا للمالكي به»، مشيرا إلى أن «ائتلاف دولة القانون والتحالف الوطني (الشيعي) يؤيدان بالفعل إمكانية أن تتشكل لجنة من داخل البرلمان للإشراف على سير التحقيقات القضائية حتى تكون العملية شفافة ولكي تكون بمشاركة الجميع». وأشار إلى أن «سياسة كيل الاتهامات إلى الدولة والحكومة من قبل شخصيات هي جزء من هذه الدولة والحكومة أمر لا يستقيم مع المنطق وأن المطلوب التهدئة وترك المجال للقضاء لكي يقول رأيه».

من جانبه استبعد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية حامد المطلك في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «تتخذ القائمة العراقية الآن قرارات انفعالية مثل عدم المشاركة في اجتماعات مجلس النواب أو مجلس الوزراء لأن المطلوب الآن الانفتاح على جميع القوى السياسية». وأكد المطلك أن «الأزمة الحالية وإن كان عنوانها القائمة العراقية إلا أنها لا تخص العراقية فقط بل تخص العراق وبالتالي على الجميع المساهمة في إيجاد حل للمأزق الراهن خصوصا أننا لم يعد لنا هم سوى تكوين الأزمات».

وكان رئيس الكتلة العراقية بالبرلمان سلمان الجميلي أعلن أن نواب ووزراء العراقية خولوا قادة القائمة باتخاذ القرارات المصيرية بشأن العملية السياسية، مبينا أنه تم توجيه إنذار للحكومة لإطلاق سراح حماية وزير المالية رافع العيساوي.

إلى ذلك، وعلى ضوء ما أعلنه النائب عن ائتلاف دولة القانون، علي الشلاه، من أن 20 عائلة في محافظة الأنبار رفعت دعاوى ضد متهمين من حمايتي نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، اللاجئ إلى تركيا، والعيساوي وأن «الكثير من ضحايا هؤلاء المتهمين ينتمون إلى المكون السني»، قال سياسي مستقل من محافظة الأنبار لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الكشف عن اسمه أن «هذه العوائل كانت قد تقدمت فعلا بشكاوى، ولكن هذا الأمر ليس جديدا ويفترض أن يكون قد تم حسم هذا الملف من فترة». وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت هذه العوائل قد اتهمت العيساوي مباشرة قال: إن «المعلومات كانت تشير إلى أن بعضهم لجأ إلى اتهام العيساوي لكن قد تكون مثل هذه المسائل كيدية»، متسائلا: «لماذا اختار المالكي هذا التوقيت بالذات مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات في وقت هناك بحوزة المالكي قضايا أخرى ضد آخرين من المكون الشيعي وهو ما يجعل عملية الاستهداف الحالية وكأنها ضد المكون السني».

وأكد السياسي المستقل أن «هناك من أوحى للمالكي أن العيساوي وعددا من الشخصيات الكبيرة في المنطقة الغربية قد دخلوا في تحالف انتخابي كبير وأنهم يمكن أن يحصلوا على أغلبية قد تمكنهم في مرحلة لاحقة من إعلان إقليم الأنبار أو التهديد به كورقة ضغط فأراد أن (يتغدى بهم قبل أن يتعشوا به)». وأضاف: «في ضوء ما يحصل حاليا فإن أمام العيساوي ثلاثة سيناريوهات وهي إما أن يخرج مثلما حصل مع الهاشمي أو يرضخ لإملاءات المالكي أو قد يواجه السجن».

من جهته أكد عضو البرلمان العراقي عن العراقية مظهر الجنابي وينتمي إلى تحالف العيساوي الانتخابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» منعه من الدخول مع حراسه إلى داخل بغداد أمس. وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه أصدر «بيانا بالواقعة لكي يطلع الرأي العام كيف يتم التعامل مع نواب الشعب وأيضا لكي تعرف القوى السياسية طبيعة ما بات يخطط لمكون معين ونوابه ورموزه وقادته». وقال الجنابي في بيانه «استغربت أن يمنعوني من دخول بغداد إلا بعد استحصال موافقة مكتب القائد العام للقوات المسلحة ما اضطرني إلى ترك رتل حمايتي واستئجار سيارة أجرة للدخول إلى بغداد». واعتبر الجنابي أن منع دخول حمايات نواب «العراقية» التي تضم شخصيات سنية نافذة إلى بغداد إلا بأمر من مكتب القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي، «تكبيل للقائمة». وقال: «أنا من النواب الذين يعملون على التهدئة لكن هذا الإجراء سيزيد من التصعيد السياسي في البلد الذي يتحمل رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي أسبابه».

