اللواء سيف اليزل لـ«الشرق الأوسط»: هيبة الدولة كسرت وتوجد جماعات سياسية تحمل السلاح

الخبير الأمني قال إن الجيش المصري محبط بسبب اتهامات مرشد الإخوان

اللواء سامح سيف اليزل الخبير الأمني والاستراتيجي في مصر («الشرق الأوسط»)
TT

قال اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الأمني والاستراتيجي في مصر «إن المرحلة التي تعيشها مصر الآن خرجت من عملية استحواذ السلاح بشكل فردي، وهذا موجود بشكل كبير في المجتمع، إلى وجود سلاح في أيدي جماعات منظمة، وهذه الجماعات ليست جماعات إرهابية؛ لكنها جماعات سياسية».

وبرهن سيف اليزل على كلامه بقوله لـ«الشرق الأوسط» أمس: «رأينا ما وقع أمام قصر الاتحادية الرئاسي في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من أن بعض القوى أنزلت أفرادا منتمين لها للاعتداء على المعتصمين أمام قصر الرئيس محمد مرسي بضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة)، وأسفرت عن أعمال قتل وإصابات بالمئات، ثم أعقبها وجود جماعة أخرى من أعضاء حملة الشيخ حازم أبو إسماعيل (حازمون)، حاصرت مدينة الإنتاج الإعلامي بضاحية السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، واعتدت على مقر حزب الوفد المعارض وتحاصر المحكمة الدستورية العليا حتى الآن.

وكشف سيف اليزل عن أن هناك أخبارا أن «جماعات دينية أخرى تشكل حاليا مع بعض القوى يطلق عليها قوى شبابية؛ لكنها ميليشيات». وقال إن «الوضع الآن خرج من حمل السلاح بشكل غير دفاعي لأفراد، إلى حمل السلاح بشكل جماعي لجماعات»، مفسرا ذلك بقوله: «هناك فرق بين حمل سلاح بشكل فردي لأفراد، عن حمل سلاح بشكل جماعي لجماعات سياسية أو جماعات موجودة على الساحة الداخلية»، واصفا ذلك بأنه يمثل مكمن الخطورة من الأوضاع الحالية التي تشهدها البلاد، مضيفا: «هذا كله يحدث في حالة استحلال هيمنة الدولة، كنا نقول إن هناك شرخا في هيبة الدولة؛ لكن الآن هناك من يستحل هيبة الدولة، وهيبة الدولة قد كسرت».

وحول وجود قلق داخل الجهات الأمنية والعسكرية في مصر من الأوضاع الحالية التي تحدث في مصر من أعمال عنف وتهديد بقتل في الشوارع بين أنصار الخصوم السياسيين، قال اللواء سيف اليزل: «ما نقوله هذا ليس خافيا على أحد، موجود في الشارع ويعلمه الجميع، وبالتالي المسألة واضحة المعالم ولا تحتاج إلى شرح». وعن تصوره لما تحتاجه مصر الآن، قال اللواء سامح سيف اليزل: «ما نريده هو أن تقوم الدولة بوضع هيبتها في أولويتها وإرجاع هذه الهيبة بشكل سريع وفوري، ووضع القانون في محله الطبيعي وليس في حالة استرخاء، كما هو موجود حاليا وتطبيق القانون على الجميع بشكل حازم».

وعن الطريقة التي يرى بها محاصرة المحكمة الدستورية العليا حتى الآن من قبل تيار الإسلام السياسي، قال إن «محاصرة المحكمة يدخل تحت إطار استحلال هيبة الدولة». وأضاف حول رؤيته للمشهد الحالي في مصر بقوله: «عندي قلق شديد من المشهد الحالي، وحالة القلق تزداد كلما زادت الأحداث السياسية سخونة، خاصة على مستوى الشارع».

وعما يتردد عن احتمال عودة الاستقرار بعد الانتهاء من المرحلة الثانية من الاستفتاء على الدستور، وتسليم السلطة التشريعية لمجلس الشورى، قال اللواء سيف اليزل: «الأوضاع في مصر لن تستقر إلى حين انتخاب برلمان جديد وتشكيل حكومة جديدة». وأضاف موضحا أن «هذا يتوقف أيضا على شكل البرلمان وتشكيل الحكومة»، لافتا إلى أن الأوضاع في مصر ستظل في قلق وتوتر حتى يوليو (تموز) من العام المقبل»، إلى حين انتخاب برلمان جديد.

