الأنبار تعلن «العصيان المدني» احتجاجا على اعتقال أفراد حماية العيساوي

متظاهرون يغلقون الطريق الدولي إلى سوريا والأردن.. ويطالبون بإسقاط حكومة المالكي

عراقيون يتظاهرون في محافظة الأنبار أمس مطالبين بإسقاط حكومة نوري المالكي احتجاجا على اعتقال أفراد حماية وزير المالية رافع العيساوي (أ.ب)
TT

قطع مئات من سكان محافظة الأنبار أمس الطريق الدولي الذي يربط العراق بالأردن وسوريا؛ احتجاجا على «نهج الحكومة الطائفية»، في إشارة إلى حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. وتجمع نحو ألفي شخص من شيوخ العشائر والعلماء وأعضاء في مجلس محافظة الأنبار ومواطنين على الطريق الرئيسي في الرمادي (100 كلم غرب بغداد) وقطعوه بالاتجاهين بعدما أقاموا صلاة جماعية فوقه قبل أن يحولوه إلى منبر للخطابات، بينما قامت قوات من الشرطة بمراقبة المتظاهرين من بعيد.

وقال عضو مجلس محافظة الأنبار ورئيس اللجنة الأمنية حكمت عيادة أمام المتظاهرين: «اجتمعنا اليوم ليس من أجل (وزير المالية رافع) العيساوي و(أفراد) حمايته، بل من أجل تغيير نهج الحكومة الطائفية وإسقاط حكومة المالكي». ويشير عيادة بذلك إلى قضية اعتقال بعض أفراد حماية العيساوي الشخصية السنية النافذة في القائمة «العراقية»، الخميس الماضي على خلفية قضايا تتعلق بالإرهاب، وهو ما تسبب بخروج مظاهرات معارضة للاعتقال في مدن أخرى خلال اليومين الماضيين.

وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، ألقى رئيس لجنة علماء الأنبار سامر العسافي أمام الحضور رسالة قال إنه تلقاها من عبد الملك السعدي رجل الدين البارز في محافظة الأنبار والمقيم في الخارج، وجاء فيها: «على الرموز الشيعية في الحكومة العراقية احترام الرموز السنية».

من جهته، نشر نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي المحكوم غيابيا بالإعدام والموجود في تركيا بيانا على موقعه أمس اعتبر فيه أن الأمور تفاقمت «منذ أن تجرأ نوري المالكي باستهدافي مدفوعا بأجندة طائفية خبيثة».

واعتبر الهاشمي المدان بقضايا قتل أن رئيس الوزراء بات ينظر إليه في العالمين العربي والإسلامي «باعتباره راعي المشروع الصفوي في العراق». وتابع: «المالكي أسير نفسية مريضة مهووسة بالسلطة ونزعة الاستبداد»، مبديا تأييده للمظاهرات المناهضة لرئيس الوزراء وتضامنه مع العيساوي، وداعيا إلى الضغط على البرلمان لسحب الثقة من المالكي. وكان المالكي الذي يحكم البلاد منذ 2006 دعا السبت إلى مواجهة فتنة طائفية جديدة «يراد للعراق أن يعود إليها». وعاش العراق بين 2006 و2008 نزاعا طائفيا داميا قتل فيه عشرات الآلاف.

إلى ذلك، دعت القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي جماهيرها إلى الاستمرار في التظاهر السلمي والحضاري وعدم اللجوء إلى العنف كوسيلة لاستحصال الحقوق، في وقت تم الإعلان فيه أن جهود التهدئة بين المالكي ووزير المالية يتولاها مدير جهاز المخابرات زهير الغرباوي وليس أي من الزعامات السياسية في البلاد. وأعلن رئيس كتلة العراقية في البرلمان سلمان الجميلي أن «العراقية تدعو جماهيرها المعتصمين والمتظاهرين في محافظات صلاح الدين والموصل والأنبار إلى الاستمرار في اعتصامهم لحين تلبية جميع مطالب القائمة»، داعيا إلى «احترام التظاهر السلمي الحضاري بعيدا عن استخدام العنف». وقال الجميلي في مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أمس الأحد إن «العراقية ستستمر في نهجها لحين تحقيق الأهداف التي وعدت بها جماهيرها، ولن ترضى بالنهج الطائفي والتصفية الطائفية التي يتعرض لها رموز العراقية، بدءا من استهداف محمد الدايني، ثم استهداف طارق الهاشمي، واليوم يأتي الدور في الاستهداف على وزير المالية رافع العيساوي». وأضاف: «لن نسكت ولن نقبل بهذا المنهج وسنبقى ندافع عن مكاسب جماهيرنا، وعدم السماح للنهج الطائفي بالاستمرار، ونرفض بشكل قاطع التهميش لجماهير القائمة واستهدافهم بشكل مباشر سواء في الاعتقالات أو التعذيب، ومن حالات الاغتصاب في السجون التي أصبحت أمورا لا يمكن القبول بها والسكوت عنها».

وكشف الجميلي أن «الأيام الماضية شهدت جهودا يقودها مدير جهاز المخابرات لحل هذه القضية، بينها اتصال من رئيس الوزراء نوري المالكي بوزير المالية رافع العيساوي». ودعا الجميلي «التحالف الوطني (الشيعي) وجماهيره والتحالف الكردستاني إلى التصدي لهذا المنهج القائم على تصفية الشركاء السياسيين»، لافتا إلى أن «من الضروري التصدي إلى تسييس القضاء وزجه في الصراعات السياسية في محاولة لتفريغ السلطة القضائية من محتواها».

من جهته أعلن عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية طلال الزوبعي أن «الحكومة ورغم الجهود المبذولة من قبل أطراف ومنها جهاز المخابرات لم تفِ بوعودها، بل لا تزال تماطل بما في ذلك نقل أفراد حماية العيساوي المعتقلين للتحقيق معهم من قبل جهاز المخابرات الوطني». وأضاف الزوبعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجهات الرسمية كانت قد وعدت بإطلاق سراح المعتقلين أو تحويلهم إلى جهاز المخابرات، ولكنْ لدينا شعور بأنها سوف تستمر في اتباع السياسة التي عودتنا عليها دائما». وردا على سؤال حول منح الحكومة مهلة زمنية لتحقيق وعودها في وقت تستمر فيه العراقية بالتصعيد من خلال المظاهرات، لا سيما في مدن الأنبار والفلوجة، قال الزوبعي إن «المظاهرات والاعتصامات التي يمكن أن تستمر هي ليست فقط لأجل رافع العيساوي، بل لوجود نهج إقصائي واضح ضد المكون السني»، معتبرا أن «هذا الأمر أصبح واضحا للعيان ويجري بأسلوب منهجي، وبالتالي فإن الأوضاع باتت لا تحتمل بالنسبة لنا، لا سيما أن الجميع يعرف أن الدولة العراقية الحديثة قامت على أكتاف هذا المكون». وأكد أن «ما يحصل في السجون من انتهاكات أمر لا يطاق، كما أننا نعتبر عمليات الاعتقال بمثابة اختطاف لأن المعتقل يجب أن يقدم للتحقيق ومن ثم المحاكمة، بينما هناك معتقلون لم يجرِ التحقيق معهم منذ سنوات».

وكان مجلس محافظة الأنبار أعلن عن بدء العصيان المدني الشعبي في مدن المحافظة الذي كان قد دعا إليه عدد من رجال الدين وشيوخ العشائر، وذلك طبقا لما أعلنه نائب رئيس مجلس المحافظة سعدون الشعلان.