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط»، قال الجنابي: إن «الاستفزازات أصبحت لا تطاق والصبر ينفد على الرغم من كل ما نعمله من أجل تهدئة الأوضاع وإيجاد حلول للأزمات بطريقة عقلانية هادئة». وبشأن طبيعة الاتهامات الموجهة لحمايات العيساوي واحتمال أن توجه إليه لاحقا قال الجنابي: إن «كل شيء مفبرك ولا صحة له وإن ما قيل عن الاعترافات الآن ما أسهلها في العراق حيث تلفيق التهم وانتزاع الاعترافات بالقوة».

إلى ذلك، أكد مصدر بالتحالف الكردستاني لـ«الشرق الأوسط» أن بغداد تعيش منذ يومين حالة غير مسبوقة من تشديد الإجراءات الأمنية خصوصا على السيطرات المطلة على المناطق السنية، تحسبا من تدفق الموالين للقائمة العراقية أو السنة إلى بغداد والتظاهر فيها؛ حيث سبق لرئيس مؤتمر الصحوة العراقية أحمد أبو ريشة، أن هدد بانتفاضة ضد المالكي، محذرا إياه بأن مصيره سيكون مثل بشار الأسد.

من ناحية ثانية، وصل إلى أربيل في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي واجتمع مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وبحث معه حول تطورات الوضع السياسي على خلفية المواجهة الجديدة بين المالكي والقائمة العراقية وكيفية التعامل مع هذه الأزمة الجديدة في إطار الإجراءات الدستورية والاتفاقات السياسية.

وبسؤال مصدر قيادي كردي حول ما إذا كانت مسألة سحب الثقة ستعود إلى الواجهة بعد اقتناع السنة بعدم جدوى التعامل مع المالكي، أجاب المصدر مشترطا عدم ذكر اسمه، لا بد في المحصلة أن يكون هذا هو الخيار الأنسب، فقد أكد المالكي من خلال مواقفه الأخيرة بأنه لن يألو جهدا لإقصاء جميع المكونات والأطراف السياسية العراقية ليخلي الساحة أمام كتلته وطائفته، أو على الأقل أن يكون هو الحزب القائد، وطائفته هي الحاكمة في العراق، ولذلك لا بد من العودة إلى الخيارات المتاحة ومن أهمها خيار نزع الثقة، ولكني أعتقد أن هذه المسألة تواجه بدورها صعوبات كبيرة مما يعطي المالكي مزيدا من الوقت والمساحة للمناورة والاستمرار في اللعبة. وقال المصدر: نحن نستغرب محاولات المالكي جر العراق من أزمة إلى أزمة أو أزمات أخرى، فهو دخل معنا في أزمة كادت تؤدي إلى مواجهة عسكرية، وهي أزمة لم تنته بعد، بدليل أن نائب رئيس الوزراء العراقي حسين الشهرستاني صعد الموقف مجددا حول الصراع الدائر مع حكومة الإقليم بشأن دفع المستحقات المالية للشركات النفطية العاملة في كردستان، وقال بصريح العبارة بأنه لن يدفع دولارا واحدا لتلك الشركات، ما يعني تصاعد الأزمة النفطية مجددا مع إقليم كردستان، والمالكي لم ينته من أزمته معنا، حتى بادر اليوم إلى أزمة أخرى مع مكون آخر، ومع القائمة العراقية، ولا ندري مع من سيتعارك غدا. وختم المصدر تصريحه الخاص بـ«الشرق الأوسط» قائلا: إن «المالكي يمضي في سياسة لا تصب في صالحه ولا في صالح حزبه أو مكونه الطائفي، فهو يستعدي الجميع عليه، ولا أدري من الذي يدفعه إلى ذلك، وما هو هدفه من مواجهة الجميع، والسؤال الأهم هو، هل هو قادر على منازلة الجميع، وأن يعلن نفسه ديكتاتورا على العراق، هذا هو السؤال المنطقي الذي يجب على المالكي أن يجيب عليه».