مجلس الجامعة العربية: الاستيطان جريمة حرب تتطلب الملاحقة القضائية

مؤتمر عربي في القاهرة يعتبر تكثيفه عقابا للفلسطينيين على حصولهم على «دولة غير عضو»

TT

دعا مؤتمر المشرفين على الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، والذي بدأ أعماله في القاهرة أمس، إلى ضرورة عدم إقحام اللاجئين الفلسطينيين في الصراع في سوريا. كما أكد المؤتمر ضرورة التصدي لقيام إسرائيل بتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية وغزة، معتبرا أن هذا يعد عقابا للفلسطينيين على حصولهم على صفة دولة غير عضو بالأمم المتحدة.

وكشف زكريا الأغا، رئيس دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين بمنظمة التحرير الفلسطينية، أن أكثر من 700 شهيد فلسطيني لقوا حفتهم في سوريا، مطالبا بتدخل الجامعة العربية لتوفير الحماية للاجئين الفلسطينيين في سوريا وعودتهم إلى مخيماتهم سالمين، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية طالبت المعارضة والسلطة السورية بعدم إقحام اللاجئين الفلسطينيين في النزاع.

وأشار الأغا إلى أن مئات اللاجئين الفلسطينيين نزحوا إلى لبنان، والأردن، والآلاف نزحوا إلى مناطق أكثر أمنا في سوريا، كما أن هناك آلاف اللاجئين الفلسطينيين في سوريا لا تستطيع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) توفير الدعم لهم لأنهم في مناطق غير آمنة. ودعا الأغا الدول العربية إلى توفير كل الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني، في معركته لتجسيد السيادة على الأراضي الفلسطينية، وإنهاء الاحتلال، مؤكدا أن إسرائيل تسابق الزمن في الاستيطان، بعد أن أدركت أن الظروف السياسية غير مهيأة لفرض تسوية سياسية تلائمها. وأضاف أن فلسطين تبحث طلب عقد اجتماع مع الدول الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، والتوجه إلى محكمة العدل الدولية بخصوص الاستيطان، والانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب، لافتا إلى أن «الأونروا» لجأت إلى تقليص مخصصاتها نتيجة تراجع الأموال التي تأتي لها، وزيادة الأعباء نتيجة الصراع في سوريا، ومقتل العديد من اللاجئين.

من جهتها، قالت علياء الأصيل، مديرة دائرة شؤون فلسطين بالجامعة العربية، إن القضية الفلسطينية شهدت تطورات متسارعة في الفترة الأخيرة، إذ استمرت إسرائيل في تنفيذ استراتيجيتها في «تهويد القدس»، وانتهاك المقدسات وتزييف تاريخها وطرد أهلها، مع تكثيف الاستيطان وإكمال جدار الفصل العنصري الذي قسم مع المستوطنات الضفة الغربية للحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية.

وأضافت أن هذه السلطة المحتلة لم تكتف بالحصار على غزة، بل واصلت عدوانها الذي بلغ ذروته في العدوان الأخير في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث أبادت عائلات بأكملها، ومنها عائلة الدلو، مشيرة إلى أن مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب كلف لجنة مبادرة السلام العربية بإعادة تقييم الموقف العربي إزاء عملية السلام المعطلة، خاصة الرباعية الدولية في ظل التعنت الإسرائيلي. واستدركت قائلة إنه رغم الظلال القاتمة فإن هناك نقطة مضيئة، بقبول الأمم المتحدة فلسطين دولة غير عضو، بعد أن حازت أغلبية ساحقة في الأمم المتحدة في نجاح تاريخي ودبلوماسي فلسطيني جاء تتويجا لنضال الشعب الفلسطيني، وهو ما يعطي مؤشرا قويا على أن وحدة الموقف العربي على الساحة الدولية قادرة على تحقيق انتصارات في وجه الاحتلال الإسرائيلي وإلزامه بالانسحاب.

من جانبها، قالت دينا هيكل، نائبة مدير إدارة فلسطين بوزارة الخارجية المصرية، رئيسة وفدها في الاجتماع، إن القاهرة تضع القضية الفلسطينية على رأس أولويات السياسة الخارجية المصرية، وبذلت العديد من الجهود وما زالت تبذل في هذا الشأن، رغم التحديات الداخلية في ظل عملية البناء الديمقراطي، مشيرا إلى تحركها في ملف المصالحة، حيث تم توقيع الاتفاق في مايو (أيار) 2011، والجهود مستمرة لإتمام الاتفاق وتنفيذه.

من جانبه، قال المهندس محمود العقرباوي، مدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية بوزارة الخارجية الأردنية، إن الملك عبد الله الثاني، عاهل الأردن، جدد خلال زيارته الأخيرة إلى رام الله وقوف الأردن إلى جانب الشعب الفلسطيني، وتأكيده أن قرار الأمم المتحدة منح فلسطين صفة دولة غير عضو هو قرار تاريخي سوف يشكل أرضية صلبة لاستعادة الحقوق الفلسطينية، مجددا دعم الأردن للأسرى والفلسطينيين وتأييد مؤتمر بغداد الذي قرر إنشاء صندوق عربي لدعم الأسرى وعائلاتهم.

إلى ذلك، حذر مجلس الجامعة العربية في ختام اجتماعه غير العادي برئاسة لبنان، أمس، المجتمع الدولي من مغبة المخاطر الجسيمة جراء استمرار السياسات الإسرائيلية العدوانية والتوسعية الهادفة إلى تغيير البيئة الجغرافية، والطبيعة الديموغرافية للأراضي الفلسطينية المحتلة. واعتبر المجلس هذه الإجراءات والممارسات بمثابة عدوان صارخ على الدولة الفلسطينية المحتلة، يرقى إلى جرائم الحرب ويتطلب متابعة سلطات الاحتلال قضائيا من قبل المؤسسات القانونية الدولية.

وأدان مجلس الجامعة العربية بشدة الحكومة الإسرائيلية لاستمرارها في احتلال فلسطين، وتماديها في سياسة فرض الأمر الواقع على الأراضي، بتكريس الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وتنكرها لحل الدولتين على خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967.

وأكد مجلس الجامعة على أن جميع الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب، وما تقوم به سلطات الاحتلال من تغييرات جغرافية وديموغرافية في الأراضي العربية المحتلة، يعد ملغى وباطلا، ويمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وللشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة.

وفي غضون ذلك، قال أحمد بن حلي، نائب الأمين العام للجامعة العربية، إن هناك موعدا مقترحا لزيارة وفد من وزراء الخارجية العرب برئاسة الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، إلى رام الله، ومقر المقاطعة، يوم 29 من الشهر الحالي، مشيرا إلى أن الأمانة العامة تجري، حاليا، مشاورات مع الدول العربية لتلقي ردودها النهائية حول مستوى مشاركتها في هذا الوفد الوزاري.

وقال السفير بن حلي في مؤتمر صحافي أمس، إن هناك اتصالات بين الأمين العام والقيادة الفلسطينية في هذا الشأن، موضحا أن الأمانة العامة وزعت هذا الاقتراح ليكون الموعد نهاية العام الحالي، معتبرا زيارة الوفد الوزاري العربي إلى الضفة ومقر المقاطعة تأتي تعبيرا عن التضامن العربي مع الشعب الفلسطيني وقيادته، وكذلك بمناسبة حصول فلسطين على صفة دولة «مراقب» غير عضو بالأمم المتحدة كإنجاز دبلوماسي.