ووافقت الجمعية التأسيسية التي أعدت أول دستور للبلاد عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011، على تضمين مشروع الدستور مادة انتقالية، بأن يتولى مجلس الشورى القائم بتشكيله الحالي سلطة التشريع كاملة حتى تمام انعقاد مجلس النواب الجديد فتنتقل إليه السلطة التشريعية كاملة مرة أخرى لحين انتخاب مجلس جديد للشورى خلال 6 أشهر من تاريخ انعقاد مجلس النواب.

وحول انتقاد الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، للجيش المصري في رسالته الأسبوعية الخميس الماضي، بقوله إن «جنود مصر طيعون لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة توعيهم، بعد أن تولى أمرهم قيادات فاسدة»، قال اللواء سيف اليزل معقبا على قول مرشد الإخوان: «منذ تولى المجلس العسكري إدارة البلاد عقب تنحي الرئيس السابق حسني مبارك عن الحكم في 11 فبراير (شباط) عام 2011، كانت هناك خطة ممنهجة للهجوم على القوات المسلحة، ثم انتقلت بعد ذلك مع استمرار الهجوم على القوات المسلحة إلى الهجوم على الشرطة المصرية والقضاء، وكان يقال في الفترة التي سبقت تاريخ الاستفتاء الدستوري الأول في مارس (آذار) عام 2011، إن المجلس العسكري يعمل في السياسة وبالتالي ليس بعيدا عن النقد، ويجب أن ينقد».

وأجري الاستفتاء الدستوري بمصر في 19 مارس 2011، وعُلق دستور 1971 من المجلس العسكري الحاكم وقتها في 13 فبراير، بعد يومين من تنحي مبارك، وقد نظم المجلس العسكري لجنة من القانونيين لصياغة التعديلات المقترحة، لتمهيد الطريق لإجراء انتخابات تشريعية جديدة.

وتحدث اللواء سيف اليزل عن أن «أفرادا في القوات المسلحة والعاملين سواء كانوا صف ضباط أو جنودا أصيبوا بحالة نفسية سيئة جدا، وانخفضت معنوياتهم وتأثروا بشدة من اتهامات مرشد الإخوان»، لافتا إلى أن هذا يشكل بشكل عام تقليلا من حجم وقيمة القوات المسلحة في نظر الشعب المصري، وعرضه بشكل سلبي أمام الرأي العام العالمي، مشيرا إلى أن «هذا ليس في صالح البلاد وليس في صالح الأمن القومي والحفاظ على الاستقرار في مصر، خاصة في هذه الظروف التي نعيشها الآن وفي هذا التوقيت بالذات».

وطالب اللواء سيف اليزل «بضرورة أن نبعد القوات المسلحة المصرية تماما عن حالات النقد المستمرة»، بقوله إن «بعض تصريحات القيادات الدينية والسياسية في مصر يجب أن تخرج تماما عن نطاق النقد، حتى لا نصيب أو نؤثر على الحالة المعنوية للعاملين في القوات المسلحة».

وكان بديع أثنى على الجيش أمس أثناء إدلائه بصوته في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد. لكن اللواء سيف اليزل قال إن «المرشد لم ينف ما اتهم به القوات المسلحة»، لافتا إلى أن متحدثا إعلاميا من جماعة الإخوان حدثه مساء أول من أمس، بقوله: «نحن (الإخوان) لم نقصد الجنود، فهؤلاء الأجناد طيبون، وأننا كنا نقصد الشعب المصري ككل وليس القوات المسلحة، وأن المرشد لم يكن يقصد القيادة العسكرية بل القيادة السياسية بشكل عام». وأضاف اللواء سيف اليزل، أن كل هذا تراجع، مثل سلوكهم في الفترة الأخيرة وهو «التراجع في تصريحاتهم».

وقال الدكتور محمد بديع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خلال الإدلاء بصوته في الاستفتاء على الدستور أمس، في مدرسة الحديثة الإعدادية بنات بمحافظة بني سويف، إن الإعلام تسبب في إحداث الوقيعة بينه وبين القوات المسلحة و«جيشنا حمى مصر وقت الحرب والآن نحن نقف في ظهره وقت السلام، وعلى شرطتنا أن تتطهر وتكون شرطة تليق بمصر، ونرى هذا الشكل الذي كنا نشكو منه من قبل من فزاعة أمن الدولة ضد الشعب المصري ستكون درعا داخليا لمصر، والجيش يتفرغ للخارج فأمن مصر جيشها وأمانها شرطتها».

وحول ما قاله مرشد الإخوان، بأن الإعلام تسبب في إحداث الوقيعة بينه وبين القوات المسلحة، علق اللواء سيف اليزل قائلا: «لم يحدثك أحد لقول رأيك، أنت الذي قلت ذلك في رسالتك الأسبوعية».