طرح اسم هيغل للدفاع يرعب اليمين في أميركا

سيناتور سابق انتقد بقوة حرب العراق.. وخصومه يتهمونه بالتساهل مع إيران وعدم تأييد إسرائيل

تشاك هيغل
TT

قبيل سفره من واشنطن إلى مسقط رأسه في هاواي لقضاء عطلة عيد الميلاد، حسم الرئيس الأميركي باراك أوباما الإشاعات، وأعلن تعيين السيناتور جون كيري وزيرا للخارجية. وقالت مصادر إخبارية أميركية إن أوباما، بعد عودته، سيحسم إشاعات أخرى، ويعلن ترشيح السيناتور الجمهوري السابق تشاك هيغل وزيرا للدفاع.

وكان البيت الأبيض دافع، الأسبوع الماضي، عن هيغل بعد انتقادات من الجناح اليميني في الحزب الجمهوري، وانتقادات منظمات أميركية مؤيدة لإسرائيل، بأنه متساهل مع إيران، ويستعجل الانسحاب من أفغانستان، ولا يؤيد إسرائيل بشكل قوي.

ولد تشارلز هيغل في نبراسكا عام 1946. وترعرع وتعلم هناك (تخرج في جامعة نبراسكا)، وترشح وفاز في مناصب محلية. ثم في عام 1996 ترشح وفاز بعضوية مجلس الشيوخ عن الولاية نفسها. وفي عام 2002 ترشح وفاز مرة أخرى. لكنه في عام 2008 لم يترشح طواعية، وقال إنه يريد أن يتفرغ للعمل الأكاديمي.

ومثل كيري، حارب هيغل في فيتنام، لكنه عندما عاد من الحرب انتقدها، وطالب بالإسراع بسحب القوات الأميركية من هناك. ومثل كيري أيضا كان يريد الترشح لرئاسة البلاد. وبينما ترشح كيري وانهزم (أمام جورج بوش) عام 2004، أعلن هيغل ترشحه في انتخابات سنة 2008، باسم الحزب الجمهوري. لكن السيناتور جون ماكين تفوق عليه، وخاض السباق الكبير، أمام باراك أوباما.

وخلال سنواته الثلاث عشرة في مجلس الشيوخ، اشتهر هيغل بالاعتدال والاستقلالية والصراحة. وظهر هذا كثيرا خلال سنوات الرئيس بوش الابن. ورغم أن هيغل أيد حرب العراق في البداية، فإنه عارضها بشدة في وقت لاحق، وعارض خصوصا برنامج الرئيس بوش لإعادة إعمار العراق، وأعلن تخوفه من «تورط القوات الأميركية في حلقة مفرغة» إذا صارت مهمتها إعادة بناء العراق. وبعد شهرين من إعلان الرئيس بوش انتهاء العمليات العسكرية في العراق في مايو (أيار) 2003، قال هيغل إن القوات الأميركية «تتعرض لهجمات شبه يومية وتتكبد خسائر». وكان هيغل حينها قد عاد للتو من زيارة للعراق مع وفد من مجلس الشيوخ. وقال «مستحيل التكهن كم من الوقت ستبقى القوات الأميركية منتشرة هناك. يجب على الأميركيين أن يدركوا أن هذا سيمثل أيضا كلفة ضخمة على الموازنة». واستمر هيغل منتقدا لسياسة بوش، وبعد أربع سنوات من الغزو طالب بسحب القوات الأميركية «بأسرع فرصة عسكرية ممكنة». ودعا إلى عقد مؤتمر إقليمي لتحديد مصير العراق.

كذلك، انتقد هيغل الرئيس السابق بوش لعدم ضغطه على إسرائيل للانسحاب من لبنان بعد حرب عام 2006. ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار هناك. وتساءل «كيف يمكن الاقتناع بأن استمرار التدمير المنظم لبلد صديق للولايات المتحدة، مثل لبنان، يمكن أن يسهم في تحسين صورة أميركا وإعطاء ثقة ومصداقية للمفاوضات من أجل سلام دائم في الشرق الأوسط؟». وحذر من أنه «يتعين ألا تأتي مصلحة إسرائيل على حساب العلاقات مع العالم العربي والعام الإسلامي». وقال إن منطقة الشرق الأوسط «معرضة أكثر من أي وقت مضى للاشتعال»، ولهذا «يجب على إسرائيل والولايات المتحدة أن تفهما أنه ليس من مصلحتهما، على المدى الطويل، أن تكونا معزولتين في الشرق الأوسط، وفي العالم، أو أن تلعبا معا ضد العالم كله».

ورغم أنه لم ينتقد إسرائيل مباشرة، فإنه كرر مرات كثيرة أنه على الحكومة الأميركية التعاون مع إسرائيل للوصول إلى «حل شامل في المنطقة، وذلك بالإصغاء جيدا إلى مقترحات أصدقائنا وشركائنا في المنطقة»، ودعا خصوصا إلى «إقامة دولة فلسطينية». وكان هيغل من أوائل أعضاء الكونغرس المؤيدين لمبادرة السلام العربية التي انطلقت من قمة بيروت، سنة 2002، على ضوء مبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، ولي العهد في ذلك الوقت.

وفي ما بعد، اشترك هيغل في محاولات في واشنطن لدفع المبادرة إلى الإمام. واشترك في تقديم مشروع قرار يؤكد التزام مجلس الشيوخ بتحقيق «حل حقيقي وطويل الأمد للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، يستند إلى تأسيس دولتين، إسرائيلية وفلسطينية، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، ضمن حدود معترف بها». ورحب مشروع القرار بمبادرة السلام التي أقرتها الجامعة العربية. ودعا الزعماء الفلسطينيين والإسرائيليين إلى «تبني الجهود لإنجاز السلام والامتناع عن اتخاذ أي أعمال قد تضر بحصيلة مفاوضات الوضع النهائي». ودعا مشروع القرار الرئيس بوش الابن إلى «الأخذ بعين الاعتبار تعيين مبعوث خاص إلى الشرق الأوسط، سبق له أن كان في منصب حكومي، أو يتمتع بمعرفة واسعة بالشؤون الخارجية بشكل عام، ومنطقة الشرق الأوسط بشكل خاص». وشدد مشروع القرار على التزام مجلس الشيوخ بأمن إسرائيل، ودعا حركة حماس إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، والموافقة على الاتفاقات الموقعة سابقا بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

وفي عام 2008، أعلن هيغل أنه يريد أن يترشح باسم الحزب الجمهوري لرئاسة الولايات المتحدة (ضد أوباما). لكن، زادت أسهم زميله السيناتور ماكين على أسهمه. وفي البداية، أعلن هيغل أنه ليس مستعجلا لدعم ماكين، وذلك بسبب خلاف معه حول الحرب في العراق، رغم أن هيغل كان رئيس حملة ماكين الانتخابية عام 2000.

في ذلك الوقت، عندما سئل في مقابلة في تلفزيون «سي إن إن»، قال «عندما أدعم، أو أعمل لحساب شخص ما، أو عندما ألتزم لشخص ما، لا أريد أن أؤيد ذلك الشخص كل الوقت وفي كل موضوع». وأضاف «واضح للجميع أنني أختلف مع جون ماكين حول الحرب (حرب العراق)، وهذا ليس سرا». لكن، في ما بعد، أيد هيغل ترشيح ماكين ضد أوباما.