سكان حلب «الثرية» يتضورون جوعا ويقضون جل أوقاتهم في طوابير الخبز

يعيشون أصعب أيام حياتهم وبعضهم لا يجد خيارا سوى التسول أو السرقة

سورية تشتري الخبز في حلب وخلفها طابور طويل من النساء ينتظرن دورهن لإطعام أسرهن وسط أزمة حادة في الغذاء والوقود
TT

في مدينة حلب السورية التي كانت يوما مدينة تجارية ثرية وقف رجل في الستين من عمره يرتدي ملابس ثقيلة مع أحفاده الذين يرتجفون من البرد في طابور لشراء الخبز، وهو تقليد يومي يستنفد معظم ساعات يومه دون أن يحقق منه مراده في الغالب.

ويقول علاء الدين حوت الذي يحمي نفسه من المطر في حي بستان القصر الخاضع لسيطرة المعارضين جنوب غربي حلب كبرى المدن السورية، إن نقص الغذاء والوقود يبث اليأس في نفوس أسرته والكثير من السكان الآخرين.

وقال حوت الذي يرتدي قبعة شتوية ووشاحا يحميه من البرد «إننا نتضور جوعا. يمكنني تحمل ذلك ولكن ماذا عن أولادي؟!.. أقف من الساعة الثالثة بعد الظهر وحتى الحادية عشرة مساء ولا أستطيع دائما الحصول على الخبز». وأضاف أنه «لم يعد أمامنا سوى التسول أو السرقة».

وبعد خمسة أشهر من قيام مقاتلي المعارضة بنقل معركتهم مع الرئيس السوري بشار الأسد إلى قلب حلب صارت مساحات شاسعة في شرق وجنوب المدينة عبارة عن مناطق مهجورة غير تابعة لأحد.

وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، فقد لجأ مقاتلو المعارضة إلى الاحتماء بالمستودعات لوقف الهجمات التي تشنها قوات الأسد في القتال. وغالبا ما يقف المئات في طوابير أمام المخابز القليلة التي حالفها الحظ في حلب للاستمرار في الإنتاج، آملين في الحصول على عدد قليل من أرغفة الخبز.

ولدى أبو عبده صهر حوت ثلاثة أطفال أصغرهم رضيع في الشهر الثاني من عمره يرتعد جسده الملفوف بالأغطية من شدة البرد.

وقال أبو عبده، وهو عامل بناء سابق، إن «هذه أصعب فترة مررت بها طوال حياتي. ليس هناك عمل أو صناعة أو كهرباء أو وقود.. فكيف سيعيش الناس؟!».. وأضاف قائلا «للناس الحق في المطالبة بحريتهم فهذا أقل مطلب وأنا أؤيد إسقاط النظام».

وقلت حدة المعارك التي اندلعت في الصيف حول حلب غير أن السوريين في هذه المدينة - التي انخفض عدد سكانها الذي بلغ وقت السلم 5.‏2 مليون نسمة بسبب هجرة مئات الآلاف منها - يواجهون الآن تحديات جديدة ناجمة عن برد الشتاء ونقص الإمدادات في وقت الحرب.

وهناك بعض المناطق تتعامل مع الوضع بصورة أفضل حيث يعرض فيها باعة الخضراوات والطماطم واليوسفي بينما تقدم محال بيع الفول أقراص الفلافل.. غير أن الكثير من السكان بلغوا من شدة الفقر ما لا يطيقون معه تحمل تكلفة شراء هذه السلع.

وقال رجل في حي الشعار إنه «لا يمكننا الحصول على أي خبز. هناك مجاعة. الناس يموتون ونصف المخابز مغلقة. لا يوجد دقيق».

وقال أحمد (42 عاما) وهو أب لستة أبناء، إنه يقف في الطابور من الساعة الثامنة صباحا. وأضاف قائلا «نحصل أحيانا على الخبز وأحيانا أخرى لا نحصل عليه. ليس هناك مياه ولا غاز ولا كهرباء. وتنفد إمدادات المياه كل يومين».

ورغم ذلك ليس كل سكان المدينة يحملون الأسد مسؤولية معاناتهم.. فقد جرت العادة أن تنقسم حلب بين تأييد الأسد ومعارضته وحتى في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضين عانى بعض السكان نقصا يوميا في الإمدادات ويلقون مسؤولية هذا النقص على معارضي الرئيس. وتقول أم صالح التي ترتدي النقاب ومعطفا صوفيا طويلا أسود اللون «لا نغادر منازلنا بعد الساعة السادسة مساء. لا نريد سوى عودة السلام».

وألقت أم صالح باللوم على مقاتلي الجيش السوري الحر بشأن استغلال طوابير الخبز للحصول على أرغفة الخبز لأسرهم. وقال زوجها أبو صالح إن هناك «أخطاء» ارتكبها مسؤولو الأسد، ولكنه أضاف أنه «لا يمكن معالجة الخطأ بالخطأ».