المعارضة السورية تتهم النظام باستخدام قنابل غازات مجهولة في حمص

المقداد لـ«الشرق الأوسط»: وثقنا 18 حالة استخدام لـ«الكيماوي» حتى الآن

مقاتل من المعارضة السورية يتخذ ساترا خلال مواجهات مع القوات النظامية في حلب أمس (رويترز)
TT

اتهمت المعارضة السورية، أمس، القوات النظامية باستخدام قنابل سامة في حي البياضة في حمص، مشيرة إلى أن تلك القنابل «انبعث منها دخان أبيض يتضمن مواد سامة، أصابت بعض من تنشقها بالصداع والدوار والصرع». وجاء هذا التطور غداة الإعلان عن مجزرة حلفايا بريف حماه التي تضاربت الأنباء عن عدد القتلى الذين سقطوا فيها، بينما تواصلت الاشتباكات والقصف في مناطق واسعة من حماه وإدلب وريف دمشق، في يوم دامٍ جديد أحصت فيه لجان التنسيق المحلية 94 قتيلا في حصيلة أولية، بينهم 15 طفلا و3 سيدات، معظمهم في تلبيسة في حمص، ودمشق وريفها وحلب.

وعلى الرغم من تأكيدات روسيا أن «استخدام الأسلحة الكيماوية سيكون بمثابة انتحار سياسي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد»، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن «القوات النظامية السورية استخدمت قنابل تحتوي على غاز أبيض من دون رائحة، لكنه غير معروف» خلال قصفها مناطق في محافظة حمص.

ونقل المرصد عن ناشطين في المدينة قولهم: «استشهد 6 مقاتلين من الكتائب الثائرة والمقاومة ليلة أمس على جبهة الخالدية البياضة نتيجة إصابتهم بغازات خرج منها دخان أبيض، ولم تكن ذات رائحة».

وأشار المرصد إلى أن الغاز انتشر في المكان «بعد إلقاء قوات النظام لقنابل نثرت دخانا أبيض بعد اصطدامها بالجدران، بما يوحي بأنه نوع جديد لم يستخدم حتى الآن»، موضحا أن «كل من تنشق هذا الغاز شعر بدوار وصداع شديدين والبعض منهم أصيب بحالات صرع». وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية أن القنابل المستخدمة «ليست سلاحا كيماويا، لكن لا نعرف ما إذا كانت محرمة دوليا أم لا»، مشيرا إلى أن الناشطين «أكدوا أنها ليست أسلحة تقليدية وهذه الآثار تسجل للمرة الأولى».

في هذا السياق، أكد المنسّق السياسي والإعلامي في الجيش السوري الحر لؤي المقداد أن هذه الحالة «ليست الأولى من حالات استخدام النظام للسلاح الكيماوي في سوريا»، لافتا إلى أن المعارضة «وثّقت استخدام السلاح الكيماوي 18 مرة في ريف دمشق، وريف إدلب، وحمص وريف حماه».

وأوضح المقداد لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الغازات «تُستخدم لأول مرة»، لافتا إلى أنها «نوع جديد من الغازات السامة لم يُعلم عن وجودها في الترسانة الكيماوية السورية قبل هذا الوقت، مما يرجّح حصول النظام عليها حديثا»، معتبرا أنه «ليس هناك تخاذل من المجتمع الدولي أكثر مما نشهده». وإذ أشار المقداد إلى أن «الترجيحات الأولية تشير إلى أن هذا السلاح كيماوي»، أعلن أن المعارضة «رصدت استخدام أنواع جديدة من السلاح الكيماوي استُعملت بطريقة الرشّ، وأدت إلى ظهور طفح جلدي وإصابة المتعرضين لها بحالات اختناق».

بدورها، أفادت لجان التنسيق المحلية بإلقاء القوات النظامية «قنابل تحوي غازات على حي الخالدية (في حمص)»، مما أدى إلى «ارتخاء في الأعصاب وضيق شديد في التنفس وتضيق حدقة العين»، موضحة أنّه «لم يتمكن الأطباء حتى الآن من معرفة نوع هذا الغاز».

من جهته، ذكر «تجمع أحرار حمص» المعارض على صفحته على «فيس بوك» أنه «حسب مشاهدات الأطباء وبعد الاستماع إلى الشهود لما حصل في الخالدية، وبناء على الأعراض التي شوهدت على من تعرضوا للإصابة، فإن الغاز المستخدم في قصف حمص القديمة هو العنصر - agent 15»، مشيرا إلى أن «الغاز المستخدم يسبب أعراض عكس الأعراض التي تظهر على المتعرض للغازات السامة التقليدية»، مؤكدا أن «علاج المصابين بالأتروبين قد يؤدي إلى تفاقم الأعراض وقد تسوء الحالة».

وأوضح التجمع أن هذا الغاز «يتميز بفترة كمون ولا تظهر آثاره مباشرة على المتعرضين له»، لافتا إلى أن العلاج منه «يتم عبر استخدام عقار فيسوستغمين - PHYSOSTIGMINE».

ولفت التجمع إلى أنه «في حال كان الغاز المستخدم هو العنصر 15، فإن الغاز غير قاتل.. والأعراض تزول من تلقاء نفسها خلال ساعات مع مراعاة التهوية وتغيير الملابس وغسل المصاب».

