الجزائر تحيي اتفاقا لوقف الأعمال الحربية شمال مالي

الجيش يجري تدريبات على حرب محتملة مع «القاعدة» في الصحراء

TT

حيا وزير الخارجية الجزائري الاتفاق بين حركة «تحرير أزواد» و«أنصار الدين» على وقف الأعمال الحربية، واعتبره «لبنة إضافية» في مسار التسوية السياسية للأزمة في شمال مالي. وقال مراد مدلسي في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية بعد استقباله الأمين العام للاتحاد من أجل المتوسط فتح الله سجلماسي، إن «الجزائر تعتبر التوقيع على هذا الاتفاق بمثابة ثمرة اجتهاد جماعي وخطوة مشجعة جدا على درب التسوية السياسية لهذه الأزمة». وأعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد وجماعة أنصار الدين الجمعة في الجزائر التزامهما وقف الأعمال الحربية والتفاوض مع السلطات المالية، ونددتا بقرار مجلس الأمن الدولي الذي يجيز تدخلا عسكريا دوليا لتحرير شمال مالي من الجماعات الإسلامية المسلحة التي تسيطر عليه منذ مارس (آذار) 2012. ودعا وزير الخارجية الجزائري إلى «ضرورة اتخاذ خطوات إضافية» لحل الأزمة في مالي، مذكرا في ذات السياق بالقرارات التي اتخذتها مؤخرا الأمم المتحدة لصالح تغليب الحل السياسي لأزمة مالي.

وتوافقت حركتا «تحرير أزواد» و«أنصار الدين» على «تنسيق مواقفهما وتحركهما في إطار أي مبادرة تهدف إلى السعي لحل سلمي ودائم مع السلطات الانتقالية المالية». وأكدت الحركتان في بيان مشترك نيتهما «توفير الأمن في المناطق التي تخضع لسيطرتهما عبر تشكيل قوات أمنية تتألف من عناصر الحركتين». وقال مندوب «أنصار الدين» محمد أغ أخاريب إنه «يعود الآن إلى الدولة الوسيطة (الجزائر) أن تحدد برنامجا للمفاوضات. إنها عملية التزمنا بها لتونا وعلينا أن نمضي قدما فيها»، موضحا أن حركته «ترفض التخلي عن الشريعة». واعتبر ممثل حركة «أزواد» باي دكمان أن هذه الشراكة تشكل «فرصة لمالي (...) لإيجاد طريق للحوار». وقال المتحدث باسم الخارجية الجزائرية عمار بلاني لوكالة الأنباء الجزائرية إن الجزائر ستواصل «جهودها من أجل المساعدة على توفير ظروف مفاوضات شاملة وذات مصداقية بين الماليين، وكذا مساعدتها الإنسانية ومساهمتها في تعزيز القدرات الوطنية لمالي».

إلى ذلك، شرع الجيش الجزائري في تنفيذ مجموعة من التمارين التعبوية والمناورات المحدودة، التي تحاكي عمليات قتال واسعة النطاق مع مجموعات مسلحة في الصحراء المفتوحة وفي مناطق صحراوية صخرية، تتعلق بمواجهة مفترضة مع الكتائب المسلحة التابعة للتنظيمات السلفية المتشددة، الموجودة في شمال مالي.

وكشفت صحيفة «الخبر» الجزائرية الصادرة أمس أن هيئة أركان الجيش نظمت مع قيادات القوات الجوية وقيادة الدرك تدريبات تشارك فيها قوات متخصصة في مكافحة الإرهاب تابعة للقوات الخاصة وقيادة القوات البرية وقيادة النواحي العسكرية الرابعة والسادسة والثالثة، وقيادة القوات الجوية وقيادة الدرك الوطني.

وذكرت الصحيفة نقلا عن مصدر عليم القول إن التدريبات التي بدأ التحضير لها جزئيا منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ستتواصل على مدى سنة كاملة، وإن التمارين القتالية التي نظمتها القيادة العسكرية تتضمن تدريب القوات على معارك واسعة النطاق في الصحراء مع مجموعات مسلحة كبيرة العدد، واستغلال وسائل الاتصال والتجسس الحديثة. وأشار المصدر إلى أن كثافة النيران التي تتعامل بها الكتائب الرئيسية لتنظيم القاعدة، وحركة التوحيد والجهاد التي حصلت على قذائف صاروخية نوعية من معسكرات الجيش المالي ومن الأسلحة المهربة من ليبيا، يفرض على الجيش الجزائري طريقة مختلفة في قتال هذه المجموعات، تكاد تتشابه مع حرب العصابات، لكنها تقترب مما يسمى في العلم العسكري الحرب الكلاسيكية. وكانت قيادة الجيش الجزائري قد بدأت منذ عام 2002 عمليات تدريب كبيرة للقوات الجوية والقوات الخاصة، على العمل في الصحراء، ثم توسعت التمارين العسكرية في إطار تدريبات مشتركة مع جيوش دول الساحل.

وفي سياق ذي صلة، أفادت الصحيفة الجزائرية على موقعها الإلكتروني أمس بأن الجيش الجزائري قتل شخصين وجرح ثالثا عن طريق الخطأ ليل الجمعة/ السبت في منطقة حرجية بولاية بجاية (250 كلم شرق الجزائر) في منطقة القبائل. وقالت الصحيفة استنادا إلى «مصدر موثوق» إن «أفراد الجيش كانوا يقومون بعملية تمشيط فتفاجأوا بمجموعة من الشباب في أحد المسالك الغابية، وطلبوا منهم التوقف ثلاث مرات، لكن الشباب فضلوا الفرار في وسط الظلام الدامس، مما دفع بأفراد الجيش إلى ملاحقتهم وإطلاق الرصاص عليهم، اعتقادا أنهم إرهابيون». وأضافت أن «اثنين من الشباب قتلا فورا وأصيب ثالث بجروح خطيرة وهو في مستشفى بجاية». وأكدت الصحيفة أن عدد الشباب الذين تعرضوا لإطلاق النار كان خمسة هرب اثنان منهم وكلهم يقطنون في مدينة درقينة غير البعيدة عن الغابة التي وقع فيها الحادث.

ولم يصدر الجيش الجزائري أي بيان لتأكيد الحادث وتوضيحه بعكس حوادث مشابهة في ثلاث مرات سابقة. وقد قتل عدد من الأشخاص عن طريق الخطأ على يد الجيش الجزائري في منطقة القبائل، تحت أثر الظن أنهم إرهابيون، وأعلن الجيش إحالة المتسببين في الحادث إلى المحكمة العسكرية.

ومنطقة القبائل المتميزة بجبالها وكثافة غاباتها، تعد أحد معاقل «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» بشمال الجزائر.