10 أحزاب جزائرية معارضة تتهم السلطة بـ«التخاذل» أمام الرئيس الفرنسي

قالت إن هولاند زار الجزائر وكأنه يتفقد مقاطعة فرنسية وراء البحر

TT

عبّر قادة 10 أحزاب جزائرية عن «صدمتهم الشديدة» إزاء ما سموه «التغييب القسري للمصالح والمطالب المشروعة للشعب الجزائري من زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند»، التي جرت يومي الأربعاء والخميس الماضيين، والتي ما زالت تثير جدلا كبيرا نظرا للروابط غير العادية التي تجمع البلدين.

وقال مسؤولو الأحزاب في بيان وقعوه أمس بصفة جماعية، إن الجزائريين «كانوا يترقبون أن تكون هذه الزيارة فرصة أخرى بين البلدين والشعبين لتحسين فرص التعاون، وتطوير العلاقات الثنائية، وحل المشكلات التاريخية، وتسوية الملفات العالقة، وبذل جهود أكبر لتوطيد علاقة متوازنة بين البلدين خدمة لمصلحة الشعبين، بيد أنها كانت زيارة سلبية في النهاية لم تحقق ما كان يتطلع إليه الشعب الجزائري من الاعتراف والاعتذار والتعويض»، في إشارة إلى أمنية قطاع من الجزائريين أن يعترف هولاند صراحة بجرائم الفترة الاستعمارية (1830 - 1962)، وأن يقدم الاعتذار عنها.

وقال هولاند الأربعاء في مؤتمر صحافي، إنه لم يأتِ إلى الجزائر لـ«التصريح بأي شعور بالندم، ولكن الحقيقة يجب أن تقال». وأدان في خطاب ألقاه في اليوم التالي الاستعمار قائلا: «أعترف بأنه كان نظاما وحشيا وظالما جدا». وقال محللون إن هولاند اقترب من الاعتذار بعد أن تلفظ بهذه الكلمات، التي لم يسبقه إليها رؤساء فرنسا الذين زاروا الجزائر.

وتنتمي الأحزاب العشرة لما يسمى «التيار الوطني المعارض»، ويوجد ضمن المجموعة حزبان إسلاميان هما «حركة المجتمع الإسلامي» التي فكت ارتباطها مع الائتلاف الداعم للرئيس عبد العزيز بوتفليقة مطلع 2012، و«حركة النهضة». وجاء في البيان الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه: «إن النظام الجزائري يتحمّل مسؤولية الإخفاق والفشل والتخلي عن طرح قضايا واهتمامات الشعب الجزائري مقابل انشغالات واهتمامات الشعب الفرنسي التي دافع عنها رئيسه بامتياز».

وأضاف البيان: «إن الخلاصة التي توصلنا إليها من خلال قراءتنا مجريات هذه الزيارة، تؤكد حقيقتين مهمتين؛ الأولى أن الرئيس الفرنسي لم يحترم دولة ذات سيادة، لها شعب محترم، وكأنه جاء لتفقد مقاطعة من مقاطعات ما وراء البحار، وتصرف فيها وكأن الطرف الآخر غير موجود. والثانية: لوحظ أن كلمته هي العليا، إذ نفذ برنامج زيارته حرفيا، ووقع الاتفاقيات التي تخدم مصلحة الشعب الفرنسي، بينما غاب صوت الجزائر بشكل لا يعكس طموحات وتطلعات الرأي العام الوطني». وتم التوقيع على «إطار لشراكة استراتيجية» مدته 5 سنوات، في اليوم الأول من زيارة الدولة. وكانت نفس الأحزاب نددت بوجود «متعاونين مع الاستعمار» ضمن الوفد الرسمي الذي رافق هولاند، في إشارة إلى الوزير الفرنسي المنتدب لقدامى المحاربين، عبد القادر عريف، الذي ولد بالجزائر وهو ابن متعاون مع الاستعمار ضد ثورة التحرير (1954 - 1962).

وقال أصحاب البيان إنهم يشعرون بـ«الإهانة أمام الضعف الذي أصاب الدولة الجزائرية، والتعامل المتعالي الذي طبع زيارة الرئيس الفرنسي الذي يعود أساسا لاعتقاده بعدم شرعية هذا النظام القائم على التزوير والاحتيال، وغياب المصداقية، ومصادرة إرادة الشعب، وتبذير أموال الجزائريين في شراء صمت المواطن وذمم الدول الكبرى على عدم شرعيته، وتقديم كل ما يمكن من تنازلات لافتكاك تأشيرة المرور إلى ولاية رابعة». ويقصد البيان بـ«ولاية رابعة» رغبة مفترضة لدى الرئيس بوتفليقة الترشح لفترة رئاسية جديدة، بمباركة من الغرب، وتحديدا فرنسا. وعاب قادة الأحزاب العشرة على هولاند أنه «سمح لنفسه بالتدخل في الشؤون الداخلية لبلد مستقل، بإعلانه عن تعديل دستور لم يطرح أصلا للنقاش»، في إشارة إلى تعهد بوتفليقة قبل 20 شهرا، بتعديل الدستور، ثم سكت عن وعده، مما أوحى بعدم تنفيذه.