سيناريوهات ما بعد الاستفتاء على الدستور المصري

الموافقة تعني انتخاب برلمان.. والرفض يفتح الطريق لـ«تأسيسية» جديدة

TT

في وقت ينتظر فيه المصريون الإعلان رسميا عن نتائج الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد المثير للجدل خلال اليوميين المقبلين، يبقى المستقبل السياسي مفتوحا على احتمالات عدة في ظل الانقسام السياسي الحاد الذي تشهده البلاد حاليا. ووفق خارطة طريق أقرها الرئيس محمد مرسي قبل نحو أسبوعين، وقام بوضعها مؤتمر «الحوار الوطني» الذي غاب عنه ممثلو قوى المعارضة الرئيسية في جبهة الإنقاذ الوطني، يتعين على المصريين الذهاب إلى الانتخابات البرلمانية إذا ما جاءت نتائج الاستفتاء مؤيدة لمشروع الدستور الجديد، أو الذهاب إلى انتخاب جمعية تأسيسية جديدة عبر الاقتراع السري المباشر إذا جاءت نتيجة الاستفتاء برفض مشروع الدستور. وانتهت أمس الجولة الثانية من الاستفتاء على مشروع الدستور في 17 محافظة، فيما كانت الجولة الأولى قد انتهت السبت قبل الماضي في 10 محافظات. وأشارت النتائج الأولية إلى تقدم طفيف لمؤيدي الدستور بنسبة 56 في المائة، وسط شكوك حول مدى نزاهة عملية الاستفتاء، الذي قاطعه عدد كبير من القضاة احتجاجا على ما قالوا إنه تعد على استقلال القضاء، بسبب الإعلانات الدستورية التي أصدرها الرئيس مرسي خلال الشهر الماضي.

ويطالب المعارضون بعدم تمرير الدستور الجديد بالأغلبية البسيطة (50 + 1)، وهي النسبة المقررة قانونا لتمرير الاستفتاء. ويرى مراقبون أن الإشارات التي صدرت عن مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس، لا تشير إلى أنهم قد يتراجعون عن اعتماد الدستور الجديد بأغلبية بسيطة.

وأعلنت المعارضة الرئيسية في البلاد عزمها المضي في تصعيد احتجاجها حتى إسقاط الدستور «بالطرق السلمية»، وهو ما يزيد من الأعباء السياسية على الرئيس مرسي الذي يواجه وضعا اقتصاديا «صعبا للغاية» بحسب وصف مسؤولين في الدولة.

وكان نائب الرئيس قد أعلن عقب انتهاء الحوار الوطني الذي جرى قبل يومين من بدء اقتراع المصريين على الدستور الجديد، التزام الرئيس مرسي بطلب تعديل المواد محل خلاف في الدستور الجديد، لكن سياسيين شككوا في جدوى هذا الالتزام، إذ يتطلب تعديل مواد الدستور بموجب الدستور المستفتى عليه موافقة ثلثي أعضاء البرلمان قبل طرحه لاستفتاء جديد.

وقال المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي أحد أقطاب جبهة الإنقاذ الوطني إن المعارضة ستحترم نتائج الاستفتاء، مشيرا إلى أن جبهة الإنقاذ ستخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة على كامل مقاعد البرلمان. ويرى مراقبون أن الرئيس مرسي يراهن من خلال الاستفتاء على أن يستعيد شرعيته التي تضررت كثيرا خلال الشهر الماضي عقب سقوط قتلى في اشتباكات بين مؤيديه ومعارضين له خلال الشهر الحالي، لكن النتائج التي ظهرت حتى الآن لا تعطيه الاطمئنان الكافي لاتخاذ إجراءات اقتصادية صعبة، منها رفع الضرائب على الكثير من السلع الأساسية والخدمات. وكان مرسي قد نجح في الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو (حزيران) الماضي بفارق ضئيل عن منافسه الفريق أحمد شفيق.

وعلى الرغم من أن المؤشرات الأولية تظهر تفوق المؤيدين للدستور إلا أن الفارق الضئيل خيب آمال قيادات الإخوان المسلمين الذي أعربوا عن ثقتهم في تمرير الدستور بنسبة تتجاوز الـ70 في المائة.

ويرى مراقبون أن الرئيس مرسي قد يضطر إلى التراجع عن اعتماد الدستور الجديد إذا ما جاءت نتائج المرحلة الثانية من الاستفتاء مشابهة للمرحلة الأولى، معربين عن اعتقادهم أن مرسي قد يجد نفسه مجبرا على بدء حوار وطني حقيقي خلال المرحلة المقبلة لتفادي أزمات اقتصادية في انتظاره.

وسيكون على الرئيس مرسي الدعوة لانتخاب جمعية تأسيسية جديدة بالانتخاب المباشر، إذا جاءت نتيجة الاستفتاء برفض الدستور، على أن تنتهي الجمعية الجديدة من عملها في غضون ستة أشهر. ويرى مراقبون أن هذا الاحتمال بات مستبعدا أكثر فأكثر، خاصة في ظل الحشد الكبير الذي تقوم به تيارات الإسلام السياسي لإنقاذ شرعية مرسي.