استأنف مدير قناة «التونسية» الخاصة أمس إضرابا عن الطعام في السجن احتجاجا على امتناع النيابة العامة عن إطلاق سراحه الأمر الذي يعرض حياته للموت. وقال راديو «موزاييك» أمس، إن مدير قناة «التونسية» سامي الفهري عاود الدخول من جديد في إضراب عن الطعام بعدما رفضت النيابة العامة إخلاء سبيله وتطبيق قرار محكمة التعقيب القاضي بالإفراج عنه. وكان الفهري قد بدأ إضرابا كاملا عن الطعام الثلاثاء الماضي وقام بتعليقه بعد يوم إثر زيارة عدد من نواب المجلس الوطني التأسيسي له، قبل أن يستأنف الإضراب مرة أخرى. وعمليا يمكن أن يؤدي هذا النوع من الإضراب عن الطعام دون توقف إلى هلاك صاحبه في مدة لا تقل عن ثمانية أيام. وطالبت وزارة العدل في وقت سابق الفهري بالتوقف عن الإضراب وقالت إنها ستوفر العناية الطبية اللازمة لتفادي أي مضاعفات صحية تهدد حياته. وسبق أن وجهت منظمات حقوقية انتقادات حادة للوزارة التي يرأسها نور الدين البحيري عن حركة النهضة الإسلامية إثر وفاة السجينين السلفيين محمد بختي وبشير القلي في منتصف شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والموقوفين على خلفية أحداث السفارة الأميركية. ونفذ بختي والقلي إضرابا عن الطعام لمدة فاقت خمسين يوما إلى أن لقيا حتفهما احتجاجا على عدم إطلاق سراحهما وتأخر محاكمتهما. وأودع سامي الفهري في السجن منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي بعد أن صدرت ضده مذكرة إيداع بالسجن إثر اتهامه بالتورط في قضايا مالية بالتلفزيون الرسمي التونسي.
وكان يفترض الإفراج عن الفهري في 29 نوفمبر الماضي بعد أن أصدرت محكمة التعقيب أعلى سلطة قضائية حكما لفائدته إلا أن النيابة العمومية أمرت إدارة سجن المرناقية بالعاصمة بعدم إخلاء سبيله. وأصدرت المحكمة لاحقا شرحا يؤكد وجوب الإفراج عن الفهري، لكن النيابة العمومية لم تمتثل بدعوى أن الإفراج أو الإيقاف لا يدخل ضمن صلاحيات محكمة التعقيب.
وصرح وزير العدل نور الدين البحيري لراديو «شمس إف إم» بأن جلسة قضائية ستبت في الثالث من يناير (كانون الثاني) المقبل في قضية سامي الفهري، مشيرا إلى أن النيابة العمومية لا تزال ترى أنه لا يمكن للفهري أن يكون في حالة سراح، بل مودعا على ذمة القضية. وأوضح البحيري أن الفهري متهم بالاستيلاء على المال العام واستغلال النفوذ وهو شريك للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وصهره بلحسن الطرابلسي والمستشار الإعلامي السابق لابن علي عبد الوهاب عبد الله وغيرهم من الذين ارتكبوا الجرائم في حق تونس وثرواتها وإعلامييها وصحافييها. وقال البحيري: «التونسيون يطالبون بتطبيق القانون على الجميع ودون حصانة بالنسبة لمرتكبي الجرائم، إذ لا أحد فوق القانون»، نافيا أن يكون سامي الفهري مسجونا من أجل آرائه أو نشاطه الإعلامي. وشكل عدد من الصحافيين والحقوقيين في تونس، من بينهم الإعلامي والناشط الحقوقي الطاهر بن حسين مدير قناة «الحوار» وأيضا الصحافي والمعارض السابق لنظام بن علي توفيق بن بريك لجنة دفاع عن سامي الفهري تطالب بإطلاق سراحه.
ومن المقرر أن تنظم اللجنة اليوم مسيرة باتجاه سجن المرناقية بالعاصمة للمطالبة بإطلاق سراح الفهري. ولا تعارض اللجنة محاسبة الفهري المتورط بقضايا فساد ضمن محاكمة، لكنها تطالب باحترام علوية قرارات محكمة التعقيب واستقلالية القضاء. ويقول منتقدون إن إجراءات المحاكمة تحركها دوافع سياسية بعد أن دأبت قناة «التونسية» على تمرير برامج ساخرة ضد السلطة ومن بينها برنامج «القلابس»، الذي يعتمد على أبطال من عرائس تجسد شخصيات من الائتلاف الحاكم. وسامي الفهري مدير قناة «التونسية» هو منتج ومالك لشركة «كاكتوس» للإنتاج وكان شريكا لصهر الرئيس المخلوع بلحسن الطرابلسي. وتخضع إدارة القناة حاليا لمتصرف قضائي بعد مصادرتها من قبل الدولة.