الأزمة المالية الفلسطينية: لا حل في الأفق.. والموظفون يتوعدون

قرض بنكي مكن السلطة من دفع نصف راتب ولم ينه الإضرابات

فرقة رقص تؤدي الدبكة الشعبية الفلسطينية في ميدان المنجر بمناسبة أعياد الميلاد أمام شجرة ضخمة مزينة، وفي الخلفية تبدو كنيسة المهد في بيت لحم (إ.ب.أ)
TT

لم تنجح السلطة الفلسطينية في وقف موجة الإضرابات التي باتت تحاصرها منذ أيام، حتى بعدما دفعت نصف راتب عن شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أمس، وقرر الموظفون الاستمرار في إضراباتهم متوعدين بتصعيد أكبر.

وقال بسام زكارنة، رئيس نقابة الموظفين العموميين، إن برنامج الإضراب الذي يقوم على دوام 3 أيام في الأسبوع فقط، سيستمر.

وكان الإضراب شل أمس وزارات ومؤسسات للسلطة، وبعض المرافق الصحية بعد الساعة 11 صباحا، وتقرر أن يضرب الموظفون أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس بشكل كامل، حتى بعد أن صرفت وزارة المالية الفلسطينية «نصف راتب شهر (نوفمبر) تشرين الثاني، وذلك بحد أدنى يبلغ 1500 شيقل، وحد أقصى بلغ 4000 شيقل».

وقال المتحدث باسم وزارة المالية، رامي مهداوي، في بيان إنه «بهذه المعادلة يكون ما نسبته 22 في المائة من الموظفين تقاضوا الراتب بشكل كامل، و78 في المائة من الموظفين تقاضوا ما نسبته 50 في المائة إلى 90 في المائة من رواتبهم، وتعمل وزارة المالية بكل جهودها لتوفير الجزء المتبقي في أسرع وقت ممكن». غير أن ذلك لم يكن مقنعا للموظفين بأي حال.

وقال زكارنة إن «هذا يشكل ربع ما يستحقه الموظف، وهو راتب شهر 11 وشهر 12، ودون أن تعرف الحكومة موعد صرف النصف الآخر أو راتب الشهر الحالي».

وأضاف في بيان، أنه «في ظل ظروف الموظفين الصعبة، وعدم قدرة الموظف على توفير قوت أبنائه ولا حتى مواصلاته للوصول إلى عمله، وفي ظل عدم تعاون البنوك المحلية وفرضها خصومات على القروض، وإجراءات أخرى لا تساهم في التخفيف على الموظف وصموده، وفي ظل غياب رؤية أو خطة من الحكومة لمعالجة الأزمة، تقرر أن يبقى الدوام لهذا الأسبوع ضمن برنامج الصمود».

ووفق زكارنة، فإن كل ذلك موجه ضد «القرصنة التي تقوم بها إسرائيل لتركيع الشعب الفلسطيني»، داعيا الحكومة في الوقت نفسه، إلى تحمل مسؤوليتها لمعالجة الأزمة «من خلال صرف الرواتب كأولوية، ووقف تصرفها في ما توفر من مال لصالح بنود أقل أهمية».

وعلى الرغم من أن الأزمة المالية للسلطة مستمرة منذ عامين، لكنها بلغت ذروتها هذا الشهر، بعدما حجبت إسرائيل عوائد مالية شهرية تجمعها بدل ضرائب وجمارك على بضائع فلسطينية لصالح السلطة، في خطوة عقابية بعد ذهاب الفلسطينيين إلى الأمم المتحدة وحصولهم على اعتراف بالدولة المراقب، وفي ظل توقف وصول مساعدات أجنبية وعربية.

وهددت السلطة باللجوء لإجراءات قانونية، إذا ما استمرت إسرائيل في حجب أموالها التي تفوق 110 ملايين دولار شهريا.

وكانت إسرائيل حولت هذا المبلغ لشركة الكهرباء الإسرائيلية بدل ديون مستحقة على الفلسطينيين للشركة.

وأضرب هذا الأسبوع أكثر من 50 ألف موظف في الضفة على مدار أيام، وسيستمرون، على الأقل، حتى نهاية الأسبوع، ولم يشمل ذلك أفراد الأجهزة الأمنية.

ووصف رئيس الحكومة، سلام فياض، الأزمة هذا الشهر، بالأخطر والأصعب في تاريخ السلطة الفلسطينية، وتهدد وجودها. وقال مرارا إن حكومته لا تملك حتى صرف نصف راتب للموظفين، قبل أن يعلن جهاد الوزير محافظ سلطة النقد، أن سلطة النقد اتفقت مع الجهاز المصرفي، بالتنسيق مع وزارة المالية، على تقديم قرض إضافي بقيمة 100 مليون دولار لفترة مؤقتة، إلى حين ورود الأموال المقرر تحويلها من جامعة الدول العربية.

واستدانت الحكومة من البنوك قبل ذلك، وحتى الربع الأخير من هذا العام، ما قيمته مليار و200 مليون دولار. ويتوقع أن يبلغ العجز هذا العام أكثر من ذلك.

ووافقت البنوك على إقراض الحكومة هذه المرة، بضمان شبكة الأمان العربية، التي أقرت في الاجتماع الأخير للجنة المتابعة العربية، تنفيذا لقرار قمة بغداد رقم 551 بتاريخ 29 مارس (آذار) 2012، توفير شبكة أمان مالية بمبلغ 100 مليون دولار شهريا للسلطة، حسب القرار.

ومن المتوقع أن تصل الأموال العربية في أي وقت. غير أن فياض يقول إن المبلغ المراد تحويله غير كاف، وإن حكومته تحتاج إلى ما لا يقل عن 240 مليون دولار شهريا.

وتجبي السلطة من الضرائب نحو 50 مليونا شهريا، بينما تحتاج إلى 300 مليون للرواتب والالتزامات والنفقات الأخرى.

وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن ثمة آمالا بإنهاء الأزمة هذا الشهر، على الأقل، مع وصول أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى رام الله خلال أيام، إذ تتوقع أوساط رسمية وأخرى شعبية دعمه السلطة ماليا.

لكن السلطة نفت أمس أن تكون الزيارة المقررة نهاية الشهر الحالي مرتبطة بتقديم دعم مالي، وإنما لإبداء التضامن.