إلى ذلك، قالت الهيئة العامة للثورة السورية إنه لم يعرف نوع تلك الغازات السامة، لكنها أقرب إلى غاز السارين الذي يسبب اختناقا وشلل أعصاب وعمى مؤقتا وهستيريا، وقد عجز الأطباء والممرضون المتطوعون عن إسعاف المصابين بسبب النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية.

وفي سياق متصل، أكدت قيادة جبهة حمص في بيان مصور أن القوات النظامية «استخدمت غازا ساما في حي البياضة أدى إلى مقتل 7 أشخاص، وإصابة 70 آخرين بحالات اختناق، بعضهم في حالة حرجة». وحمّل الناطق باسم الجبهة العقيد الركن فاتح حسون المجتمع الدولي ومؤسساته «عاقبة السكوت عن الأمر»، وقال: «إننا ننتظر تحرك العالم الحر لإنقاذ الشعب السوري». وأضاف حسون: «إذا كان النظام يمتلك السلاح الكيماوي، فإننا نمتلك الكثير من التكتيكات التي تفوق الكيماوي قوة لكننا نفضل عدم تنفيذها لتجنيب المجتمع السوري ويلات الحرب».

وتوعّد حسون، الذي يشغل موقع مساعد رئيس أركان الجيش السوري الحر، النظام السوري برد قوي، قائلا: «التكتيك في حمص سيقابله تكتيك لن تستطيع أنت وشبيحتك ردّه، ولن تبقى لدينا معادلة توازن الرعب السابقة».

وفي وقت تعرضت فيه دير بعلبة والحولة في حمص لقصف براجمات الصواريخ، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الطيران الحربي السوري «شنّ غارات جوية أمس على مناطق عدة بريف دمشق الذي يشهد اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين»، مؤكدا أن طائرات حربية عدة «نفذت غارات جوية على مدن وبلدات الغوطة الشرقيّة، رافقها تصاعد لسحب الدخان من المنطقة»، وذلك عقب أشار في تنفيذه «سابقا» غارتين على بلدة جسرين والمنطقة الواقعة بين بلدتي جسرين وكفربطنا.

وعلى خطّ موازٍ، أفادت لجان التنسيق المحلية بسقوط 7 قتلى على الأقل في وعدة جرحى السبينة في الريف، جراء سقوط قذائف في منطقة تجمع تجاري. وشهدت مدن عدّة منها عربين والمعضمية وداريا اشتباكات بين الجيش السوري النظامي والمعارضة المسلحة، وفقا للمرصد، فضلا عن تسجيل حي القابون في شمال شرقي العاصمة السورية وشارع الثلاثين في جنوبها اشتباكات بين الطرفين عند منتصف الليل. وأشار إلى مقتل مقاتلين معارضين في مدينة داريا التي شهدت اشتباكات وقصفا من قبل القوات النظامية، لافتا إلى تعرض مدينة دوما وبلدة الحجيرة للقصف من قبل القوات النظامية كما شهدت بلدتا عين ترما ويلدا تحليقا للطيران الحربي رافقها غارات جوية على الغوطة الشرقية.

بدورها، أفادت شبكة «سوريا مباشر» بوقوع اشتباكات عنيفة بين الجيش الحر والقوات الحكومية في حي تشرين وسط دمشق، بينما قالت لجان التنسيق المحلية إن الجيش الحر قصف ثكنة عسكرية بقذائف الهاون في حي الميدان بالعاصمة. كما قال ناشطون إن القوات الحكومية شنّت حملة مداهمات في حي البيبة في التل بريف دمشق.

وبث الناشطون صورا على مواقع الثورة السورية على الإنترنت، تظهر تعرض داريا لقصف عنيف، بينما قال ناشطون إن قوات النظام استهدف بلدات ومدنا عدة منها النشابية والمعضمية وداريا وعربين وسقبا، وتواصلت المعارك بين الثوار وقوات الجيش النظامي على أكثر من محور في المنطقة.

إلى ذلك، أعلنت الجبهة الشعبية القيادة العامة، أمس، مقتل مسؤول عملياتها في سوريا وعضو مكتبها السياسي نضال عليان خلال مواجهات في مخيم اليرموك، موجهة أصابع الاتهام إلى الجيش السوري الحر. وقال الناطق باسم الجبهة في رام الله بالضفة الغربية حسام عرفات في بيان نشرته وكالة الصحافة الفرنسية إن «جبهة النصرة التابعة للجيش السوري الحر اغتالت نضال عليان (أبو النورس) عضو اللجنة المركزية للجبهة وقائد العمليات فيها، وذلك في مخيم اليرموك في دمشق»، محملا الائتلاف السوري المعارض «ممثلا برئيسه معاذ الخطيب المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة، بصفته الجهة السياسية التي تدعم وترعى وتغطي مجموعات الجيش الحر وجبهة النصرة».

وفي حماه التي لم تُشفَ من مجزرة حلفايا، أول من أمس، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بوقوع اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين بمحيط قرية معان التي يقطنها موالون للنظام ترافقت مع قصف بالطائرات الحربية على محيط المنطقة. وأكد ناشطون ومقاتلون من المنطقة أنهم شاهدوا طائرة حربية تسقط بعد إصابتها. وقال المرصد إن الاشتباكات أسفرت عن تدمير دبابتين وسقوط خسائر بشرية بصفوف الطرفين وبقيت تدور في بلدة مورك شمال مدينة حماة وقرية بسرين جنوب المدينة.